تكنولوجيا

في العصر الرقمي

كيف سيتم تلبية احتياجات السوق التقني؟ 

في ظل التحولات التكنولوجية السريعة والاعتماد المتزايد على الأتمتة والرقمنة، تتجه العديد من الشركات إلى البحث عن حلول رقمية مبتكرة للبقاء في صدارة المنافسة. ولكن مع ارتفاع الطلب على الوظائف التقنية، يطرح السؤال الأبرز: هل يمكن للأتمتة والذكاء الاصطناعي سد الفجوة في سوق العمل، أم أن الاعتماد على المهارات البشرية من الدول النامية هو الحل الأمثل؟

تواجه الشركات العالمية تحديات كبيرة في تأمين المواهب التقنية المؤهلة التي تمكنها من تحقيق أهداف التحول الرقمي المستدام. وأظهرت دراسة حديثة من مؤسسة “غارتنر” أن حوالي 95 بالمائة من الشركات تعاني من نقص حاد في الموظفين الذين يمتلكون المهارات التقنية اللازمة، مما يؤدي إلى ارتفاع الأجور للوظائف التقنية النادرة. في هذا السياق، تتوجه العديد من الشركات إلى الحلول التكنولوجية المتقدمة، مثل الذكاء الاصطناعي، كوسيلة لتلبية احتياجاتها بسرعة وفعالية.

من جهة أخرى، تتوجه الشركات إلى البلدان النامية، التي تتمتع بقوى عاملة شابة وبأسعار تنافسية، للاستفادة من المهارات التقنية المتوفرة فيها. فالدول مثل الهند، التي تتميز بتعليم عالٍ في مجالات العلوم والتكنولوجيا بتكلفة منخفضة، قد أصبحت مصدراً مهماً لتزويد الأسواق العالمية بالمهارات المطلوبة. حيث تسعى الشركات الكبرى مثل “غوغل” و”مايكروسوفت” إلى استقطاب خبراء ومديرين من هذه الدول، ما يعكس الحاجة المتزايدة للمهارات التقنية المتميزة في مختلف الصناعات.

وفي الوقت نفسه، يُظهر الطلب المتزايد على وظائف الأتمتة والتقنيات الحديثة نقصًا كبيرًا في الكوادر التقنية، مما يشير إلى ضرورة الاستمرار في تعزيز البرامج التعليمية في الدول النامية لسد هذه الفجوة. كما أن العديد من الشركات الكبرى ترى في الذكاء الاصطناعي ليس بديلاً عن العنصر البشري، بل أداة لتعزيز الإنتاجية وجودة العمل، مما يساهم في تحسين كفاءة الكادر البشري وتوفير الوقت والجهد.

خبراء التنمية البشرية، مثل محمد ثائر عبد الحليم، يشيرون إلى أن الذكاء الاصطناعي أصبح من العناصر الأساسية التي لا غنى عنها في الشركات والمؤسسات. فهو لا يقتصر على تحسين العمليات داخل المؤسسات، بل يشكل دعماً استراتيجياً للحفاظ على قدرة الشركات على التكيف مع التغيرات السريعة في عالم التكنولوجيا. من هنا، تأتي أهمية تحقيق توازن بين التكنولوجيا والمهارات البشرية لضمان نجاح التحول الرقمي.

وفي هذا الإطار، تكمن الفرصة الحقيقية في الجمع بين الذكاء الاصطناعي والقدرات البشرية. فبينما يوفر الذكاء الاصطناعي أدوات لتحسين الكفاءة وجودة العمل، فإنه لا يمكن الاستغناء عن العنصر البشري في العديد من المجالات. من خلال توجيه الجهود لتطوير المهارات التقنية في الدول النامية، يمكن دمج القدرات البشرية مع التكنولوجيا لخلق فرص عمل جديدة، وتعزيز النمو الاقتصادي العالمي.

ياقوت زهرة القدس بن عبد الله

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى