تكنولوجيا

منصة “إكس” تقرر منع الوسوم الإعلانية

في تحول لافت في سياسة الإعلانات الرقمية، أعلنت منصة “إكس”، التي كانت تُعرف سابقًا باسم “تويتر”، أنها ستبدأ اعتبارًا من أمس الجمعة في تطبيق قرار حظر استخدام الوسوم  ضمن الإعلانات المنشورة على منصتها، هذا التوجه يأتي في سياق سلسلة من التعديلات الجوهرية التي يقودها الملياردير المعروف، “إيلون ماسك”، منذ استحواذه على المنصة في عام 2022، والتي تسعى لإعادة بناء هوية المنصة بشكل أكثر تميزًا وتفردًا.

وقد أعلن ماسك عن هذا القرار عبر حسابه الرسمي، واصفًا الوسوم بأنها “تشوه بصري”، ما يعكس موقفًا شخصيًا صارمًا تجاه هذه الأداة التي كانت لفترة طويلة تُعد من ركائز التفاعل على منصات التواصل الاجتماعي.

 

الوسوم من أداة للتفاعل إلى “تشوه بصري”

لطالما كانت الوسوم عنصرًا أساسيًا في تعزيز انتشار المحتوى وجذب انتباه الجمهور، خاصة في الحملات الدعائية، فهي تسمح للمعلنين بربط محتواهم بسياقات أوسع، وزيادة فرص الظهور في نتائج البحث والمشاركات المرتبطة بموضوعات معينة، لكن يبدو أن “إكس” تحت قيادة “ماسك” قررت كسر هذا التقليد والابتعاد عن المسارات الإعلانية التقليدية التي تتبعها منصات أخرى .

الرؤية التي يقودها “ماسك” ترتكز على مبدأ تقليل “الفوضى البصرية”، كما سماها، ومنح الإعلانات مظهرًا أكثر سلاسة وتركيزًا على المحتوى بدلًا من اعتمادها على أدوات مساعدة مثل الوسوم، وهو ما يفتح الباب أمام نقاش أوسع حول جدوى الوسوم في الحملات التسويقية، خاصة مع تزايد الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في تحديد اهتمامات المستخدمين بدلاً من الوسوم التي قد تكون مضللة أحيانًا أو مستخدمة بشكل مفرط.

ورغم أن بعض الخبراء التقنيين يرون أن الوسوم أصبحت أقل تأثيرًا مما كانت عليه سابقًا، إلا أن المعلنين لا يزالون يعتمدون عليها في توجيه رسائلهم إلى جمهور محدد خصوصًا في الحملات المتعلقة بالموضة، الرياضة، أو القضايا الاجتماعية، حيث تساعد الوسوم في خلق محادثات عامة حول مواضيع معينة.

 

تأثير القرار على السوق الإعلاني

القرار الأخير أثار تساؤلات كثيرة حول مدى تأثيره على الفعالية الإعلانية داخل المنصة، حيث يرى بعض المراقبين أن حظر الوسوم قد يُضعف من فرص الوصول العضوي للمحتوى الإعلاني، ويجعل الحملات أقل تفاعلًا مع المستخدمين، لكن آخرين يرون في الخطوة محاولة من المنصة لفصل الإعلانات عن المحتوى العادي، وإضفاء طابع احترافي وأكثر دقة على الإعلانات المنشورة .

ويُتوقع أن تتجه “إكس” إلى تطوير أدوات بديلة تساعد في تحسين استهداف الجمهور بشكل أدق دون الحاجة إلى الوسوم، مثل تحسين نظام الاقتراحات بناء على اهتمامات المستخدم، أو توسيع قاعدة البيانات التي تعتمد على سلوك التصفح والتفاعل .

من جهة أخرى، يرى بعض المستخدمين أن الوسوم لم تعد تقدم قيمة مضافة، بل تحولت إلى وسيلة للتكديس العشوائي للكلمات المفتاحية، مما يُفقد المحتوى جوهره، وعبّر بعضهم عن ارتياحهم لهذا القرار الذي قد يُسهم في تنظيف ساحة الإعلانات من “الضجيج الرقمي.”

تاريخيًا، لم يكن موقف “ماسك” من الوسوم وليد اللحظة، فقد سبق أن صرّح في نهاية العام الماضي بأنها “بشعة”، بل وناشد المستخدمين بالتوقف عن استخدامها، في تصريح أثار الجدل بين المؤيدين والمعارضين لهذا الطرح، لكن هذه المرة، لا يقتصر الأمر على رأي شخصي بل تحول إلى سياسة رسمية للمنصة .

 

“إكس” تسير في اتجاه مغاير

منذ تغيير اسم المنصة من “تويتر” إلى “إكس”، وبدء تنفيذ إصلاحات واسعة على مستويات متعددة، يظهر أن ماسك يسعى لتحويل المنصة إلى كيان جديد كليًا يحمل سمات مختلفة عن الشكل القديم الذي عرفه المستخدمون لعقد ونصف، فهو لا يريد فقط تغيير الاسم أو الشعار،بل يسعى إلى تغيير طريقة الاستخدام شكل المحتوى، وآليات التفاعل أيضًا .

ومن ضمن هذه الجهود، أطلقت المنصة مؤخرا خدمة “الدردشة الخاصة” لمنافسة تطبيقات التراسل الفوري، كما تعمل على تعزيز المحتوى المرئي والمرتكز على الصوت، في خطوة لإعادة صياغة المفهوم التقليدي لـ”منصة التغريدات النصية القصيرة.”

هذا التوجه يُظهر بوضوح أن ماسك لا ينظر إلى “إكس” كمنصة تواصل اجتماعي فحسب، بل كمشروع إعلامي وتقني متكامل يحمل طابعًا خاصًا، ويستهدف فئات مختلفة من المستخدمين، مع التركيز على التجربة الفريدة، بعيدًا عن النمطية والازدحام الرقمي الذي يطغى على منصات أخرى .

وفي حين لا تزال خاصية الوسوم متاحة في المنشورات العادية، فإن المنع في الإعلانات قد يكون الخطوة الأولى نحو تقليص استخدامها تدريجيًا في كامل المنصة، أو إعادة تعريف دورها وشكلها ضمن تجربة المستخدم.

تسير “إكس” في مسار جريء، يحاول إعادة رسم ملامح منصة تواصل اجتماعي بُنيت على ثقافة الوسوم والتفاعل اللحظي، لتتحول إلى منصة أكثر هدوء وتركيزا على الجودة والخصوصية، قرار منع الوسوم في الإعلانات قد يبدو صادمًا في البداية، لكنه يعكس استراتيجية أوسع لإعادة بناء العلاقة بين المستخدم،المحتوى والمعلن، بشكل أكثر نضجًا وتوازنًا.

ياقوت زهرة القدس بن عبد الله

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى