تكنولوجيا

موظفون رقميون بهوية كاملة… هل بدأ عصر الاستغناء عن الموظف البشري؟

موظفون رقميون بهوية كاملة .. تستعد شركة “مايكروسوفت” لطرح جيل جديد من وكلاء الذكاء الاصطناعي، القادرين على أداء مهام الموظفين الفعليين داخل المؤسسات، في خطوة تُعد من أبرز التحولات التي قد تعيد تعريف المكاتب الحديثة، حيث سيحمل هؤلاء الوكلاء هوية موظف كاملة داخل أنظمة الشركات بدء من بريد إلكتروني خاص، وصولا إلى حساب رسمي على منصات العمل الداخلية، مما يجعل وجودهم قريبا جدا من دور العامل البشري داخل فرق العمل.

 

ويحمل هذا النوع الجديد من الوكلاء اسما مخصصا يشير إلى قدرته على العمل باستقلالية وتولي مهام متعددة، ومن المتوقع أن يبدأ طرحه خلال شهر نوفمبر الجاري، وفق ما أكد أحد التقارير التقنية الذي اطلعت عليه منصة إخبارية معروفة، ويأتي ذلك ضمن استعدادات الشركة لبدء مرحلة جديدة تتجاوز مفهوم المساعد الرقمي التقليدي إلى نموذج أقرب لزميل عمل افتراضي يشارك في مختلف الأنشطة ويؤدي ما يُطلب منه دون حاجة لمتابعة مستمرة.

 

وتشير المعلومات إلى أن الشركة ستوفر منصة خاصة لاقتناء هؤلاء الوكلاء ضمن ترخيص جديد مستقل يختلف عن التراخيص المعتادة التي تستخدمها المؤسسات، وهو ما يفتح الباب أمام صياغة نمط جديد لإدارة الموظفين الرقميين الذين سيتمتعون بوجود رسمي داخل الهياكل الإدارية للمؤسسات.

 

تحول من المساعدة إلى المشاركة الفعلية

يتميز هذا الجيل الجديد من الوكلاء بأن دوره لن يقتصر على تنفيذ الأوامر وإعداد المهام البسيطة، بل سيتولى مهام أكثر تعقيدًا مثل إرسال الرسائل الإلكترونية، والانضمام للاجتماعات، وتحرير الملفات، وتنفيذ الأعمال اليومية بشكل مستقل، الأمر الذي يجعله أقرب إلى عنصر بشري كامل يشارك في سير العمل ويرتبط مباشرة بزملائه ومديريه.

ويرى محللون أن هذا التحول قد يؤدي إلى ارتفاع كبير في الإنتاجية داخل المكاتب، إذ يمكن للموظف الرقمي أن يتولى أعمال المتابعة وتحرير التقارير، وإنجاز الالتزامات الروتينية بكفاءة وسرعة، مما يتيح للعامل البشري التركيز على المهام الاستراتيجية التي تتطلب معرفة متقدمة، غير أن هذا التطور لا يخلو من تساؤلات جوهرية تتعلق بالإدارة والأمن والمسؤولية، خاصة مع قدرة الوكيل الرقمي على اتخاذ قرارات مستقلة قد تؤثر على نتائج العمل.

ويطرح هذا التحول، أسئلة جديدة حول من يراقب أداء الموظف الرقمي، وكيف يمكن التعامل مع الأخطاء التي قد يرتكبها مثل إرسال رسالة غير صحيحة أو اتخاذ قرار غير دقيق، كما يثير النقاش حول حدود الصلاحيات التي يجب أن يتمتع بها هذا النوع من الوكلاء في بيئة عمل تتطلب دقة عالية في اتخاذ القرارات.

ومن المنتظر، أن تكشف الشركة عن مزيد من التفاصيل خلال مؤتمر تقني يقام بين ١٨ و٢١ من نوفمبر، حيث يُرجح أن يتم عرض هذه التقنية رسميًا لأول مرة، ما سيتيح للمؤسسات رؤية آليات استخدام الوكلاء الرقميين بصورة عملية.

 

موظفون رقميون بهوية كاملة .. تشريعات جديدة ومفاهيم عمل مختلفة

تدرس الشركات والجهات الحكومية مستقبلًا كيفية التعامل مع الموظفين الرقميين، خاصة في ما يتعلق بتسعيرهم وآليات استخدامهم، إذ لم يتضح بعد ما إذا كان سيتم بيعهم لكل مؤسسة على حدة أو إدراجهم ضمن باقات واسعة تشمل خدمات متعددة، كما تشير التوقعات إلى أن المجالات الأولى التي قد تعتمد على هذه الوكلاء تشمل الدعم الفني والإدارة والبرمجة، نظرًا لطبيعة أعمالها المتكررة التي تحتاج إلى إنجاز سريع ودون أخطاء.

ويرى مختصون أن إدخال موظفين رقميين إلى بيئة العمل، سيجبر المؤسسات على وضع لوائح جديدة تنظم العلاقة بين الذكاء الاصطناعي والعامل البشري، خصوصًا فيما يتعلق بالإشراف المهني وحدود المسؤولية وتوزيع المهام، مما يعني بداية مرحلة جديدة قد تُعاد فيها صياغة مفهوم الوظيفة داخل المكاتب الذكية.

كما أن هذا التحول يفرض على المؤسسات إعادة التفكير في البنية الإدارية وأساليب المتابعة واتخاذ القرار، حيث سيصبح الوكيل الرقمي جزء من الفريق ويتفاعل مع الأنظمة الداخلية بصفة رسمية، مما يوسع نطاق الاعتماد على الذكاء الاصطناعي ويعيد تشكيل الأساليب التي تُبنى عليها العمليات اليومية.

وتشير التوقعات إلى أن إدماج هذا النوع من الموظفين قد يقود إلى إعادة تقييم واسعة لطبيعة العمل المكتبي، ويعزز من قدرات المؤسسات على تطوير نماذج إنتاجية أكثر مرونة ودقة، في وقت يزداد فيه اعتماد العالم على التحول الرقمي لتعزيز الكفاءة وتحقيق نتائج أسرع وأكثر جودة.

 ياقوت زهرة القدس بن عبد الله

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى