
ترحم “عبد المجيد تبون”، رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدفاع الوطني يوم أمس الجمعة بمقام الشهيد بالجزائر العاصمة، على أرواح شهداء الثورة التحريرية المظفرة، وهذا بمناسبة الاحتفالات المخلدة للذكرى الـ62 لعيد الاستقلال والشباب. كما قام رئيس الجمهورية بوضع إكليل من الزهور أمام النصب التذكاري المخلد لشهداء الثورة التحريرية المجيدة، وقراءة فاتحة الكتاب ترحما على أرواحهم الطاهرة.
وكان رئيس الجمهورية “عبد المجيد تبون” قد توجه برسالة مهمة إلى الشعب الجزائري بالمناسبة، داعيا أياه إلى الافتخار بجزائريته التي صقلها التاريخ، بتضحيات جسام، قائلا: “في تاريخ الجزائر محطات مضيئة تستوقفنا ذكرياتها وتستميلنا عبرها ويرفع هاماتنا شموخها، فنقف لنتذكر التضحيات ونستلهم العبر ونجدد العهد. إن ذكرى استقلالنا الوطني الثانية والستين التي يشملنا أريجها هذه الأيام هي محتوى كل المحطات اليانعة بعد أن كانت ثورة نوفمبر 1954 عنوانها وبذرتها. وإذا كانت كل أمم الأرض التي عاشت ويلات الاستعمار تجعل من تاريخ استقلالها معلما للأمجاد وعيدا وطنيا لإحياء المآثر، فعيد استقلالنا الوطني يقف على صدارة المنصة الأمامية ويشغل الحيز الأكبر، ذلك لأن صنف الاستعمار الاستيطاني الذي كابدناه وجالدناه طيلة قرن وثلث القرن لم يكن له مثيل في ضروب الاستعمار الأخرى، كما أن استماتة شعبنا في دحر هذا الاستدمار ومناجزته عبر المقاومات الشعبية والحركات الوطنية وثورة التحرير الغراء لم يكن لكل ذلك نظير في أمة أخرى، لا من حيث حجم التضحيات ولا من حيث قوة الصمود ولا من حيث شراسة العدو، ويكفي أن نذكر رقم مليون ونصف المليون من الشهداء حتى يتبادر إلى ذهن كل إنسان عبر أرجاء المعمورة حجم التضحيات والملاحم والبطولات”. وأضاف الرئيس أنه الفخر الذي لا يدانيه فخر، وإنها العزة التي لا تعلو عليها عزة، وإنه الإرث الذي لا يقدر بثمن ولا يتضاءل مقداره القيمي بالتقادم. مردفا أن الجزائر التي ظلت على الدوام تتحرك في فلك إرث الشهداء وتستنير بإشعاع ثورتنا الخالدة لهي مدركة تمام الإدراك، أن الاستقلال الذي ننعم به اليوم هو نتاج مقدس لأنهار من الدماء الزكية وقوافل متكاتفة لرموز قدموا أرواحهم على مذبح الحرية، وإننا سنظل واقفين مجندين على حمى هذه التضحيات نصون وديعة الشهداء ونحمي حياض الوطن من أجل مواصلة وضع لبنات أخرى لتشييد صرح الجزائر التي حلم بها الشهداء الأبرار. وواصل رئيس الجمهورية، رسالته إلى الشعب بقوله: “إن الجزائر اليوم التي لا تفتأ تذكر بالمرجعية النوفمبرية وتقدر رمزية الاستقلال وعمق ذكراه، هي في الوقت نفسه ماضية بلا تردد في مسار الأخذ من هذا النبع الصافي ضابطة كل خياراتها وقراراتها ومواقفها ومشاريعها وفق ما خطته ثورة نوفمبر الخالدة وما أفضت إليه من استقلال شهد العالم بأسره أنه افتك افتكاكا وقدمت على قربانه أغلى الأثمان. وفي ذات الإطار، أكد الرئيس أنه لم يكن خافيا أن المرحلة التي قطعناها كانت محفوفة بالتحديات سواء ما تعلق بمعالجة الملفات الداخلية أو وضعية المقام الذي يليق بصورة الجزائر في الخارج، ولكن صدق النوايا وعزيمة الرجال واستشعار شرف المهمة، كان دوما يبشر بالانتصار رغم حدة العوائق. نعم، لقد انتصرت الجزائر، انتصرت وهي تسترد إلى حضن أبنائها وشرف اسمها وهرم مقامها، انتصرت الجزائر في إعادة الثقة بغد أفضل، انتصرت في إعادة تماسك اللحمة الوطنية، انتصرت في إحياء الأمل، انتصرت في الإنعاش الاقتصادي، انتصرت في النهوض بالطبقات الهشة واكتساب ثقة الشابات والشبان، انتصرت في رسم الصورة التي تليق بالجزائر على المستويين الإقليمي والدولي، انتصرت بصوتها المرفوع ومكانتها المحفوظة في المحافل الدولية، انتصرت وهي تهز ضمير العالم في قضية الراهن الإنساني مأساة فلسطين الشقيقة. كما أكد الرئيس أن الجزائر حققت الانتصار تلو الآخر على كل صعيد خاضته، وسيتحقق الأجزل والأوفر والأثمن في قابل المراحل إن شاء الله. مردفا أن ذكرى استقلالنا الوطني لتبعث فينا الهمة والإدراك لمعنى أن يكون لك وطن بحجم ومكانة الجزائر، هذا الوطن العظيم الذي لم يخذله أبناؤه في أحلك ظروفه، وكلما استدعاهم لمهمة لبوا نداءه، هذا الوطن الذي بث فينا جميعا روح الإقبال عليه والامتثال لأحكامه كلما كان الموعد دقيقا وحاسما لنكون جديرين بالانتماء إليه.
واختتم رئيس الجمهورية رسالته بالقول: “عاشت الجزائر تنعم باستقلالها ورفعتها وواعد مستقبلها متذكرة في كل حال وأوان أمجاد ثورتها تحت بنود استقلالها، مغتنما هذه السانحة المجيدة لأترحم على أرواح شهدائنا الأبرار، مهنئا أخواتي المجاهدات وإخواني المجاهدين بهذه المناسبة، وداعيا العلي القدير أن يديم عليهم نعيم الصحة والعافية ويبارك في أعمارهم.
تحيا الجزائر، المجد وجليل السمو للشهداء الخالدين، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته”.
تقليد الرتب وإسداء الأوسمة لإطارات الجيش الوطني الشعبي
واحتفاء بعيد الاستقلال في ذكراه الـ62، أشرف رئيس الجمهورية “عبد المجيد تبون”، بقصر الشعب على إسداء الأوسمة وتقليد الرتب لإطارات من ضباط العمداء والضباط السامين بالجيش الوطني الشعبي.
حيث أسدى رئيس الجمهورية “وسام الشجاعة” لرئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول “السعيد شنقريحة”، كما أسدى الأوسمة لعدد من الضباط، وفي مستهل الحفل، توجه رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول “السعيد شنقريحة”، كلمة عبر عن امتنانه فيها لرئيس الجمهورية على إشرافه الشخصي على هذا الحفل، الذي يعد بمثابة تكريم مستحق لإطارات وزارة الدفاع الوطني نظير الجهود المبذولة لأداء المهام الموكلة لهم بكل مسؤولية واقتدار. مشيرا أن هذه المراسم التي تأتي في غمرة الاحتفال بواحدة من أهم محطات تاريخنا المشرق، ألا وهي الذكرى الـ62 لعيد الاستقلال الوطني التي تزرع في نفوسنا وأذهاننا معاني النصر والإصرار الدائم على الدفاع عن بلادنا وقرارها السيد، والعمل على رقيها ووحدة شعبها ونهضتها الحضارية, وتبعث فينا مشاعر الفخر والاعتزاز بأمجادنا وبطولات الرعيل الأول من جيل نوفمبر الخالد”. مردفا: “كما نؤدي من خلال هذه المناسبة العزيزة على قلوب الوطنيين المخلصين، واجب العرفان والوفاء والتقدير لأبطال الجزائر الذين صانوا الوديعة ونجدد فيها العهد الذي قطعناه أمام شهداء المقاومات الشعبية الباسلة والثورة التحريرية المظفرة الذين ضحوا من أجل الاستقلال واسترجاع السيادة الوطنية وكذا شهداء الواجب الوطني الذين أفشلوا المشروع الظلامي للإرهاب الهمجي وحافظوا على الطابع الجمهوري للدولة ونظامها الديمقراطي”. مؤكدا على أن الدعم المستمر الذي يقدمه رئيس الجمهورية للمؤسسة العسكرية سيزيد إطاراتها ومستخدميها عزما على مواصلة تطوير وعصرنة منظومتنا الدفاعية، قائلا: “إنني على يقين تام أن إشرافكم السامي على هذا الحفل والدعم المتواصل الذي ما فتئتم تقدمونه للمؤسسة العسكرية سيكون له عظيم الأثر على معنويات مستخدمينا بمختلف فئاتهم ومسؤولياتهم وسيدفعهم إلى حث السير وتسريع الخطى نحو كسب رهان تطوير قواتنا المسلحة والارتقاء بقدراتها القتالية ومستوى جاهزيتها إلى ما يتوافق وعظمة مهامها الوطنية والدستورية”. مشيرا أن تقليد الرتب وإسداء الأوسمة لعدد من الضباط وضباط الصف والمستخدمين المدنيين بهذه المناسبة الوطنية المجيدة “يكتسي رمزية قوية ويعد سنة حميدة تترصع بها تقاليد وطننا الغالي ومؤسستنا العسكرية وسانحة متجددة يحصد من خلالها إطارات الجيش الوطني الشعبي ومستخدميه حصائل أعمالهم، بالترقية في الرتب والتكريم بالأوسمة، عرفانا لهم وتقديرا لجهودهم وتثمينا لمثابرتهم على خدمة جيشنا العتيد ووطننا الغالي”.
يذكر أن عملية تقليد الرتب وإسداء الأوسمة تواصلت المراسم بإشراف رئيس الجمهورية، مرفوقا برئيس أركان الجيش الوطني الشعبي والفريق أول قائد الحرس الجمهوري، على تقليد الرتب وإسداء الأوسمة لمجموعة من الضباط العمداء والسامين والمستخدمين المدنيين.
التوقيع على مرسومين رئاسيين يتعلقان بإجراءات العفو عن المحبوسين
وبمناسبة عيد الاستقلال المصادف للذكرى 62، وقع رئيس الجمهورية، “عبد المجيد تبون”، مرسومين رئاسيين يتعلق الأول بإجراءات العفو ويشمل 8049 محبوسا، والمرسوم الثاني بالنزلاء المتحصلين على شهادات في التعليم أو التكوين للموسم 2023-2024، حسب بيان لرئاسة الجمهورية.
وفي هذا الإطار استثني من هذا العفو الرئاسي الأشخاص المحكوم عليهم لارتكابهم “جرائم الإرهاب والتقتيل والقتل، الهروب، التجسس، المؤامرات ضد سلطة الدولة وسلامة ووحدة أرض الوطن، تزوير المحررات الرسمية والعمومية، وجرائم الانتحال، الضرب والجرح العمدي المفضي إلى عاهة، الاعتداء على الأصول أو القصر، الفعل المخل بالحياء والاغتصاب، الاختطاف، الاتجار بالبشر أو بالأعضاء، عصابات الأحياء، وضع النار عمدا في الأموال، الاعتداء على موظفي ومؤسسات الدولة وموظفي الصحة, المساس بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات إذا كانت تستهدف الدفاع الوطني أو الهيئات أو المؤسسات الخاضعة للقانون العام، تهريب المهاجرين، جرائم المخدرات بكل أصنافها، جرائم التهريب والفساد، جرائم الصرف وحركة رؤوس الأموال، جنح وجنايات تكوين جمعية أشرار والسرقات والسرقات الموصوفة المقترنة بالعنف والتهديد، والمسبوقين قضائيا المحكوم عليهم نهائيا في باقي جنح السرقات، تزوير النقود، جرائم التمييز وخطاب الكراهية، جرائم الغش والتدليس والاحتكار والمضاربة غير المشروعة في السلع، وكذا مرتكبي الجرائم المعاقب عليها في قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين”.