تكنولوجيا

مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي

ظاهرة "فومو" في عصر الرقمنة وتأثيره على الشباب

مع توسع الرقمنة وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي، أصبحت ظاهرة “فومو” (FOMO)، أو الخوف من تفويت الفرص، إحدى التحديات النفسية الرئيسية التي يواجهها الشباب.

تشير هذه الظاهرة إلى الشعور بالقلق أو عدم الرضا الذي يسيطر على الفرد عندما يعتقد أنه يفوّت أحداثًا، تجارب، أو لحظات ممتعة يشارك فيها الآخرون.  بفضل الإنترنت والتحديثات المستمرة على منصات مثل إنستغرام وفيسبوك، أصبحت هذه الظاهرة أكثر شيوعًا، حيث تتيح التكنولوجيا للمستخدمين نافذة دائمة على حياة الآخرين، مما يعزز الشعور بالمقارنة والتقصير.

 

تضخيم ظاهرة “فومو”

تُعد وسائل التواصل الاجتماعي العامل الرئيسي في تضخيم ظاهرة “فومو”، حيث تعمل خوارزميات هذه المنصات على إبقاء المستخدم متصلاً بشكل دائم، مع إشعارات مستمرة تُظهر ما يفعله الآخرون. عندما يرى الشاب صورًا أو فيديوهات توثق لحظات ممتعة أو إنجازات مهنية لأصدقائه، قد يشعر بأنه يعيش حياة أقل إثارة أو أهمية.

مشاركة الإنجازات والسفر والأنشطة الاجتماعية تجعل البعض يشعرون بأنهم معزولون أو يفوتون فرصا قد تكون متاحة للآخرين. هذا الضغط النفسي يُعمّق الشعور بعدم الكفاية، ويجعل الفرد أسيرًا لمقارنة غير عادلة بين حياته الواقعية وحياة الآخرين التي تبدو مثالية.

 

ظاهرة “فومو” وزيادة مستويات القلق والاكتئاب

ظاهرة “فومو” تؤثر بشكل مباشر على الصحة النفسية للشباب. أولاً، يمكن أن تؤدي إلى زيادة مستويات القلق والاكتئاب، إذ يشعر الأفراد الذين يعانون من هذا القلق بأنهم في سباق دائم للحاق بما يفعله الآخرون، حتى لو كان ذلك مجرد وهم رقمي. ثانيًا، تعزز “فومو” شعور الشباب بعدم الرضا عن حياتهم، حيث تتركز نظرتهم على ما ينقصهم بدلًا من تقدير ما لديهم. بالإضافة إلى ذلك، تُؤثر هذه الظاهرة على جودة النوم لدى العديد من الشباب، حيث يدفعهم الفضول أو القلق إلى تفقد وسائل التواصل الاجتماعي باستمرار، حتى في أوقات الراحة. هذا السلوك يؤدي إلى اضطرابات النوم، مما يزيد من التوتر النفسي.

 

انتشار وسائل التواصل الاجتماعي
انتشار وسائل التواصل الاجتماعي

خطوات عملية لمواجهة ظاهرة “فومو”

لمواجهة ظاهرة “فومو”، يجب التركيز على تطوير الوعي الذاتي بين الشباب، من الضروري أن يدرك الفرد أن ما يُعرض على وسائل التواصل الاجتماعي ليس دائمًا حقيقيًا أو يعكس الصورة الكاملة لحياة الآخرين.

فالكثير من المستخدمين يشاركون لحظاتهم السعيدة فقط، متجاهلين الجوانب العادية أو الصعبة من حياتهم. كذلك، يُعد تنظيم الوقت الرقمي خطوة هامة لتقليل الاعتماد على وسائل التواصل الاجتماعي والحد من التأثيرات النفسية السلبية لها خاصة ظمن ظاهرة “فومو”. إلى جانب التركيز على الأنشطة الواقعية مثل ممارسة الهوايات أو قضاء الوقت مع العائلة والأصدقاء، يمكن أن يساعد في تحسين الحالة النفسية ويقلل من الشعور بالعزلة أو التقصير.

 

ظاهرة “فومو” انعكاس للتحديات النفسية

في النهاية، تمثل هذه ظاهرة انعكاسا للتحديات النفسية التي يفرضها عصر الرقمنة على الشباب، ورغم أنها جزء من تجربة الاتصال الرقمي، إلا أنها تحتاج إلى تعامل واعٍ لتجنب آثارها السلبية.

من خلال تعزيز الوعي والتوازن بين الحياة الرقمية والحقيقية، يمكن للشباب تحقيق الرضا النفسي والاستفادة من التكنولوجيا دون أن تصبح مصدرا للضغط أو القلق.

ياقوت زهرة القدس بن عبد الله

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى