محلي

وهران تحيي الذكرى الـ 69 ليوم الطالب

إصرار على استكمال مسيرة البناء بالعلم والقلم 

عاشت المؤسسات التعليمية بوهران احتفالات إحياء الذكرى الـ 69 ليوم الطالب، المصادفة لـ19 ماي من كل سنة، بمحاضرات ومعارض قدمت بعضا مما بإمكان أن يقدمه الطالب الجزائري في عالم لا يعترف سوى بالعلم.


حيث قاسمتهم السلطات التنفيذية بولاية وهران تفاصيل الفعاليات، بحضورهم إلى مديرية جامعة “وهران1 أحمد بن بلة” بالسانيا، أين تم رفع الراية الوطنية وترديد السلام الوطني، واستمعوا إلى كلمة خاصة من المنظمة الوطنية للمجاهدين، مكتب وهران، ذكرت فيها بالشجاعة التي تحلى بها الشهداء والمجاهدين، عندما كانوا في شبابهم يتلقون تعلميهم بالثانويات والجامعات، ففضلوا وضع القلم جانبا والانضمام طوعا إلى صفوف جيش التحرير الوطني ورفع السلاح في وجه الاستعمار، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، وتمكنوا بإرادتهم ومسؤوليتهم من تحقيق الاستقلال الذي ينعم فيه الجيل الحالي، داعية جيل اليوم إلى ضرورة مواصلة الكفاح بالارتقاء في سلم العلم ومحاربة الجهل والظواهر السلبية من أجل الحفاظ على أمانة الشهداء ووحدة الجزائر ومكانتها بين الأمم.

انتقل الوفد بعدها إلى مجمع “طالب سليم” بإيجيامو، حيث ألقى مدير جامعة “وهران1 أحمد بن بلة” التي احتضنت الاحتفالات الرسمية، البروفيسور “أمين عبد المالك” الذي عبر عن افتخاره بالاحتفال بهذه المناسبة التاريخية المناسبة في الجامعة العريقة “وهران1 أحمد بن بلة”، التي تعتبر أول جامعة بعد الاستقلال.

مشيرا أن هذا الموعد الوطني يحمل في طياته رمزية تجسد مدى وعي الطلبة إبان الثورة الاستعمارية، وإدراكهم العميق بمسؤوليتهم التاريخية، حينما قرروا في 1956 شن الإضراب وتعليق دراستهم والانضمام لصفوف الثورة، معلنين أنه لا حياة بدون حرية ولا مستقبل بدون وطن مستقل، لقد أثبتوا أن الطالب هو رمز الضمير، وقفة إجلال الذكرى، استذكار هؤلاء الذين قدموا النفس والنفيس، على غرار “زدور ابراهيم بلقاسم”، محرر بيان أول نوفمبر باللغة العربية، وأول طالب يستشهد في الثورة والشهيد “طالب عبد الرحمن” الذي حير المستدمر بذكائه وقدرته على صنع القنابل اليدوية والذي ارتقى شهيدا، منبها الطلبة بالمناسبة أنها رسالة متجددة للطلبة من جيل إلى جيل ودعوة إلى تحملهم مسؤوليتهم والتحلي بالتضحية والانتماء. كما تلا على الحضور رسالة رئيس الجمهورية التي بعث بها إلى الطلبة والتلاميذ بالمناسبة.

“سمير شيباني” يستحضر دور الطلبة في الثورة التحريرية

الوالي “سمير شيباني” من جهته، تناول الكلمة بالمناسبة، موضحا أن الذكرى الـ 69 هي استحضار لتخلي طلبة الجامعات والثانويات عن مقاعد الدراسة وقتها من أجل الالتحاق بصفوف الثورة التحريرية المظفرة، مشيرا أن هذا اليوم يكتسي ميزة خاصة، تجسدت فيه كما ذكر رسالة الصحفي “عيسى مسعودي”، ومقولة الزعيم الراحل “هواري بومدين” الذي خاطب المجاهدين خلال الثورة التحريرية بقوله: “مسعودي يقوم بـ50 بالمائة، وتبقى 50 بالمائة يتحملها المجاهدين حاملي السلاح”. كما قدم أمثلة على غرار الممرضة “صليحة ولد قابلية” التي تركت صفوف التعليم في الصيدلة والتحقت بالثورة بمعسكر وارتقت شهيدة في سماء الخلد.

مذكرا بالطلبة المجاهدين الذين التحقوا بالمسؤولية المدنية بعد نيل الاستقلال ووضع السلاح، ليساهموا في بناء الوطن، وأسماءهم في سجل الذاكرة الوطنية، الوالي قدم مثالا حيا عن صديق له كان سفيرا بلبنان، عندما أخبره بما حدث معه في إحدى المناسبات التاريخية، فقد كان خريج المدرسة الوطنية للإدارة وهو على قدر عال من الجد والأخلاق والعلم، فهو يتقن أكثر من 7 لغات، ديبلوماسي بارع، وخلال تنظيمه لاحتفالية وطنية دعا إليها النخبة من المتواجدين في لبنان (ديبلوماسيين ومثقفين)، بدأ يقرأ عليهم كلمة سبق وتم تدوينها، ليقوم بوضعها جانبا، ويخاطبهم: لا يمكنني أن أواصل الحديث عن الثورة الجزائرية وتاريخها فهناك مؤرخين، كتاب ومؤلفين، لكنني سأختصرها لكم في شخصي المتواضع، فأنا جئت من بيئة فقيرة، من إحدى مناطق الونشريس البعيدة والمهمشة، ابن فلاح، لكنني اليوم أقف أمامكم وأمثل بلدي الجزائر بكل فخر واعتزاز.. فوقفوا احتراما له.

مضيفا أن هذه القصة بسيطة لكنها مليئة بالمعاني والدروس لمن يفقه معانيها، مشيرا إلى أن الدولة الجزائرية تحملت مسؤوليتها بأولئك الرجال الذين تداولوا على السلطة بتبوء المناصب السياسية والحرص على تطوير الجزائر، لنصل إلى ما نحن عليه اليوم، عصر لا يعترف إلا بالعلم، والجزائر فاتحة جامعاتها ومؤسساتها التعليمية أمام أبنائنا لتحقيق النتائج وتقديم ما يخدم الجزائر وشعبها، لأنهم عصب المستقبل. كما قامت منظمة الوطنية للمجاهدين بعرض شريط وثائقي مقتضب حول أحداث مسيرة الطلبة خلال الثورة التحريرية، وما بذلوه من جهد فكري في التبليغ والترويج للثورة الجزائرية عبر المنابر الدولية والجهد الجسدي في حمل السلاح ضد المستعمر الفرنسي.

ففي 19 ماي، سطر الطلاب الجزائريون ملحمة خالدة في سجل النضال الوطني، حين قرروا طوعا وفي كامل الوعي أن يضعوا أقلامهم جانبا ويلتحقوا بجبهات القتال، مؤمنين أن العلم الحقيقي هو الذي يسخر لخدمة الوطن، وأن رسالة الطالب لا تنفصل عن رسالة المجاهد. لقد حمل طلاب ذلك الجيل مشعل التحرير وجعلوا من الجامعات منابر للوعي وصفوف الثوري، فأظهروا للعالم بأن الطالب يمكن أن يكون قائدا في المعركة وجنديا في سبيل الكرامة والسيادة، فقرار الإضراب والالتحاق بصفوف الكفاح المسلح في الجيش الوطني لم يكن خطوة ثورية، بل إعلان عن ميلاد جيل مقاوم مثقف جمع بين الفكر والسلاح، وفي هذه الذكرى الخالدة نستحضر أسماء خالدة سقطت في ميدان الشرف، أمثال (عيسات إيدير، المخفي وزروال عمار) …، مثلما أورد منشط الاحتفالية.

ميمي قلان

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى