الحدث

إعطاء الأولوية لتجسيد رهان تعديل الدستور

لبناء الجزائر الجديدة والإسهام في وضع السياسات وصناعة القرار

لدى أداءه اليمين رئيسا للبلاد في 19 ديسمبر 2019، تعهد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون بتعديل دستور 1996، ومد يده إلى “الحراك المبارك” لبلورة خامس دستور على درب الانتقال إلى الجزائر الجديدة، وشكل الاستفتاء على تعديل الدستور في الفاتح نوفمبر 2020، تجسيدا لكبرى الأولويات التي سطرها الرئيس تبون، غداة انتخابه بهدف إرساء أسس الجزائر الجديدة، في إطار تجسيد التزاماته أمام الجزائريين وتحقيق أحد المطالب التي عبّروا عنها خلال الحراك الشعبي السلمي في 22 فيفري 2019.

وفي ذات السياق، ولعلم أهم حيثيات ومحطات خامس دستور في تاريخ الجزائر، تشكلت بتعهد الرئيس تبون بجعل تعديل الدستور أول ورشة في برنامجه للإصلاح السياسي الشامل، وقد تضمنت مسودة مشروع تعديل الدستور عدة مقترحات توزعت على ستة محاور أساسية، أقر فيها المشروع مبدأ التصريح (عوض الترخيص) لممارسة حرية الاجتماع والتظاهر، وكذلك إنشاء الجمعيات وعدم حلها إلا بقرار قضائي، كما أنه لا يمكن للقانون أن يتضمن أحكاما تعيق بطبيعتها حرية إنشاء الأحزاب السياسية.

وقد نصّت المسودة على عدم ممارسة أكثر من عهدتين رئاسيتين متتاليتين أو منفصلتين، وتحديد الفترة البرلمانية بعهدتين فقط، مع إمكانية تعيين رئيس الجمهورية نائبا له، بحيث عززت الوثيقة مركز رئيس الحكومة وتوسيع صلاحياته بدلا من اعتماد منصب الوزير الأول كمنسق شكلي للفريق الوزاري، ناهيك عن إلغاء حق الرئيس في التشريع بأوامر خلال العطل البرلمانية.

وفيما يخص محور السلطة القضائية، أبعدت المسودة وزير العدل والنائب العام لدى المحكمة العليا من تشكيلة المجلس الأعلى للقضاء، مع رفع عدد القضاة المنتخبين داخله، وإقرار محكمة دستورية لأول مرة بدلاً من المجلس الدستوري، ومنحها حق الرقابة على القرارات المتخذة أثناء الحالة الاستثنائية، وتكريس اختصاصها بالنظر في مختلف الخلافات التي قد تحدث بين السلطات الدستورية بعد إخطار الجهات المختصة، بالإضافة إلى دسترة سلطة عليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته، وإدراجها ضمن الهيئات الرقابية، وكذلك دسترة السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات. ودسترة الحراك الشعبي لــ22 فيفري 2019، مع حظر خطاب الكراهية والتمييز، وإدراج اللغة الأمازيغية ضمن الأحكام الصمّاء التي لا تخضع للتعديل الدستوري.

كما تضمنت الوثيقة، مقترح دسترة مشاركة الجزائر في عمليات حفظ السلام تحت رعاية الأمم المتحدة، حيث يسمح لرئيس الجمهورية بالتدخل عسكريًا خارج الحدود بعد موافقة البرلمان.

 

أهم محطات تعديل الدستور

فقد أصدر رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون قرارا بإنشاء لجنة خبراء مكلفة بصياغة مقترحات لمراجعة الدستور، وجرى تكليف اللجنة برئاسة أحمد لعرابة أستاذ القانون الدولي العام وعضو لجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة، بتحليل وتقييم عملية تنظيم وعمل مؤسسات الدولة وتقديم مقترحات وتوصيات إلى رئيس الجمهورية بهدف تعزيز النظام الديمقراطي القائم على التعددية السياسية والتداول على السلطة.

وعليه فقد قدم أحمد لعرابة رئيس لجنة الخبراء الاقتراحات المتعلقة بتعديل الدستور، إلى رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، وتركزت المقترحات حول ضرورة تكريس الحقوق الأساسية والحريات العامة، تعزيز الفصل بين السلطات وتوازنها، السلطة القضائية والمحكمة الدستورية والشفافية، الوقاية من الفساد ومكافحته والسلطة الوطنية المستقلة للانتخابات.

وفي هذا السياق، طرحت رئاسة الجمهورية على الطبقة السياسية مسودة المشروع التمهيدي لتعديل الدستور كأرضية للنقاش من أجل التوصل إلى دستور توافقي، وقامت الرئاسة بتوزيع مسودة المشروع التمهيدي لتعديل الدستور من أجل تزويد الأمة بدستور توافقي يستجيب لتطلعات الشعب.

أعلن الرئيس عبد المجيد تبون بعدها استدعاء الهيئة الناخبة للاستفتاء على تعديل الدستور يوم الأحد الفاتح من نوفمبر 2020. وكذا تم مصادقة نواب المجلس الشعبي الوطني بالإجماع على مشروع تعديل الدستور، ومن تم مصادقة مجلس الوزراء على مشروع تعديل الدستور، وأشار الرئيس تبون إلى ضرورة تكييف عدد من القوانين مع المرحلة الجديدة ضمن منظور الإصلاح الشامل للدولة ومؤسساتها واستعادة هيبتها.

فقد صادق أعضاء مجلس الأمة، بالإجماع على مشروع تعديل الدستور المطروح على الاستفتاء الشعبي، في وقت ذكر الوزير الأول عبد العزيز جراد أنّ مشروع قانون تعديل الدستور حُظي بتفاعل واسع من طرف ممثلي الأحزاب السياسية، النقابات، منظمات المجتمع المدني، إضافة إلى الأساتذة الجامعيين وغيرهم بحوالي 5018 مقترحًا.

اجراء استفتاء تعديل الدستور، بلغ فيه العدد الإجمالي للناخبين المسجلين بما فيهم المقيمين بالخارج، 24.466.618، وبلغت نسبة المشاركة 23.84 بالمائة، بعدد إجمالي للناخبين المصوتين بما فيهم المقيمين في الخارج 5.661.551، في وقت بلغ عدد المصوتين بنعم 3.356.091 أي بنسبة 66،80 بالمائة، فيما كان عدد المصوتين بلا 1.668.148 أي بنسبة 20.33 بالمائة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى