زوايـا وأقـلام

يمضي الرجال ويبقى النهج الأثر

بقلم: الأستاذ "الحاج نور الدين احمد بامون" (ستراسبورغ بفرنسا)

“الحاج الطيب بن بلال مصباح”، عميد سائقي نقل المسافرين بغرداية جنوب الجزائر، الرجل الأنموذج المثال الذي يتبع الرجل البطل، السائق المثالي، الخبير المحترف، رجل بألف شخص، استطاع أن يفرض احترامه على الجميع دون أن يطلب منهم ذلك، بابتسامته الشفافة، وصبره واستقباله لجميع الزبائن من جميع فئة الركاب المسافرين، بسعة صدره ومحبته وأخلاقه الطيبة. فرض مكانته وسجل اسمه ونقشه بأحرف من ذهب.

 

إنه الرجل المثال الحي الأنموذج الذي يقتدى به

عمي “الحاج الطيب مصباح بن بلال”، عميد السائقين بالجنوب الشرقي عامة وغرداية جوهرة الواحات بولاية الأغواط سابقا، السائق الذي لم يرتكب طيلة مشواره منه أي مخالفة مرورية لعقود من الزمن ولم يقع له أي عطب ولا خلل بالحافلة، وإن حدث فهو كفيل من نفسه بإصلاحه.

أفنى حياته طيلة مشواره المهني في خدمة الشركة الوطنية لنقل المسافرين بمحطة غرداية، تارك وراءه أثر كبير بين الناس بالجنوب الجزائري وبولاية غرداية وورقلة، وباقي جهات الجنوب من الوطن. خاصة. وروح الدعابة والابتسامة الشفافة، الصافية الصادقة النابعة من صميم القلب والفؤاد، التي مزجت شخصيته المهيبة بصدق الإنسانية التي تجعل المستمع له قبل المشاهد والمتعامل معه والمعاصر المرافق له عامة والمسافر برفقته خاصة، يتعلق به ويحترمه ويوقره.

مسيرة “الحاج الطيب بن بلال مصباح”، كفيلة أن تشهد له بكل فخر، تفانيه في خدمة وطنه، خدمة جليلة مشرفة وفي خدمة زبائن شركة نقل المسافرين.

 

صلته وتعامله بالمجاهدين ورجال ثورة التحرير

لم يمنع نشاط عمي “الحاج الطيب بن بلال مصباح”، تعامله مع المجاهدين وهذا أثناء الثورة التحررية، وتقديم خدماته لهم بتلبيته ندا الواجب الوطني، حيث استغل مهنته كسائق شاحنات بالتعامل مع الكثير من المجاهدين في التمويل والنقل والتنقل.

 

عمله بعد الاستقلال

أما بعد الاستقلال، سخر كل جهده لرفع سمعة الشركة الوطنية (sntv)، وكان معروفا لدى الجميع بطيبته وبحسن معاملته وحظي بشعبية بالغة. وبفضل احترافه في السياقة لنقل المسافرين على الخطوط الطويلة، التي جعلته خير مثال يقتدى به لسائقين، اعترافا بمجهوداته المبذولة. بكل مهنية وإخلاص وحرص، وانضباطه وتفانيه في المحافظة على وسيلة النقل التي كانت تحت تصرفه، دون أن يحدث فيها عطب ولا عيب، أو حادث، وهذا لقطعه مسافات مليون 1.000.000.000 كيلومتر عبر طرق الولايات الطويلة بالصحراء وجنوب الجزائر.

 

تكريمه والاعتراف له بخبرته وتفانيه

وعرفانا بمجهوداته والإشادة بعمله الدؤوب وبخصاله الحميدة وسيرته الحسنة وبمهنيته الاحترافية، وتكريما له خصصت له جريدة المجاهد مقالا بتاريخ 20/11/1977 بالصفحة الثالثة 3، بعنوان (مثال يتبع – EXEMPLES A SUIVRE)، وكذلك منحته مؤسسة (مرسديس بانز –  MERCEDES BENZ) وسام الشرف وشهادة اعتراف ممضية من طرف المدير العام لهذه الشركة لقطعه 1000000 (مليون) كيلومتر سنة 1979. 22/03/1979 بدون عطب ولا خلل ولا توقف، وخصصت له المجلة الألمانية (UNTERTHALTUNG auto Motor sport) مقالا مطولا تشيد به بعمله ونزاهته وبخصاله وسيرته المهنية الحسنة المبهرة.

 

دليل سفير السياحة بالصحراء الجزائرية

من خلال عمل “الحاج الطيب بن بلال مصباح”، ومسيرته المهنية المسرفة لعقود من الزمن واعتراف الجميع بذلك سواء على المستوى المحلي والوطني والدولي، ومن خلال هذا الإنجاز التلفزي الإعلامي، كانت سببا في تسليط الأضواء على السياحة بالصحراء الجزائرية والثروات الكبيرة والكنوز التي تزخر بها مدينة غرداية جوهرة الواحات عاصمة ميزاب سفيرة الإنسانية والمعترف بها من طرف منظمة اليونيسكو. بقى إسم عمي “الحاج الطيب بن بلال مصباح” خالدا مشرفا، في مختلف المحطات المهنية مذكورا في المناسبات، يتداوله عامة الناس عالقا بالأذهان لاسيما وسط السائقين، لدرجة وصف عصره على رأس الشركة الوطنية لنقل المسافرين بغرداية جنوب الجزائر بالعصر الذهبي الذي لا يعود ولا يتكرر.

 

وفـــاتـــــــــــه 

وبعد رحلة طويلة ومسيرة حافلة، انتقل “الحاج الطيب بن بلال مصباح” إلى جوار ربه بتاريخ يوم 14 أوت 2021، تاركا وراءه حب واحترام كبير بين الناس الذي لا يقدر بثمن وسمعة طيبة. وشيعت جنازته في جو مهيب بحضور جمع جماهيري غفير، راجين من الله تعالى أن يتغمده برحمته ويسكنه فسيح جنانه ويحشره مع النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا.

 كانت ومضة تعريف بالرجل الطيب وبخصاله في ذكرى وفاته الـ3 رحمه الله .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى