المجتمع

تقليد راسخ توارثته الأجيال

التعليم الديني في القصور والواحات

يعتبر التعليم الديني سيما تحفيظ القرآن الكريم للأطفال من بين أبرز التقاليد الراسخة المنتشرة عبر قصور وواحات الصحراء الجزائرية. ويتوفر كل مسجد مشيد عبر الأحياء  على قاعة كبيرة تسمى “محضرة” (أعزام أو أكربيش باللغة الأمازيغية) تخصص لتلقين تعاليم ومبادئ الدين الإسلامي الحنيف وتحفيظ آيات القرآن الكريم للأطفال غالبا بداية من سن 4 سنوات.

إنّ المسار الذي لا مفر منه بالنسبة للأطفال هو الإلتحاق بالمدارس القرآنية التي تعد عادة متوارثة عن الأسلاف، حيث يحرص على المحافظة عليها من جيل لآخر من أجل تنشئة الأطفال على تعاليم الدين الإسلامي.

تحفيظ النشء القرآن الكريم وتلقينهم تعاليم وقواعد الإسلام

مهما بلغ المرء من العمر، فإنه لا يزال يحتفظ في زاوية من ذاكرته بذكرى التحاقه بالمدارس القرآنية لأول مرة، بحيث حرص الآباء على تحفيظ النشء القرآن الكريم وتلقينهم تعاليم وقواعد الإسلام يعد من المبادئ الأساسية للتربية الدينية التي يتم من خلالها تعزيز الهوية وشخصية أبنائهم. ويستفيد حاليا الآلاف من التلاميذ بما فيهم الفتيات من هذا النوع من التعليم على مستوى مئات الأقسام لتعليم القرآن العظيم، سواء منها  بمدارس الإباضية أو الزوايا التي يتواجد أغلبها بالواحات،. ويشرف على هذه الأقسام المعتمدة من طرف مديرية القطاع مدرس قرآن أو طالب، يقوم يتلقين الأطفال سور القرآن الكريم وفقا لمنهجية بيداغوجية ترتكز أساسا على قدرات الحفظ لدى الطفل. ويجلس هؤلاء الأطفال على حصير في شكل نصف دائري، حيث يكون الأولاد من جهة والفتيات في جهة أخرى، ولديهم محبرة ولوح خشبي مستطيل يكتبون عليه بواسطة أقلامهم المصنوعة من القصب الآيات القرآنية التي يمليها عليهم المدرس.

الأقسام قابل للزيادة والنقصان حسب المواسم،

وشهدت الطريقة التقليدية لتدريس القرآن العظيم تطورا في السنوات الأخيرة، من خلال إدراج ألواح كتابة بيضاء اللون يتم الكتابة عليها بالقلم اللباد، إذ يمكن للطفل أن يمسح الآيات المكتوبة بعد الإنتهاء من حفظها عن طريق ممسحة خاصة. وذكر أحد الأطفال الذي انتهى من عرض ما حفظه من القرآن على معلمه “أن استخدام هذا النوع من الألواح عملي جدا، ويحول دون اتساخ ملابسنا”. وحسب أحد الأئمة، فإنّ عدد الأطفال الذين يتابعون تعليم القرآن على مستوى هذه الأقسام قابل للزيادة والنقصان حسب المواسم، سيما عندما يعود الأبناء المنحدرين من المنطقة إلى غرداية لقضاء العطلة الصيفية. وساهم الإهتمام الكبير الذي يوليه السكان المحليين لهذا النمط من التعليم في دفع السلطات العمومية إلى تنظيم ملتقى وطني للتعليم القرآني بغرداية بخصوص المرافق الدينية، فعلى سبيل المثال فإن ولاية غرداية وحدها تحصي نحو 270 مسجدا من بينهم 130 (102 يتبع المذهب المالكي و102 المذهب الإباضي) وهي مساجد كبيرة التي تؤدى بها صلاة الجمعة، و32 زاوية ونحو  600 قسم للتعليم القرآني يستقبلون نحو 70 ألف تلميذا.  ويضاف إلى ذلك معهدين إسلاميين تابعين للمذهب الإباضي بمدينتي غرداية والقرارة، ولهما أهمية عالمية بالنظر إلى دورهما في نشر تعاليم الدين الإسلامي السمحة. كما تجدر الإشارة إلى أن جزء من هذه الهياكل الدينية يعتبر موروثا ثقافيا عالميا، على غرار المساجد الموجودة بمختلف قصور منطقة وادي ميزاب والمصنفة هي الأخرى تراثا عالميا من طرف المنظمة الأممية للتربية والعلوم والثقافة “اليونسكو” منذ 1982. 

نـسـريـن.ع

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى