زوايـا وأقـلام

القائدة “حليمة”..

أسطورة من التراث الجزائري

القائدة “حليمة”، الشخصية الأسطورية والمأثورة في التاريخ الجزائري، وحتى المخيال الشعبي، لم تكن مجرد امرأة عادية بل احتلت مكانة خاصة في الذاكرة الجماعية لمدينة وهران في الجزائر. 

كما نجحت في أن تكون سيدة كبيرة في دائرة مزارعي الأراضي بفضل حنكتها وفراستها وحسن تدبيرها وتسييرها حتى لقبت “بالقائدة”، والذي يُخصص عادة للرجال لكنها فاقت عليهم كثيرا، لشجاعتها وحماسها وحزمها وغيرتها على الوطن وحبها الشديد لشعبها. كانت مشهورة أيضا بدماثة أخلاقها ورحابة صدرها وطيب خاطرها وصفاء طبعها وصفاتها الإنسانية ويشهد على تأثيرها وقوتها وبامتلاكها لشخصية فخورة ومعتزة. 

لقد حققت قائدة “حليمة” تاريخا عظيما بإنهاء خصومة بين قبيلتين قديمتين استمرت لـ3 آلاف عام، وهما قبيلتي الميهان وزلوا،  بالإضافة إلى مهاراتها البارعة وتسييرها الحكيم في إدارة الزراعة، وكانت أيضا نافعة للأيتام ومساعدة للمحرومين وفي خدمة المحتاجين، حيث سجل لها التاريخ بكل فهر واعتزاز أنها تكفلت بتربية العشرات من الأيتام، جاءت بهم من الشرق الجزائري وكلهم من أبناء وبنات الذين قتلوا في مجازر 8 ماي 1945 بسطيف قالمة وخراطة، حيث تكفلت بإيوائهم وتربيتهم وتعليمهم حتى صاروا اليوم رجالا ونساء. 

كما أنها ساهمت بكرم في التبرع بقطعة أرض كبيرة لتصبح مقبرة وجامع، وهي مقبرة عين البيضاء بوهران، وتبرعت أيضا بأرض أخرى ببريدية التابعة لدائرة بوتليليس بوهران لتصبح بدورها مقبرة، ناهيك عن مساهماتها الفعالة في الجمعيات الخيرية والمدارس القرآنية، بل أن التزامها الإنساني توسع إلى مشاركتها في الصليب الأحمر الفرنسي كعضو في الفرع الوهراني، وقد تم التعرف عليها وتكريمها عن جهودها في دعم الجرحى العسكريين والمحتاجين. بعد أدائها للحج إلى الأماكن المقدسة في الإسلام، تم تمجيد تفانيها ومحبتها للإنسانية. “القائدة” حليمة لا زال جيل الاستقلال يجهلها ولا يعرف عنها إلا اسمها، ولم يتم إنصافها بما تستحقه من فخر وشرف، وأيضا ابنتها “ستي” التي واصلت مسيرة أمها ونضالها من أجل وطنها وشعبها.

إلـهـام. م

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى