
تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية
في عصر التكنولوجيا المتسارع، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي جزء لا يتجزأ من حياتنا اليومية.
فهي ليست مجرد منصات للتواصل، بل تحولت إلى مساحات يعبر فيها الأفراد عن أنفسهم، ويشاركون
لحظاتهم، ويتفاعلون مع العالم من حولهم. ومع ذلك، فإن هذه المنصات تحمل في طياتها تناقضًا
كبيرًا بين الواقع الذي نعيشه والصورة المثالية التي نراها على الشاشات.
تعزيز الروابط الاجتماعية
فمن ناحية، تسهم وسائل التواصل الاجتماعي في تعزيز الروابط الاجتماعية وتوفير مصادر للإلهام
والتحفيز، فالكثيرون يشاركون إنجازاتهم، لحظات سعادتهم، وتجاربهم الناجحة، مما قد يكون مصدرا
للتفاؤل والدعم للآخرين.
لكن من ناحية أخرى، فإن التركيز المفرط على عرض الجوانب الإيجابية فقط قد يخلق صورة غير
واقعية عن الحياة، مما يؤدي إلى شعور الكثيرين بالضغط النفسي والعزلة.
مشاركة الجوانب المشرقة فقط
فالحياة ليست سلسلة من اللحظات المثالية، بل هي مزيج من النجاحات والإخفاقات، الفرح والألم،
الراحة والتحديات. ومع ذلك، فإن الثقافة السائدة على منصات مثل إنستغرام وفيسبوك ولينكد إن
تدفع المستخدمين إلى مشاركة الجوانب المشرقة فقط، متجاهلين الصعوبات اليومية التي
يواجهها الجميع.
حاجة الفرد إلى الظهور بمثالية
هذا الاتجاه يخلق بيئة تنافسية غير معلنة، حيث يشعر الأفراد بالحاجة إلى الظهور بشكل مثالي،
سواء من خلال تحسين الصور أو التفاخر بالإنجازات.
وقد يدفع هذا البعض إلى مقارنة حياتهم بالصور اللامعة التي يرونها على الشاشات، مما يعزز
مشاعر القلق وعدم الرضا عن الذات.
خلق بيئة أكثر واقعية وتوازنا
لكن في المقابل، بدأت تظهر حركات مضادة على بعض المنصات، حيث يشارك الأفراد
تجاربهم الصادقة، بما في ذلك لحظات الفشل والتحديات.
هذه المشاركات تسهم في خلق بيئة أكثر واقعية وتوازنا، حيث يشعر الناس بأنهم ليسوا
وحدهم في مواجهة الصعوبات.
من المهم أن ندرك أن وسائل التواصل الاجتماعي هي مجرد أداة، ويمكن أن تكون مصدرًا
للإلهام أو الضغط حسب طريقة استخدامنا لها، فبينما تحتفل هذه المنصات بالنجاحات
واللحظات المثالية، فإن مشاركة التجارب الواقعية يمكن أن توفر الدعم النفسي وتعزز
التواصل الإنساني.
في النهاية، الحياة ليست مجرد ما نراه على الشاشات، بل هي رحلة مليئة بالتفاصيل
الجميلة والصعبة.
ومن خلال تقبل كل جوانبها، يمكننا أن نعيش حياة أكثر توازنا وصدقا.
الصحة النفسية
ياقوت زهرة القدس بن عبد الله