
مستقبل العمل عن بُعد في عالم “الميتافيرس” : في السنوات الأخيرة، أصبح العمل عن بُعد جزء أساسيا من حياتنا، خاصة بعد انتشار جائحة كورونا التي أجبرت الشركات على تبني أساليب جديدة للتواصل بين الموظفين. ومع التقدم التكنولوجي، ظهر مفهوم “الميتافيرس”، وهو عالم رقمي ثلاثي الأبعاد يمكن للأشخاص العمل والتفاعل فيه، كما لو كانوا في نفس المكتب، لكن دون الحاجة لمغادرة منازلهم.
يُعد “الميتافيرس” خطوة متقدمة في عالم العمل عن بُعد، حيث يوفر بيئة افتراضية تسمح للموظفين بالحضور إلى الاجتماعات، التعاون في المشاريع، وحتى المشاركة في فعاليات الشركة، لكن بطريقة مختلفة تمامًا عمّا اعتدنا عليه. فهل نحن مستعدون لهذا التحول الكبير؟
ما هو “الميتافيرس” وكيف سيغير بيئة العمل؟
“الميتافيرس” هو مساحة رقمية تتيح للأشخاص التواصل والتفاعل باستخدام شخصيات رقمية تُعرف باسم “الأفاتارات”. بدلا من الجلوس أمام شاشة الكمبيوتر والمشاركة في مكالمات الفيديو التقليدية، يمكن للموظف دخول مكتب افتراضي ثلاثي الأبعاد، والتفاعل مع زملائه وكأنهم يجلسون إلى جانبه في العالم الحقيقي.
تستخدم “الميتافيرس” هذه التقنية أدوات مثل الواقع الافتراضي (VR)، الذي يجعل المستخدم يشعر وكأنه داخل بيئة حقيقية، والواقع المعزز (AR)، الذي يضيف عناصر رقمية إلى العالم الحقيقي. كما أن الذكاء الاصطناعي يلعب دورا كبيرا في تحسين التجربة، من خلال تقديم مساعدين افتراضيين يمكنهم المساعدة في تنظيم العمل وزيادة الإنتاجية.
كيف سيغير “الميتافيرس” طريقة العمل عن بُعد؟
“الميتافيرس”، بدلا من الجلوس في المنزل والعمل على جهاز كمبيوتر تقليدي، يمكن للموظفين الدخول إلى مكاتب افتراضية، حيث يمكنهم التفاعل مع زملائهم بشكل مباشر، وعقد الاجتماعات في قاعات رقمية، وحتى تقديم العروض التقديمية وكأنهم يقفون أمام جمهور حقيقي.
على سبيل المثال، إذا كنت مهندسا معماريا، يمكنك استخدام “الميتافيرس” لعرض تصاميم ثلاثية الأبعاد لمشاريعك، والسير داخلها مع زملائك لرؤية التفاصيل بدقة. وإذا كنت تعمل في مجال التعليم، يمكنك تدريس الطلاب في فصل افتراضي، حيث يمكنهم التفاعل مع المحتوى بطرق لم تكن ممكنة من قبل.
ما الفوائد التي يقدمها “الميتافيرس” للعمل عن بُعد؟
إحدى أهم فوائد “الميتافيرس” هي التواصل الأكثر واقعية. اليوم، يعتمد العمل عن بُعد على مكالمات الفيديو التي قد تكون أحيانًا غير تفاعلية ومملة، لكن في “الميتافيرس”، ستشعر وكأنك في اجتماع حقيقي، حيث يمكنك التحرك، التعبير عن نفسك، والتفاعل بحرية أكبر.
كما أن “الميتافيرس” يلغي الحدود الجغرافية، حيث يمكن للشركات توظيف أشخاص من أي مكان في العالم دون الحاجة إلى انتقالهم. هذا يعني أن فرص العمل ستصبح متاحة للجميع، بغض النظر عن مكان إقامتهم. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يساعد “الميتافيرس” في تحسين الإبداع والتعاون، حيث يمكن للموظفين العمل في مساحات مبتكرة تتيح لهم تجربة الأفكار الجديدة بطريقة تفاعلية.
التحديات التي قد تواجه العمل في “الميتافيرس”
على الرغم من المزايا الكبيرة التي يقدمها “الميتافيرس”، لا يزال هناك بعض التحديات التي يجب التغلب عليها قبل أن يصبح العمل في “الميتافيرس” أمرا شائعا. من بين هذه التحديات ارتفاع تكلفة الأجهزة، مثل نظارات الواقع الافتراضي، والتي قد لا تكون متاحة للجميع في الوقت الحالي.
كما أن هناك مخاوف من “الميتافيرس” وتتعلق بالخصوصية والأمان، حيث إن وجود الأشخاص في بيئات عمل رقمية يعني أن بياناتهم الشخصية وحركاتهم ستكون مسجلة، مما يتطلب ضمانات قوية لحمايتها.
هل سيكون “الميتافيرس” مستقبل العمل؟
مع استمرار التطور التكنولوجي، يبدو أن “الميتافيرس” سيصبح جزء أساسيًا من مستقبل العمل عن بُعد، خاصة مع استثمارات الشركات الكبرى مثل ميتا (فيسبوك سابقا) ومايكروسوفت في تطوير هذه التقنيات. ومع الوقت، قد تصبح هذه الأدوات أكثر سهولة في الاستخدام وأقل تكلفة، مما يجعلها خيارا واقعيًا للعديد من الشركات والموظفين حول العالم.
لكن حتى ذلك الحين، سيظل “الميتافيرس” تجربة قيد التطوير، تحتاج إلى المزيد من التعديلات والتجارب حتى تصبح بيئة عمل مثالية. فإذا كنت تفكر في المستقبل، فقد يكون الوقت قد حان لاكتشاف هذا العالم الجديد والاستعداد لما هو قادم.
ياقوت زهرة القدس بن عبد الله