زوايـا وأقـلام

تتميز بسرعة انتشار الخبر والمتابعة الآنية

صحافة " الموجو" الوجه الجديد لنقل الأخبار

بقلم/د. ابراهيم سلامي

 

  قد يبدو من الغريب التطرق إلى جوانب الثقافة لدى الحديث عن أحد تحولات صناعة الصحافة، حيث إن الاندماج الإعلامي أصبح يحمل في طياته جوانب ثقافية تتجاوز حدود التكنولوجيا.

لم يترك توغل الموبايل في عالم الصحافة خيارا للصحفيين، وبات من الضروري على الصحفي اليوم إتقان الأدوات والتقنيات الحديثة اللازمة لإنتاج المحتوى الصحفي باستخدام الموبايل من خلال التدريب، حتى وإن لم يكن مهتما بالتحول الكامل إلى صحافة الموبايل، التي أصبحت تعرف اليوم بـ Mobile  Journalist( أو حافة الموجو).

إن تحول صحافة الموبايل “الموجو” إلى أنماط صحافية أكثر تفاعلا من قبل الجمهور، ومشاركة للأفكار والرؤى، ساهمت في ظهور صحافة الوسائط المتعددة التي تتواجد على مختلف المنصات الإلكترونية من شبكات اجتماعية وتطبيقات اتصالية وبرامج تواصلية، فهي ثورة اتصالية دمجت بين جملة من التطبيقات والمنصات بهدف محاصرة المستخدم بكثير من الوظائف والإمكانات التفاعلية الفريدة من نوعها، هذه المميزات وغيرها مثلت بالفعل تحديا للمؤسسات الصحافية، وأرغمتها على ضرورة مواكبة هذا التطور التكنولوجي وتحديث منتجاتها حسب ما يخدم  لغة العصر، حيث يرى بعض الباحثين أن هناك عوامل عدة ساهمت في ظهور وتطور الصحافة المحمولة منها.

بتزايد أعداد المستخدمين للهواتف المحمولة من المتوقع أن يتطور أكثر خلال الأعوام القادمة خصوصا مع صعود الأجيال الجديدة، حسب الإحصائيات التي أجرتها شركة اريكسون مؤخرا أن عدد من يقرؤون أو يشاهدون محتوى إعلاميا عبر الهواتف الذكية قفز خلال العامين الماضيين ليصل إلى 79 بالمائة، وتؤكد: “إننا نشهد الجيل الأول الذي ترعرع بوجود اليوتيوب، هذا الجيل يريد أن يختار ماذا يشاهد، إضافة إلى أنه جيل يعرف كيف يصور ويحرر وينتج بنفسه، ليس هناك شك أن هذا النوع من الصحافة هو ما سيسود خلال السنوات القادمة فلم يسبق لأي تكنولوجيا أن وصلت إلى أياد كثيرة في بلدان العالم في فترة زمنية قصيرة كما فعلت تكنولوجيا الهواتف المحمولة.

      إضافة إلى ذلك أن أرخص وسيلة لإجراء تغطية مباشرة للأحداث بطرق شتى، أقل تكلفة وأكثر سرعة ويحمل تقنيات متطورة تخص الفيديو والصور والصوت وفضلا عن تشغيل برامج المحمول، والتي تمكن الصحافيين من إجراء التحرير الضروري لإنشاء تقارير عالية الجودة على هواتفهم بأنفسهم وحتى كتابة المقالات الطويلة على أغلب الهواتف الذكية.

وساهم في ذلك الارتفاع المدهش في القدرات الإعلامية لأجهزة الهواتف المحمولة على تخزين ومعالجة المعلومات وتوفرها على كم هائل من المعلومات، ويتم اقتناؤها بطرق تفاعلية مختلفة، كما تستطيع الهواتف الذكية كذلك تشغيل البرامج التي تساعد الصحافي أن يتعدى مجرد إنشاء المحتوى، كي يستطيع إدارة جدوله، وإجراء البحث، وتنظيم الملفات بين جهاز الكمبيوتر وهاتفه، والمزيد غير ذلك باختصار، السبب البسيط هو أن “الهاتف الذكي الآن يعد أستيديو أخبار محمول ” مثلما أشارت اليه (أ. تيفاني كامبل) المنتمية الى مؤسسة The Seattle Times.

أيضا متابعة الأحداث حيث أجبرت الصحافة على الخط الصحافي على المعايشة المستمرة للأحداث والمتابعة الآنية لما يستجد من معلومات وسهلت عملية التدخل لتجديد المحتوى، والسرعة في تلقي الخبر العاجل في وقته مشفوعا بفيلم الفيديو معزز بصور حية، مما يدعم مصداقية الخبر وذلك بدلا من الانتظار إلى اليوم الموالي لقراءة العدد الجديد من الصحيفة اليومية.

بفضل تطور تقنية الهواتف المحمولة الذكية منها والتي تمكن من إرسال المعلومات بسهولة، وبسرعة فائقة متجاوزة كل العوائق، فضلا على أنها تقتصر على تلخيص بعض الموضوعات وإعادة صياغة عناوينها، التي تمتاز بالبساطة والاختصار والوضوح في المحتوى. وفق ما يناسب الجمهور المتباين من حيث المستوى الثقافي والتواجد الجغرافي.

 أما الأمر الثاني هو تطور أدوات إنتاج المحتوى الرقمي، والبرمجيات المساعدة على إعداده عبر واجهات بسيطة وسهلة، ما جعل إنتاج هذا النوع من المحتوى ليس بالأمر المعقد مثل السابق، لا سيما في ظل عدم حاجة التغطيات الخبرية السريعة بالفيديو للمواقع الإخبارية لمواد ذات جودة عالية، فإن يلتقط الصحافي الفيديو لواقعة طارئة أو حدث يغطيه لم يعد أمرا معضلا، ولم يعد عليه  إلا أن يشغل كاميرا هاتفه الذكي الذي يشتريه بسعر معقول أو توفره له مؤسسته الصحفية، ليس فقط بحثا عن تميز مهني ولكن تجنبا للمساءلة.

لقد استطاعت الهواتف الذكية أن تجتاح العالم مؤكدة بذلك مكانتها في العصر الحديث، بعدما ولجت مجال الإعلام  الجديد وأحدثت ثورة في عالم الصحافة والأفلام والتصوير، حتى أصبحت قادرة على إنتاج أعمال إعلامية متكاملة قائمة بذاتها ودخلت ميدان العمل الإعلامي تدريجيا ابتداء من خدمات الرسائل العاجلة دون حاجتها إلى مكتب أو أستوديو أو رأس مال، فصحافة الهاتف المحمول هي منجزات ثورة المعلومات وآخر ما توصلت إليه تكنولوجيا الاتصال،  ليصبح الموبايل مؤسسة كاملة لصناعة الأخبار وإجراء المقابلات وتنفيذ الحوار وإجراء العمليات الفنية “المونتاج والصوت” والبث المباشر وعرض الأخبار العاجلة، وهو ما يسهل على المتابعين هضم الخبر بسهولة، والملفت للنظر في هذه الوسيلة الإعلامية المتكاملة هو إمكانية استخدامها بشكل سلس في اي مكان وأي لحظة، بالإضافة إلى قدرته على التقاط اللحظات العفوية للناس على عكس الكاميرات العادية، ففي نهاية الأمر هو مجرد هاتف صغير لا رهبة له مثل الكاميرا الكبيرة والأضواء الساطعة التي تبهرج المكان، لكن  لضمان استخدام ” الهاتف” بشكل آمن وقانوني.

يجب التحلي بالمزيد من التوعية في استخدام التطبيقات والبرمجيات والتقنيات الحديثة في صحافة الموبايل، وتحري المصداقية والعمل على رفع مستوى معارف ومهارات الشباب في القضايا المختلفة والصحية باستخدام التقنيات الرقمية، وتفعيل إجراءات الضبط القانوني للنشر الإلكتروني عبر تطبيقات الموبايل بعدما زاد الاعتماد عليها بشكل ملحوظ في مرحلة الإنتاج والنشر ومرحلة التلقي والاستخدامات،

من أجل رفع كفاءة الصحفيين خاصة فيما يتعلق بالتقنيات الرقمية وتطبيقات الموبايل عن طريق الإعداد الأكاديمي الجيد يجب تنظيم دورات تدريبية، لتنمية المهارات والشعور بالمسؤولية اتجاه المجتمع وقضاياه المختلفة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى