زوايـا وأقـلام

أقـالـيـم الانتشاء

بقلم: معاذ أحمد عبيد (مصر)

 أيها المتهم بغواية الإبحار في جسد القصيدة المفتوحة على مسالك الماء.. أراني عاجزا على اختراق المسافة والقفز صوب غدائر السحر…أراني قد هدني النعاس في زمن النعاس.. لكن همسك يرجرج جليدي ويحفر أرض صمتي …وحدك دائما تسارع إلى اقتلاع ذهول النسخ وجذب الجذور… وأتساءل للمرة الألف (هل ما زلت أشبه رامي أم صرت فقط مرآة للمحو؟).. صعب أن أكتب من نقطة لا أراها وأمامي صداقات الوهم وأشباه المثقفين وأشباح للإبداع والثقافة.. الكل يدعي أنه شاعر وهو أصلا لا يصلح للكتابة.. الكل يدعي النبوغ في القصيدة وهو يدنس براءة البياض عابثا بقداسة اللغة.. وكل من يصبح (معرفة) بعد أن كان (نكرة) زيفا وتملقا وإعلاميا، إلا وأول ما يقوم به هو إقصاء غيره وإلغائه بحجة الرداءة.. لقد أثبتت التجربة أن المهرجانات والمنتديات والوقوف في المنصات والزخم الإعلامي لا يجعل منك شاعرا أو أديبا أو مثقفا بل نصك وأخلاقك ومعاملاتك مع غيرك وتواضعك مع الناس.. ولكن في غياب النخبة المثقفة الحقيقية والحائط النقدي البناء والنصيحة الصادقة أصبح كل من سولت له نفسه يدعي الكتابة وأصبحت الكتابة مهنة من لا مهنة له.. بداخلي ألم دفين ووجع يشتد مع مرور الوقت وغصة لا أقدر وصفها.. ليس من أشباه المثقفين والمبدعين لأنها ظاهرة تتكرر مع مرور السنوات لكن لاستفحالها كالنار في الهشيم ولعمري ستأتي على الخضر واليابس قريبا.. لن أندد ولا أشجب ولا أدين مثل السياسويين المنافقين، ولن اكتب بيانا مثل الذين أفلسوا للتأكيد أنهم (ها هنا).. لن انتحر مثل “فان كوخ” في أشجع لحظة في حياتي.. لن اهجر الأرض التي تبنتني ومنحتني قوتها.. لن انسحب بذريعة (الشرف) وإنا أجر أذيال الخيبة منكسرا.. لن أعد انكساراتي ولا خيباتي ولا سقوطي.. عفوا أنا لا أحترفُ فن الندامة وما تعودت الشك في نفسي حتى أقلبها.. لن أكسر أقلامي أو أحرق صفحاتي أو أدير ظهري لما يجري.. سأواصل دربي في كشف هؤلاء وهؤلاء ومؤازرة كل من يمتطي صهوة الحرف صدقا وحبا وعن علم معرفة.. سأواصل رحلة (الغبن الثقافي) ولو وحيدا، وأتذكر ما قاله صديقي الشاعر الراحل عبد الله شاكري (إن الضوء يخرج دوما من دماسة الليل).. لن تخيفني أزيز المحركات ولن تبهرني ألوان المساحيق التي سرعان ما تختفي أمام أولى زخات المطر.. فقط، سأرتب أوراقي وأعيد النظر في دفاتري وأجدد طاقتي.. وسأجد حتما من يؤمن بالثقافة والإبداع كقضية ومشروع من رابع المستحيلات أن يصنعه شخصا واحدا أو جماعة بل بمشاركة الجميع دون إقصاء أو إلغاء ولكن رحم الله من عرف قدره فألزمها حدودها.. انتظروا هؤلاء.. ملائكة الإبداع والأدب.. بنا أو بدوننا.. سيعودون ..وإن غدا لناظره قريب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى