
“تحقق مشروع الحكومة الإلكترونية في الجزائر من تقدم واضح نحو تحقيق برنامج الإدارة الإلكترونية، حيث شهد النظام البلدي الإلكتروني، وهو جزء من هذا المشروع، تطورًا ملموسًا. هذا التحول سمح بتذليل الصعوبات التي كان يواجهها المواطنون في الحصول على وثائق الحالة المدنية والخدمات الأخرى، حيث يمكن الآن للمواطنين الحصول على هذه الوثائق في أماكن إقامتهم دون الحاجة إلى زيارة البلديات الرسمية.
ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات تواجه عملية التطوير الرقمي في الجزائر، خاصة فيما يتعلق بإصدار التشريعات والقوانين التي تحكم هذا المجال. فمن المهم وضع تشريعات دقيقة تضمن الحماية الكافية للمعلومات الشخصية وتضمن الأمان الإلكتروني في ظل التهديدات المتزايدة من الجرائم الإلكترونية،يأتي هذا المشروع في إطار التحول الرقمي الذي تشهده العديد من الدول حول العالم، حيث تعتبر التكنولوجيا والرقمنة المحرك الرئيسي للتنمية الاجتماعية والاقتصادية. وتشمل التحولات الرقمية توظيف التقنيات الحديثة في تسهيل الخدمات الحكومية وتطوير القطاعات الاقتصادية المختلفة،لذا، يجب على الحكومة الجزائرية الاستمرار في دعم هذا التطور الرقمي وتحسين بنيته التحتية لضمان توفير الخدمات الرقمية بشكل سلس وآمن للمواطنين. كما ينبغي وضع القوانين والتشريعات التي تحمي البيانات الشخصية وتضمن الأمان الإلكتروني، لضمان استمرارية التقدم نحو المستقبل الرقمي المشرق”.
الجزائر خطوة في عالم الرقمنة
تحدثت الجزائر منذ ما يقارب العقدين عن سياسة الحكومة الإلكترونية، حيث وضعت برنامجًا محددًا لتحقيقها في الفترة من 2009 إلى 2013. هدف هذا البرنامج هو توفير خدمات إلكترونية تسهل التعامل مع الإدارة العمومية للمواطنين والشركات في مختلف المجالات،وفقًا لمضمون الوثيقة التي نشرتها “المساء” في تلك الفترة، فإن استراتيجية “الجزائر الإلكترونية 2013” تتضمن عدة آليات عملية تهدف إلى تعزيز استخدام تكنولوجيات الإعلام والاتصال في الإدارة العمومية،تطوير الخدمات الإلكترونية لصالح المواطنين والشركات والعمال والإدارات المختلفة،تحسين التسيير الداخلي وتعزيز العلاقات مع المواطنين،تمكين المواطنين من تحميل الاستمارات والوثائق الإدارية عبر البوابات الإلكترونية،استحداث السجل التجاري الإلكتروني وتعزيز التجارة الإلكترونية والدفع الإلكتروني والتصديق الإلكتروني،تلك الآليات العملية تهدف إلى تحقيق تحول رقمي شامل يعزز الشفافية والكفاءة في الخدمات الحكومية ويسهل على المواطنين والشركات التعامل مع الإدارة بشكل أسهل وأكثر فاعلية.
البنى التحتية لتفعيل الرقمنة
ترتبط الرقمنة بشكل أساسي بتوفير البنى التحتية اللازمة لتكنولوجيات الإعلام والاتصال، بهدف توسيع استخدام الخدمات الرقمية من قبل المواطنين. وفي إطار بحثنا في قوانين الرقمنة، وخاصة في الاتحاد الأوروبي، وجدنا أن العديد من الدول تركز على عدم التمييز في توفير خدمات الإنترنت بين فئات المجتمع، لضمان وصول جميع المواطنين إلى الخدمات الحكومية عبر الإنترنت بنفس التدفق،تؤكد وزارة البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية على جهودها في تحسين البنية التحتية للاتصالات في البلاد، حيث تم إنجاز حوالي 200 ألف كيلومتر من كوابل الألياف البصرية، وربط جميع الولايات بشبكة الهاتف والإنترنت ذات التدفق العالي. وخلال عام 2021، تم تحديث البنية التحتية للاتصالات وتعزيز التغطية في العديد من المناطق، بالإضافة إلى إطلاق خدمات جديدة مثل التوقيع والتصديق الإلكتروني،بشكل عام، تعكس هذه الجهود التزام الحكومة بتعزيز الرقمنة وتحسين البنية التحتية للاتصالات، بهدف تعزيز الخدمات الرقمية وتسهيل حياة المواطنين والشركات في الجزائر.
الإطار القانوني
من خلال هذه الجهود، تدعو المصالح الأمنية المستخدمين لشبكات التواصل الاجتماعي والإنترنت إلى التنبه لحيل المحتالين، الذين يستخدمون الرسائل المزيفة للحصول على البيانات الشخصية والمعلومات السرية المتعلقة بحساباتهم الشخصية. وهذا يشمل أيضًا سرقة هويتهم الرقمية وتعريضهم لمخاطر الاحتيال الإلكتروني،بالإضافة إلى ذلك، تتواصل الجهود الرامية إلى تطوير البنية التحتية للاتصالات في الجزائر، حيث تم إنجاز العديد من المشاريع في هذا الصدد. فقد تم تثبيت حوالي 200 ألف كيلومتر من كوابل الألياف البصرية على التراب الوطني، بهدف ربط جميع ولايات البلاد بشبكة الهاتف والإنترنت ذات التدفق العالي. وتم أيضًا تحديث شبكات الاتصالات وتوفير التقنيات الحديثة، مثل الجيل الرابع للهاتف الثابت والشبكة الراديوية للجيلين الثاني والرابع،هذه الجهود تأتي في إطار تعزيز البنية التحتية الرقمية وتوفير الخدمات الرقمية للمواطنين والشركات، وتحسين جودة الخدمات الإلكترونية وتسهيل الوصول إليها. ومع تقدم هذه الجهود، يتوقع أن يتزايد استخدام التكنولوجيا الرقمية في الجزائر ويسهم في تحسين العمليات الإدارية وتطوير الاقتصاد الرقمي في البلاد.
الإدارة الإلكترونية .. نتائج يقف عليها المواطن
تعرف الجهود المبذولة في مجال الرقمنة في الجزائر تفاوتا واضحا بين الإدارات المختلفة، حيث يتباين مستوى التقدم والتطور في تطبيق التكنولوجيا الرقمية. ومن الواضح أن بعض الإدارات قد أحرزت تقدما كبيرا، خاصة فيما يتعلق بتطبيق برامج الإدارة الإلكترونية،على سبيل المثال، تم تحقيق نجاح ملموس في استحداث البلديات الإلكترونية ورقمنة سجل الحالة المدنية، حيث ساهمت هذه الخطوات في تقديم الخدمات العامة بشكل أفضل وأسرع للمواطنين. فبفضل هذه الخدمات الرقمية، أصبح بإمكان المواطنين الحصول على وثائقهم المدنية مثل شهادات الميلاد وعقود الزواج في مكان إقامتهم، دون الحاجة إلى الذهاب إلى البلدية. وهذا بالطبع يعزز الكفاءة ويوفر الوقت والجهد للمواطنين،ومع ذلك، لا يزال هناك تحديات تواجه تطبيق الرقمنة في بعض القطاعات، وتتضمن هذه التحديات ضعف البنية التحتية التكنولوجية ونقص الوعي الرقمي بين بعض الفئات السكانية. ولكن مع استمرار تطوير البنية التحتية وتعزيز التوعية، من المتوقع أن يتحسن التطبيق العام للتكنولوجيا الرقمية ويصبح أكثر فعالية في تلبية احتياجات المواطنين وتحسين جودة الخدمات الحكومية.
خدمات المنصات الرقمية الموجهة للمواطن
أطلقت مصالح وزارة الداخلية في نوفمبر 2021 بوابة إلكترونية تحت اسم “نشكي” تهدف إلى استقبال شكاوى المواطنين والمتعاملين وتمكينهم من رفع شكاواهم وطلباتهم لمختلف الجهات الحكومية، بهدف تحسين جودة الخدمات وتسهيل الإجراءات الإدارية. تشمل هذه الخدمة في مرحلتها الأولى 51 ملفاً، تغطي مجموعة متنوعة من القضايا والمتطلبات التي تهم المواطنين، مثل الإسكان بجميع أشكاله، والمساعدات السكنية للمناطق الريفية، والتوزيعات الاجتماعية للعقارات والسكن الوظيفي، بالإضافة إلى توفير البنية التحتية الأساسية مثل المياه الصالحة للشرب، والكهرباء، والغاز، وشبكات الصرف الصحي، والإنارة العامة، وتهيئة الطرق، وتحسين البنية التحتية العامة،تتيح البوابة الإلكترونية أيضًا تقديم طلبات وطلبات للخدمات العامة الأخرى، مثل طلبات التحويل والتشغيل، والاستثمار في القطاعات الصناعية والزراعية والخدماتية، والمنح والمعاشات والمساعدات الاجتماعية، والخدمات التعليمية والنقل، والنشاطات التجارية والاقتصادية والثقافية والترفيهية. كما تتيح أيضًا إمكانية تقديم شكاوى بشأن التجاوزات التي تقع من قبل المسؤولين والمنتخبين المحليين،إلى جانب ذلك، تم الإعلان عن إطلاق خدمة “الشباك عن بعد”، التي تسمح للمواطنين بتقديم الملفات الإدارية عن بُعد لتوفير الراحة وتوفير الوقت والجهد للمواطنين، وتغطي هذه الخدمة مجموعة متنوعة من الطلبات والتراخيص المتعلقة بالسكن والبناء والأعمال العامة والخدمات الاقتصادية والثقافية والترفيهية.
“فيرما زاد” نقاط بيع من المنتج الفلاحي إلى المستهلك
إطلاق موقع إلكتروني لنقاط بيع المنتجات الفلاحية مباشرة للمستهلك في أفريل 2021 يعكس جهود وزارة الفلاحة والتنمية الريفية في تعزيز رقمنة قطاع الفلاحة وتوفير وسائل التواصل الإلكتروني لتيسير عمليات البيع والتسويق للمنتجات الزراعية،تتيح هذه المنصة الإلكترونية للمواطنين والمستثمرين الفلاحين تحديد مواقع نقاط البيع للمنتجات الفلاحية في مختلف الولايات، مما يسهل عملية البحث والوصول إلى هذه النقاط بشكل أسرع وأسهل. يمكن للمواطنين الاطلاع على المعلومات المتعلقة بالمنتجات المتوفرة وأماكن بيعها، مما يسهل عليهم عملية شراء المنتجات الزراعية مباشرة من المنتجين دون الحاجة إلى وسطاء،هذه المبادرة تعزز التواصل المباشر بين المزارعين والمستهلكين، وتساهم في دعم الاقتصاد الريفي وتعزيز دور الفلاحين في تسويق منتجاتهم مباشرة دون وسيط، مما يعزز الشفافية والثقة بين الجمهور والمنتجين الفلاحين. كما تعتبر هذه المنصة خطوة إيجابية نحو تعزيز التسويق الرقمي في قطاع الفلاحة وتحسين فرص التسويق وزيادة دخل المزارعين.
يتبع…
بقلم:جلال يياوي