
في “العصر الرقمي” الحالي، باتت عقولنا عرضة لتهديد خفي لا يمكن رؤيته بالعين المجردة، لكن آثاره تتراكم ببطء. اختارت جامعة “أكسفورد” هذا العام مصطلح “تآكل الدماغ” ليعكس واقعًا متزايدًا التأثيرات المدمرة التي تتركها شاشات الأجهزة الرقمية على قدراتنا العقلية.
قد يبدو الأمر غريبًا للوهلة الأولى حين نتحدث عن خطورة “العصر الرقمي” كيف يمكن أن يضرنا شيء مثل تصفح الإنترنت أو مشاهدة فيديوهات قصيرة؟ الجواب بسيط هذه الأنشطة ليست بريئة كما يظن البعض. في الواقع، هي تمرين مستمر على الاستهلاك السريع، مما يُضعف قدرتنا على الانتباه والتركيز.
يكمن الخطر في أن عقولنا تُبرمج على الاستجابة الفورية للمحفزات البصرية، مما يجعلنا أقل قدرة على الانغماس في الأفكار العميقة أو التفاعل مع المحتوى المعقد.
التآكل الذهني في “العصر الرقمي”
هذا التآكل الذهني لا يقتصر على البالغين فقط، بل يتسرب أيضًا إلى عقول الأجيال الأصغر سنا، مثل “الجيل زد” و”الجيل ألفا”، الذين نشأوا في عالم محكوم بالسرعة والتسلية السطحية. هذه الفئات قد تكون الأكثر عرضة لهذا الانحدار الفكري في “العصر الرقمي”، حيث تسيطر عليهم منصات التواصل الاجتماعي التي تروج للمحتوى الذي يستهلك العقل دون أن يغذيه.
يمكننا استعادة عقولنا في “العصر الرقمي”
لكن، إذا كان “العصر الرقمي”هو السبب في هذا “التآكل”، فهل يمكن أن يكون أيضًا هو الحل؟ في الواقع، يمكننا استعادة عقولنا. أولا، علينا أن نتعلم كيف نستخدم هذه الأدوات بحذر، مثلما نستخدم الأطعمة المغذية لأجسامنا. كيف؟ ببساطة، اختر المحتوى الذي يثري تفكيرك ويحفز خيالك. اجعل خيارك الأول هو المحتوى الذي يطلب منك التفاعل والتفكير، وضع الترفيه السطحي في مرتبة أقل.
تطبيق أساليب محددة في “العصر الرقمي”
الأمر لا يتوقف عند نوع المحتوى فقط. يجب أن نحدد أوقاتا مخصصة للابتعاد عن الشاشات، فنعود إلى اللحظات التي نترك فيها الهاتف جانبًا لنستمتع بمحادثة حقيقية أو لحظة تأمل صادقة. أيضًا، هناك أهمية لتطبيق أساليب محددة في “العصر الرقمي”، مثل “العمل العميق”، الذي يتطلب تركيزًا مطولًا على مهمة واحدة دون انقطاع.
اتخاذ خطوات حاسمة إزاء “العصر الرقمي”
إذا أردنا أن نعيد الوعي إلى عقولنا، يجب أن نتخذ خطوات حاسمة إزاء “العصر الرقمي” يجب أن نأخذ وقتًا لإيقاف هذا التآكل قبل أن يصبح جزء من هويتنا. الحياة الرقمية ليست جريمة بحد ذاتها، ولكن كيف نستخدمها هو ما يحدد تأثيرها علينا.
ياقوت زهرة القدس بن عبد الله