تكنولوجيا

الموديلات الافتراضية بالذكاء الاصطناعي تعيد رسم ملامح الجمال والإعلان الرقمي

الموديلات الافتراضية بالذكاء الاصطناعي .. يشهد عالم الإعلام والإعلان تحولًا جذريًا مع صعود الموديلات الافتراضية التي يصنعها الذكاء الاصطناعي. فلم يعد دوره مقتصرًا على تحسين الصور أو تحليل البيانات. بل أصبح عنصرًا رئيسيًا في ابتكار وجوه رقمية تمثل العلامات التجارية. وهو تطور غير مسبوق يثير إعجابًا واسعًا وقلقًا في الوقت نفسه. إذ أصبحت الخوارزميات قادرة على توليد عارضين افتراضيين يتفاعلون مع الجمهور. بطرق دقيقة وشخصية. لتتحول الإعلانات من صور جامدة إلى تجارب غامرة ومخصصة لكل فرد. ومع ذلك، فإن هذا التحول المذهل يضع العالم أمام تساؤلات أخلاقية عميقة. حول حدود الابتكار وموقع الإنسان في صناعة باتت تمجّد الكمال الرقمي. وتعيد تشكيل مفهوم الجمال والحقيقة.


 

الموديلات الرقمية بين الإبداع والتهديد

مع تطور التقنيات التوليدية أصبح بالإمكان تعديل ملامح الوجوه والأجساد واستبدال العارضين الحقيقيين. بصور رمزية تولدها الحواسيب. وهو ما يفتح آفاقًا جديدة للإبداع لكنه يثير في المقابل قضايا تتعلق بالهوية وحقوق العاملين.

فقد تناول حدث نظم ضمن أسبوع الموضة في نيويورك هذه الإشكالية. موضحًا أن إدخال الذكاء الاصطناعي في صناعة الأزياء غيّر طبيعة عمل العارضين .وقلّص من قيمتهم الاقتصادية.

وأكد الباحثون المشاركون أن العارضين لا يملكون السيطرة على صورهم ولا يملكون حقوق استخدامها. كما أوضحوا أن غياب النقابات المهنية يجعلهم في وضع هش أمام الوكالات والشركات الكبرى.

حيث يمكن إعادة استخدام صورهم أو تعديلها دون إذن أو مقابل مادي. وكشف عدد من العارضين عن ظاهرة مؤلمة تتمثل في دمج صور عدة أشخاص في وجه واحد. أو تعديل ملامحهم لتتوافق مع معايير جمال محددة.

وهي ممارسات يرونها شكلًا جديدًا من التمييز الرقمي. وأشارت الدراسة إلى أن هذه التقنيات قد تعزز صورًا نمطية غير واقعية للجمال. وتعمّق الفجوة بين المظهر الحقيقي والصورة المثالية.

 

الموديلات الافتراضية بالذكاء الاصطناعي .. الابتكار على حساب الحقيقة

رغم أن بعض العلامات التجارية أعلنت صراحة استخدامها للذكاء الاصطناعي لتقليل التكاليف وتعزيز الابتكار. فإن الواقع يكشف عن ثمن باهظ تدفعه الفئات الأكثر هشاشة في الصناعة.

فقد بينت أبحاث حديثة أن عارضي التجارة الإلكترونية هم الأكثر عرضة لفقدان فرصهم مع انتشار النماذج الرقمية. التي يمكنها تمثيل تنوع ظاهري زائف.

كما ظهرت مشكلات خطيرة تتعلق بعدم التحقق من الصور المولدة. إذ استخدمت أحيانًا وجوه لأشخاص في سياقات لا علاقة لهم بها. ما أثار جدلًا حول المسؤولية القانونية والأخلاقية للشركات. ولم يتوقف الجدل عند ذلك بل وصل إلى كبرى دور الأزياء والمجلات.

حيث تعرضت حملات إعلانية لانتقادات حادة بعد اكتشاف أن الوجوه المستخدمة فيها ليست حقيقية، وهو ما أثار اتهامات بالخداع والتلاعب بالجمهور، كما حذر خبراء الصحة النفسية من آثار هذه الصور المثالية على إدراك الذات، معتبرين أن التكرار المستمر للوجوه المصطنعة يجعلها مألوفة ويؤثر سلبًا على نظرة الإنسان لجسده وجماله الطبيعي.

وفي خضم هذه التحولات يبقى السؤال مفتوحًا حول ما إذا كان الذكاء الاصطناعي يسعى إلى تمكين الإنسان أم إلى تجاوزه، فبينما يَعِدُ بفرص جديدة للإبداع فإنه يهدد في الوقت ذاته بإلغاء البعد الإنساني الذي يمنح الفن والإعلان روحه الحقيقية، ليبقى التحدي الأكبر هو إيجاد توازن يضمن للإنسان مكانه في عالم يزداد رقمية وبرودة يوماً بعد آخر.

ياقوت زهرة القدس بن عبد الله 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى