زوايـا وأقـلام

الـقـلـوب الـنـازفـة

اعتراف في محراب أنثى

 يدور شريط الذاكرة أمام قلب كله حنين إليك، وأنا ألملم أشلائي الممزقة في معبدك وأستجمع أوراق هويتي يوم توسّدت بالأمل حتى الوهم، وليلة حلمت بزفافه من حيث لا أدري.. لحظتها تساءلت كثيرا وكل شيء يتحطم أمامي دكة واحدة..

…مازلت أسير حبك الذي نفاني إلى جزيرة عينيك كي أبحر فيهما دون شراع أو خريطة محددة، أبحث عن إشراقه تائهة تنقذني من هيامي في أثرك، لم أعرف كيف دخلت قلبي وبيني وبينك مسافات طويلة وأسوار سميكة، أناديك ربما يخترق صوتي آفاق الصمت وينفذ إليك عبر عتبة  الانتظار، لكن سرعان ما أصحو على قسوة الأيام لأجد الحريق قد خلّف رمادا، وبكل براءة أستنجد بقافية الربيع لأصنع منها تأشيرة عفوية تجعلني أقترب منك أكثر، ربما ألغي بها كل المحطات والرحلات، وتتكلم الآهات لتلتحم مع انتفاضة أحزاني، لحظتها أدرك يقينا منذ أن وضعتني أمام عين الحقيقة كراهية، بأن لقاءنا لم يكن بيدي بل خطه القدر قبل أن أعرفك وأغوص في رحم حبك، وبأنّ كل ما قلناه سيبقى هكذا مثل أنيس جميل لا يزعجه الفراق ولو أنه ملوّن بريشة العذاب، وأفهم حينها بأنّ حبك أكبر قمار، فلا أحتمل السقوط تحت حوافره..إذن لن أتراجع عن قراري أو أتسامح في ذرة واحدة من ذلك العهد الذي أعطيته لك يوم زاد جمالك حين ابتسمت واطمأنّ قلبي لما رضيت.

…أنت إلهامي الطروب بل ولغز دفين وسهم حكيم سكن الفؤاد فأمدّه بالوحي والإبداع كي تربضين في عمق الذاكرة، فهمت من قداسة أسراره أشياء كثيرة كنت أجهلها… كيف أرسم بالحروف قوّة أبدد بها صراخ الحياة وأبعثر صمت الفراغ… كيف أصبحت سائحا أهوى اقتحام حلبة المعاناة في ثنايا المغامرة، وليس لدي سلاح سوى عينيك الجميلتين اللتين تتراء في بؤبؤيهما براءة الملاك… وأنا أعرف مسبقا، بأنني لن أقدر مجرد التفكير في إسقاط يوم جميل أو لحظة رائعة من سجل الذاكرة، لأنك أصلا سكنت قلبي وعقلي فرحت أسكب المداد تلو المداد لأضع حدا للهذيان، ممتطيا صهوة العزاء بكل إباء وكبرياء.” ألا صبرا جميلا أيها القلب…

…أغازل قلمي بحجم الشوق إليك وأحمل معي عشق الأسفار وقلبي الهامد في السرداب، أتأمّل كنزي المخبئ خلف الأحداق وفي الزمن الممتد بين الظل والنور، أخوض رحلة معلّقة الشدقين ربما تمنحني نشوة الحلم فأركض على صفائح القرائح المبتلة بالحنين إليك..أستحضر صورتك الملائكية مثل عرّاف يقرأ خطوط الفنجان، لحظتها أشعر بهواء خفيف يداعب دفاتر أيامي.. سيدتي، حبا في الله..هل استبقيتنني للذكريات دون مخاطبتي؟..

…دعيني أصارحك مثل مريض مع طبيبته، لقد صنع الله لي ما لم يخطر ببالي، فملأت عيناي مهابة وقد تساءلت كثيرا..ما هذا الركب القادم الذي عدت أفرح لرأياه وأشتاق إليه وأنا في حضرته وأتحسر حين يغيب عن ناظري؟.. وهكذا انطلقت باحثا عنك في أغصان صدري التي سكنتها عشرات الجروح وقد رويت لك قصة كل جرح منفرد، وأنا أشفق عليك ومعاتبا نفسي..أين أنت من هذا الإلهام الطروب؟…

…مغفرة لو أكتنز الكلمات تزلّفا، فحين ينبض القلب بالحب فلا مجال للشك أو القلق أو الخوف، بل يجب الاستجابة إليه بعين العقل ومهما كان الثمن، أصلا لا أعرف متى وكيف أحببتك، لكنني سأظل وفيا لوجهك الملائكي الذي قزّمني وجعل من غيومي شموسا دافئة.. لن أتخط هذا الحط الرومانسي مهما كانت الأسباب ولو لسؤالك ألف جواب وجواب..وغدا يا سيدتي، حتما سأنفض حنيني البكر على وديانك لأروّض به ألمي المعتق، اليوم الحال غير حال الأمس لأنّ شعوري نحوك أبلغ من كل حديث، فالقدر سبقني إليك وعليه كتبت إليك بمخاوفي وأشجاني خفافا وثقالا..هكذا أقرأ الحب في عينيك..

… معذرة سيدتي..فليكن مرسومك مكتوبا بمداد الروح أو منطوقا من رحم القلب، فليكن مصيرنا أن نزرع حلما جميلا يخرجنا من عقر هذا الجفاف وعقم الرماد وتردده الصبايا وتغنيه العذارى في نشوة الإحصاب.. وآخر الكلام هي بدايته، فمهما أبدعت في الكتابة إليك فلن تكون سوى مجرد رحلة للكلمات قد تضيع في رواق كله مرايا، وقد تذبح حروفي بشفرة الهيام أمام معبدك المقدس لتدشين مراسم عشقي وطقوس أفراحي المؤجلة حتى إشعار آخر…لأجل كل هذا وإكراما لعينيك يا سيدتي…هل أجرمت حين أحببتك؟..

 

 بقلم: رامـي الـحـاج

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى