الحدث

إحياء لليوم الوطني للطالب الجزائري

مكاسب وتشجيع على الابتكار

تأتي ذكرى إحياء اليوم الوطني للطالب اليوم، مُخلّدة للذكرى الـ 69 لإضراب 19 ماي 1956 التاريخي، حين قرر طلبة الجامعات والثانويات شن إضراب عن الدروس والامتحانات، تلبية لنداء جبهة التحرير الوطني، والالتحاق بصفوفه ما شكل نقلة نوعية في مسار الثورة التحريرية المجيدة الذي قام فيه الشباب الجزائري المثقف دورًا بارزا ومحوريًا في مسار النضال التحرري، من خلال مساهمته الفعالة ومشاركته المؤثرة في نشر الوعي السياسي في أوساط الشعب الجزائري، وتحمّل تضحيات جسيمة في سبيل الحرية والاستقلال.

وعليه فإن اندلاع الثورة في الفاتح نوفمبر من سنة 1954، كانت بمثابة جرعة أمل لجيل من الشباب المثقف الحالم آنذاك بجزائر مستقلة من قيود المستدمر الغاشم، حيث أخذ على عاتقه الانخراط وبأعداد هائلة في ثورة التحرير، بل وأنّ مجموعة كبيرة من الطلبة قدموا أرواحهم لمقاسمة ثوار جبهة التحرير الوطني ما يكابدونه من بطش وغطرسة الاحتلال الفرنسي.

 

نقلة نوعية في مسار الثورة التحريرية

يستحضر اليوم الطالب هذه الذكرى، التي تُعيد إلى الأذهان التحاق طلبة الجامعات والثانويات بالعمل السياسي والمسلح في صفوف جبهة التحرير الوطني، وكان ذلك بمثابة قيمة مضافة لجيش التحرير الوطني في المقام الأول، حيث وبفضل مستواهم التعليمي وإتقانهم للغة الفرنسية، تمكنوا من تقلد مسؤوليات عديدة في هيكلة العمل الثوري والتعريف بمقاصد الثورة المسلحة وبشكل خاص في المحافل الدولية، وذلك اعترافا من الرعيل الأول لجيل التحرير بهذه “النخبة” وما ستقوم به لاحقا من دور فاعل في دعم الثورة، إلى جانب المساهمة الفعّالة في وضع الدعائم الأساسية للدولة الجزائرية في كل القطاعات، بحيث يعتبر انصهار الحركة الطلابية في جبهة التحرير الوطني بمثابة “قرار تاريخي”، ينم عن وعي وإدراك لدور ورسالة المثقف خلال تلك الحقبة.

وتعود الذكرى مخضبة بدماء الشهداء ومنهم الطلبة الجزائريين، في ظل مكاسب عدة تم تحقيقها اليوم للطلبة على غرار تشجيع الكفاءات العلمية على الابتكار والإبداع لمسايرة التطور التكنولوجي في العالم، بحيث تضطلع الجامعة الجزائرية، اليوم، أكثر من أي وقت مضى بدور ريادي للارتقاء بالجزائر إلى مصف الدول المتقدمة، وبشكل خاص كل ما له صلة بالعلوم والتكنولوجيا، حيث قطعت أشواطا كبيرة وحققت أهدافا كانت من رابع المستحيلات تحقيقها من قبل وسجلت خلال السنوات الأخيرة، خطوات هامة ترجمتها العناية الخاصة التي يوليها رئيس الجمهورية، السيد “عبد المجيد تبون” لفئة الطلبة، حيث أكد في أكثر من مناسبة، على “دعم الدولة لمشاريع الطلبة وتشجيعهم على المزيد من الابتكار والإبداع والتوجه نحو استحداث مؤسساتهم الناشئة”.

إلى جانب إجراءات عاجلة اتخذها لصالح الطلبة الجزائريين، على غرار الرفع من قيمة المنحة الجامعية والشروع في مخطط الإصلاح الشامل للخدمات الجامعية، وهو ما يؤكد رؤيته السديدة للاستثمار في الطلبة، باعتبارهم من أهم الثروات التي تعتمد عليها الجزائر مستقبلا.

 

الرؤية الإصلاحية للجامعة الجزائرية

وتنفيذا للرؤية الإصلاحية للجامعة الجزائرية، أعرب رئيس الجمهورية في عدة مناسبات عن أمله في أن تكون المدارس الوطنية العليا بالجزائر و”الفريدة من نوعها إفريقيا وعربيا”، بداية لانطلاقة جديدة وفي هذا المنحى، جاء تدشين القطب العلمي والتكنولوجي الشهيد “عبد الحفيظ إحدادن” بالمدينة الجديدة سيدي عبد الله لتعزيز شبكة المدارس الوطنية العليا، من خلال إنشاء خمس مدارس وطنية تضمن التكوين في تخصصات علمية دقيقة مختلفة، لاسيما منها الرياضيات، الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي. وعليه، أطلقت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، شهر مارس المنصرم، الطبعة الأولى لـ “جائزة رئيس الجمهورية للباحث المبتكر” الموجهة لفائدة الأساتذة الباحثين والطلبة الذين تتميز أعمالهم بالأصالة والأثر العلمي والاقتصادي.

وبالنظر إلى الأهمية التي يكتسيها البحث العلمي كأولوية في الجزائر الجديدة، المنتصرة، حظي هذا القطاع باستثمارات وتمويل هامين، حيث بلغت الميزانية المخصصة له خلال سنة 2024 ما يعادل 18 مليار دج مقابل نحو 8 مليار دج سنة 2020، ما يمثل زيادة تفوق 112 بالمائة. كما شهدت هذه الميزانية ارتفاعا آخر سنة 2025، بنسبة 10 بالمائة مقارنة بالسنة التي قبلها، لتبلغ 20 مليار دج. كما عرف الموسم الجامعي الجاري استحداث بيئة مقاولاتية تضم 117 حاضنة أعمال، لمرافقة أصحاب الأفكار المبتكرة، علاوة على 107 مركز لتطوير المقاولاتية، يضاف إلى ذلك المسعى المتبع لانتقال مؤسسات جامعية إلى جامعات الجيل الرابع.

للرؤية الإصلاحية للجامعة الجزائرية وعلى صعيد التضامن مع الدول الشقيقة والصديقة، شكلت الجامعة الجزائرية، منذ الاستقلال، أحد أوجه الوفاء لمبادئ التضامن والأخوة مع مختلف الدول الإفريقية، وهو ما أكده رئيس الجمهورية العام المنصرم، خلال مشاركته بنواكشوط في المؤتمر القاري حول التعليم والشباب وقابلية التوظيف، أين أبرز أنه “انطلاقا من الروح الأصيلة في سياسة الجزائر الخارجية المبنية على أولوية التضامن الإفريقي، فإنها لم تدخر جهدا للمساهمة في النهوض بمجالات التربية والتعليم والتكوين في القارة، حيث تستقبل الطلاب من مختلف الدول الإفريقية الشقيقة في الجامعات ومعاهد التكوين والتدريب”.

حيث كشف رئيس الجمهورية، في هذا الصدد، أن عدد الطلبة الأفارقة المسجلين في الجامعات الجزائرية خلال سنة 2024، قد قارب 6000 طالب. كما تخصص الجزائر 2000 منحة دراسية سنوية في التعليم العالي و500 منحة دراسية في التكوين المهني للطلبة الأفارقة، علما بأنه تم توفير فرص التعليم والتكوين لـ 65 ألف طالب إفريقي شاب في مختلف التخصصات بالمعاهد والجامعات منذ استقلال الجزائر.

هشام رمزي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى