
تشهد القارة الإفريقية تحولًا جذريًا في قطاع الإنترنت، مع دخول خدمة الإنترنت عبر الأقمار الصناعية “ستارلينك”، التي أطلقتها شركة “سبيس إكس” التابعة لإيلون ماسك، إلى السوق الإفريقية، مما أحدث تغييرات كبيرة في مشهد توفير الخدمة التقليدي.
أسعار تنافسية وتبني سريع
بفضل تكلفتها المنخفضة وسرعتها الفائقة، أصبحت “ستارلينك” خيارًا جذابًا للأفراد والشركات في العديد من الدول الإفريقية. ووفقًا لتقارير حديثة، تفوقت أسعار الخدمة على الإنترنت الأرضي في 5 دول إفريقية رئيسية، من بينها كينيا، غانا وزيمبابوي، حيث تتراوح تكلفة الاشتراك الشهري بين 10 و50 دولارًا، مما يجعلها في متناول شريحة واسعة من السكان، خصوصًا في المناطق النائية التي تعاني من نقص البنية التحتية.
إعادة تشكيل السوق المحلية
منذ انطلاق الخدمة في كينيا منتصف عام 2023، اجتذبت “ستارلينك” أكثر من 8000 مشترك خلال عام واحد فقط. هذا الإقبال السريع دفع مزودي الإنترنت التقليديين مثل “Safaricom” و”Jamii” إلى إعادة النظر في استراتيجياتهم التجارية، عبر خفض الأسعار وتحسين جودة الخدمة، في محاولة للحفاظ على حصصهم السوقية.
تحولات إيجابية وتحديات محتملة
تتميز “ستارلينك” بقدرتها على توفير اتصال سريع ومستقر حتى في المناطق الريفية والنائية، ما يساهم في دعم التنمية الاقتصادية، وتحسين جودة التعليم، وتوسيع التجارة الإلكترونية في القارة. ومع ذلك، يثير التوسع السريع للشركة مخاوف من إمكانية احتكار السوق، حيث قد يصبح المستخدمون معتمدين على مقدم خدمة واحد يتحكم في الأسعار وجودة الإنترنت.
مع استمرار انتشار خدمات الإنترنت عبر الأقمار الصناعية، تتجه إفريقيا نحو مرحلة جديدة من الاتصال الرقمي. ومع ذلك، يبقى التحدي الأكبر هو تحقيق توازن بين الابتكار التكنولوجي وحماية المصالح المحلية، لضمان استفادة الجميع من هذه الثورة الرقمية دون المساس بالتنافسية أو المصلحة العامة.
هذا التوسع السريع في خدمات الإنترنت قد يكون بداية لعصر جديد من التحول الرقمي في إفريقيا، مع إمكانيات هائلة لتطوير الاقتصاد الرقمي في القارة، لكن النجاح المستدام سيعتمد على خلق بيئة تضمن التنافسية العادلة وحماية حقوق المستخدمين.
ياقوت زهرة القدس بن عبد الله