تكنولوجيا

واشنطن وبكين.. من يفوز في سباق الذكاء الاصطناعي؟

سباق الذكاء الاصطناعي .. يشهد العالم سباقاً متسارعاً بين القوى الكبرى للهيمنة على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي. وهي التقنية التي باتت تعد محركاً رئيسياً للتحولات الاقتصادية والعلمية والعسكرية. ولا يقتصر هذا السباق على الجانب التقني فقط. بل يتجاوز ذلك ليشمل إعادة تشكيل موازين القوة العالمية وتعزيز النفوذ الاستراتيجي للدول.


 

في قلب هذا التنافس تبرز الولايات المتحدة والصين كأبرز قوتين عالميتين. تسعيان كلٌّ بطريقته إلى ترسيخ موقعه في هذه الصناعة الحيوية. وبينما تركز بعض الأطراف على تطوير النماذج الأكثر تقدماً. يميل البعض الآخر إلى تسريع نشر التطبيقات العملية في مختلف القطاعات، بما يعكس اختلافاً في الرؤى والأولويات.

يفتح هذا المشهد الباب أمام تحولات جذرية. ليس فقط في الاقتصاد العالمي وسلاسل الإمداد، بل أيضًا في طبيعة العلاقات الدولية ذاتها. ومن المرجّح أن يكون لمخرجات هذا السباق أثرٌ مباشر على رسم معالم النظام العالمي المقبل. سواء من حيث الفرص التنموية أو المخاطر المرتبطة بالهيمنة التكنولوجية.

 

سباق الذكاء الاصطناعي .. الإستثمار بكثافة في الذكاء الاصطناعي

وبحسب تقرير لصحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، فإن: كلا البلدين (الولايات المتحدة والصين) يستثمران بكثافة في الذكاء الاصطناعي.

لكن، ظاهرياً على الأقل، يبدو أنهما يسعيان إلى تحقيق أهداف مختلفة. فبينما يولي قادة الولايات المتحدة الأولوية لتطوير أذكى النماذج الممكنة. يركز صانعو السياسات الصينيون بشكل أكبر على تطبيق الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع.

يبدو أن الحزب الشيوعي الصيني أقل اعتماداً على الذكاء الاصطناعي العام من نظرائه الأميركيين. رغم أن مختبرات صينية رائدة مثل ديب سيك  تعلن عن طموحاتها في تطوير ذكاء اصطناعي. يضاهي قدرات العقل البشري. إلا أن كبار المسؤولين الحكوميين الصينيين نادراً ما يتناولون الذكاء الاصطناعي العام.

ويضيف التقرير: تفتقر الحكومة الصينية إلى مصطلح رسمي يعبّر عمّا يقصده الرئيس التفنيذي لشركة أوبين إيه آي. سام ألتمان، وآخرون بمصطلح الذكاء الاصطناعي العام.

المصطلح المستخدم في الصين هو “الذكاء الاصطناعي متعدد الأغراض”. وهذا يشير إلى نظام مطبّق على استخدامات متعددة. وليس ذكاءً بشريًا.

ولا تتخذ الحكومة الصينية خطوات واضحة لإنشاء البنية التحتية المادية اللازمة للذكاء الاصطناعي العام. فقد تباطأت في بناء “المجموعات العملاقة” من رقائق الحوسبة التي تبنيها شركات الحوسبة الضخمة الأميركية.

وبحسب التقرير فإنه حتى لو خاضت الولايات المتحدة والصين سباقاتٍ تبدو مختلفة في مجال الذكاء الاصطناعي.فإن المنافسة المباشرة لا تزال شديدة. وسواءٌ شكّك شي في الذكاء الاصطناعي العام. أو شعر بالقيود، أو أخفى نواياه، فهناك خطرٌ كبيرٌ على كلا الجانبين من “المفاجأة التكنولوجية” . فعندما يكتسب منافسٌ قدرةً تكنولوجيةً غير متوقعة. قد يفاقم ذلك من خطر الصراع.

 

سباق الذكاء الاصطناعي .. منافسة على الريادة

المستشار الأكاديمي في جامعة سان خوسيه الحكومية. الدكتور أحمد بانافع، يقول لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إنه في ظل السباق العالمي نحو الريادة في مجال الذكاء الاصطناعي. تعدّ الولايات المتحدة والصين أبرز قوتين تتنافسان على قيادة هذا المجال الاستراتيجي.

ورغم أن كلاً منهما تتبع نهجاً مختلفاً. فإن كلا البلدين يدفعان بعجلة التطوير بوتيرة متسارعة، مدفوعين بأهداف اقتصادية وتقنية وسياسية.

تتمتع الولايات المتحدة بتفوّق واضح في مجال البحث والتطوير في الذكاء الاصطناعي. شركاتها التقنية الكبرى مثل OpenAI، Google، Meta، وMicrosoft تعد من الروّاد في تصميم النماذج المتقدمة مثل GPT-4 وGemini .

كذلك تشكّل الشركات المصنعة للرقائق. وعلى رأسها Nvidia، العمود الفقري للبنية التحتية لتدريب هذه النماذج. ما يمنح أمريكا ميزة تنافسية كبيرة.

إلى جانب ذلك، تزدهر البيئة الأكاديمية الأميركية.حيث تنتج الجامعات الرائدة مثل MIT وStanford  أبحاثاً مؤثرة وتخرج نخبة العقول في المجال.

كما أن منظومة رأس المال المغامر في وادي السيليكون توفّر تمويلاً ضخماً للمشاريع الناشئة. مما يعزز سرعة الابتكار. ويضيف بانافع: “رغم هذه القوة. تواجه الولايات المتحدة تحديات مثل ازدياد الدعوات إلى تنظيم تقنيات الذكاء الاصطناعي لحماية الخصوصية وحقوق الأفراد.إلى جانب التنافس الداخلي بين الشركات الكبرى الذي قد يُعيق التعاون وتوحيد الجهود”.

 

الصين.. التنفيذ السريع والانضباط المركزي

تسلك الصين مساراً مختلفاً قائماً على التخطيط الاستراتيجي الحكومي والتنفيذ الواسع للتقنيات. الحكومة الصينية وضعت الذكاء الاصطناعي كأولوية وطنية في خططها المستقبلية، وتسعى من خلال مبادرات مثل “صُنع في الصين 2025″ و”خطة الذكاء الاصطناعي 2030” إلى جعل البلاد رائدة في هذا المجال. الصين تتميز بقدرتها على تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي في الحياة اليومية بسرعة كبيرة، بدءاً من التعليم والرعاية الصحية وصولاً إلى المراقبة الأمنية. كما تستفيد من وفرة البيانات الناتجة عن عدد السكان الهائل، ومن بيئة تنظيمية مرنة تتيح جمع البيانات بكثافة.

لكن بانافع يقول في الوقت نفسه إن بكين لا تزال تعتمد على تكنولوجيا غربية متقدمة في مجال تصنيع الرقائق، وهو ما يجعلها عرضة للقيود التي تفرضها الولايات المتحدة على صادرات المعالجات. كما أن الابتكار المحلي رغم تطوره لا يزال يواجه قيوداً مرتبطة بالرقابة والانضباط السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى