
تـزامـنا والأسبوع العالمي لريادة الأعمال GEW2025 ، الذي تنظمه جامعة تلمسان على غـرار باقي جامعات ولايات الوطن، أردنا خلال ربورتاج هذا الأسبوع، تسليط الضوء على هذه الفعالية التي شهدتها قاعة المحاضرات الكبرى بقطب وسط المدينة تحت شعار: “المسار الريادي: من الفكرة إلى الإنجاز”، في حدث جمع بين جامعة تلمسان ومجلس التجديد الاقتصادي الجزائري CREA وجمعية Djazpora.
حيث شكلت هذه التظاهرة موعـدا بارزا تتقاطع فيه التجارب والخبرات، وتمنح فيه الأفكار الشابة مساحة للتنفس والتحقق، حيث أكد مدير الجامعة الأستاذ “مراد مغاشو” على هامش تنظيم هذا الأسبوع “أن ريادة الأعمال ليست مجرد مشروع يُكتب على ورق، بل هي رحلة ووعي إنها قدرة على رؤية ما لا يُرى، وتحويل الفكرة الصغيرة إلى أثرٍ كبير”، على حـدّ ـ قولـه ـ ونحن في جامعة تلمسان نؤمن بأن الطالب هو نواة التغيير، وأن كل فكرة يحملها بين يديه قد تكون شرارة مشروع ينهض بالمجتمع، مضيفا “أن مهمتنا أن نمهد الطريق ونفتح المجال ونرافق الشباب حتى يرى مشروعه النور، وهذا اليوم ليس حدثًا فقط بل رسالة لكل طالب بأن الجامعة معه في أول خطوة وحتى آخر إنجاز”.
من جهتهم، أجمع كل من ممثل وزارة اقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة والمؤسسات المصغّرة السيد “شمس الدين بن موسات”، ومستشار وزير التعليم العالي السيد “أحمد مير”، والسيدة “سامية شاوشي” ممثلة جمعية Djazpora وهي جمعية مخصّصة لربط الجالية الجزائرية المقيمة في الخارج بالمبادرات التي تُسهم في تعزيز النمو الاقتصادي والاجتماعي في الجزائر، والسيدة “حسيبة واقني” ممثلة مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري CREA، على ضرورة دعم الشباب وتمكينهم من تحويل أفكارهم إلى مشاريع واقعية، عبر توفير البيئة الحاضنة، الإرشاد العملي والفرص التعليمية والتمويلية، ليصبحوا رواد أعمال قادرين على إحداث أثر ملموس في المجتمع.
جلسات معرفية وحوارات مفتوحة
وقـد تركز البرنامج على جلسات معرفـية وحوارات مفتوحة قُدمت بأسلوب مبسط، بعيدا عن التنظير الجاف وقريـبا من واقع السوق والتحديات التي يواجهها رواد الأعمال، تطرقت النقاشات إلى النظام البيئي لريادة الأعمال في الجزائر، ودور الجامعة في تأطير الأفكار وتطوير المشاريع الناشئة، وإتاحة الفرص للطالب كي ينتقل من خانة “المتعلم” إلى خانة “المبادر”.
وتضمن البرنامج محاضرة السيد “شمس الدين بن موسات”، ممثل وزارة اقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة والمؤسسات المصغّرة، عرضًا حول وضعية النظام البيئي الريادي وكيفية تطور الشركات الناشئة في الجزائر، إلى جانب مداخـلة للأستاذ “زكرياء صاري حسون”، مسؤول مركز الطالب i2E بجامعة تلمسان حول النظام البيئي الجامعي ودوره في دعم إنشاء الشركات الناشئة، مستعرضا بذلك تجربة الحاضنة الجامعية كنموذج ناجح يُعزّز الابتكار الطلابي، حيث كانت الجلسات بمثابة مرآة يرى فيها الطلاب أنفسهم، واستمعوا لخطوات عملية حول ولادة الفكرة ونضجها وتجسيدها على أرض الواقع.
كما تخلّلت هذه المحاضرات والمداخلات سلسلة من الورشات التطبيقية التي سمحت للطلبة بالتعرف على الأدوات العملية لريادة الأعمال، كصياغة الأفكار المبتكرة بتحليل واقعي ومنهجي، وكـذا بناء نموذج العمل التجاري (Business Model Canvas)، وإتقان العرض التقديمي المختصر (Pitch)، إلى جانب تصميم عرض تقديمي مرئي جذّاب ومهني، وقـد سمح عمل الطلاب ضمن مجموعات صغيرة من تبادلوا الآراء، أعادوا من خلالها صياغة أفكارهم وجربوا لأول مرة كيفية “الدفاع” عن مشروعهم أمام لجنة أو جمهور، وقد صنعت هذه الورشات مزيجا جميلا من الجدية والمرح، من الخطأ والتعلم ومن الحلم والتخطيط وكلها مكونات ضرورية لأي مشروع ناجح.
تكوين أكثر من 160 حامل فكرة لإنشاء مؤسسة مصغرة
أكد البروفـيسور “رياض قـادري”، مدير المركز الجامعي مغنية، أن المركز يحتضن 07 واجهات جامعية فاعلة، يتمثل دورها المحوري في مرافقة الطلبة حاملي أفكار المشاريع الريادية والمؤسسات الناشئة، ومن بينها مركز تطوير المقاولاتية الذي التكوين لفائدة الطلبة، وشباب ساكنة المنطقة الراغبين في إنشاء مؤسسات مصغرة بتمويل من الوكالة الوطنية لدعم وتنمية المقاولاتية NESDA، حيث قام المركز ـ حسبه ـ ، بتكوين أكثر من 160 حامل فكرة لإنشاء مؤسسة مصغرة، من بينهم 140 من خارج المركز الجامعي من شباب المنطقة الطامحين إلى دخول عالم المقاولاتية وتجسيد مشاريعهم على أرض الواقـع، وحاضنة الأعمال التي ترافق أصحاب المشاريع الإبداعية.
حصول أكثر من 10 مشاريع على وسم “لابل”
تحصلت أكثر من 10 مشاريع على وسـم “لابل” هذه السنة، هذا إلى جانب مخبر التصنيع الذي يلعب دورا محوريا في تصميم النماذج الأولية للمشاريع الريادية، وتحويل الأفكار إلى حلول عملية قابلة للتطبيق، فضلا عن ذلك تضاف إلى هذه الواجهات دار الذكاء الاصطناعي، ومركز دعم الابتكار التكنولوجي، ومسرعة الأعمال، ومكتب الربط بين الجامعة والمحيط الاقتصادي والاجتماعي.
كما أن المركز الجامعي يضم ما يقارب 04 آلاف طالب في أطوار الليسانس والماستر والدكتوراه، وقد تخرج منه أكثر من 100 دكتور يدرّسون اليوم في مختلف جامعات الوطن، كما أبرم المركز أكثر من 10 اتفاقيات دولية و50 اتفاقية وطنية. أما في إطار سعيه الدائم نحو التميز، حصل المركز الجامعي مغنية في آخر تصنيف وطني على المرتبة 30 من بين 117 مؤسسة جامعية عبر الوطن، وهو ما يعكس ـ حسبه ـ تطوره الملحوظ وجهود أساتذته وإطاراته وطلبته في رفع مستواه العلمي والأكاديمي، بدورهـما ممثل وزارة اقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة والمؤسسات المصغّرة، ومدير وكالة دعم وتنمية المقاولاتية بتلمسان، وفي كلمتهما بالمناسبة شـددا على أهمية الشراكة بين الجامعة والقطاع الاقتصادي في مرافقة حاملي المشاريع، ومواكبة تطلعات الشباب المقاول.
الدعوة إلى التخفيف من شروط الاستفادة من العقار الصناعي
خلصت مخرجات ما تم عرضه ومناقشته، ضمن الورشتين المتعلقتين بـ “التحديات والفرص البيئية المقاولاتـية والحدوديـة”، و”دور الجامعة في مرافقة المشاريع الريادية”، مع الأخذ بعين الاعتبار التحديات المطروحة والمتطلبات التنموية بالمناطق الحدودية، ضمن اليوم الدراسي حول “دور المقاولاتية في تنمية المناطق الحدودية”، الذي نظّمـه المركز الجامعي مغنية بالتنسيق مع الوكالة الوطنية لدعم وتنمية المقاولاتية لتلمسان، إلى جملة من التوصيات الهادفـة إلى تحسين مناخ الاستثمار وتعزيز الأداء الاقتصادي والاجتماعي سترفع إلى الجهات الـوصـية، أهمّها:
(01)- إنشاء شباك الكتروني موحد للتنسيق بين مختلف المتدخلين من الإدارات والهيئات المحلية، قصد تسهيل عملية إنشاء المؤسسات المصغرة على مستوى الوكالة الوطنية لدعم وتنمية المقاولاتيـة NESDA.
(02)- تسهيل الحصول على العـقار الموجّـه للاستثمار، من خلال تبسيط إجراءات عقود الكراء والامتياز بالمناطق الصناعية، وعدم اشتراط توفر عقود الملكية كشرط حصري لإبرام عقود الإيجار.
(03)- إعادة توجيه العقار العمومي غير المستغل لفائدة أصحاب المشاريع الممولة من طرف الوكالة الوطنية لدعم وتنمية المقاولاتيـة NESDA، مع ضمان الشفافيـة في عملية التخصيص.
(04)- التخفيف من شروط الاستفادة من العقار الصناعي، مع تخصيص نسبة من المساحات الصناعية لفائدة أصحاب المشاريع بالمناطق الحدودية، وحصة من المشاريع التنموية العمومية للمؤسسات الممولة من طرف الوكالة الوطنية لدعم وتنمية المقاولاتيـة NESDA، تعزيزا لدورها في التنمية المحلية وخلق مناصب الشغل.
(05)- إدراج النشاطات غير المصنفة حاليا ضمن المنصة الرقمية للعقار الصناعي، بما يسمح بتوسيع قاعدة الأنشطة المؤهلة للاستثمار.
(06)- دراسة إمكانية رفع سقف التمويل بالنسبة للمشاريع التي تتجاوز قيمتها الماليـة مليار سنتيم، بما يتماشى مع طابعها الاستثماري وحجم أثرها الاقتصادي، مع إنشاء لجنة ولائية للتوجيه تتكون من ممثلين عن المجلس التنفـيذي الولائي والهيئات المعنية، تتولى مرافقة حاملي المشاريع وتوجيههم بما يتلاءم مع خصوصيات المنطقة الحدودية ومتطلباتها التنمويـة، مع منح تحفـيزات جبائية وجمركية إضافـية للمؤسسات الناشطة فعليا في المناطق الحدودية، وهـذا بهدف تشجيع الاستثمار واستدامة النشاط الاقتصادي.
(07)- إدراج المناطق الحدودية ضمن المناطق المستفـيدة من الامتيازات الخاصة، التي تمنحها الوكالة الوطنية لدعم وتنمية المقاولاتيـة NESDA، مع توسيع نطاق الامتيازات الجبائية والجمركية، إلى جانب توجيه المشاريع المحلية والتنموية نحو دعم البنية التحتية الإستراتيجية كالطـرق، والأراضي الفلاحية، والمناطق الصناعـيـة، بما ينسجم مع متطلبات التنمية المستدامـة، فضلا عن ذلك تفعـيل أحكام المادة 87 من المرسوم الرئاسي رقـم 15 ـ 247 ، المتعلق بتنظيم الصفقات العمومية، بما يضمن رفع نسبة استفادة المؤسسات المصغرة والناشطة من الطلب العمومي.
(08)- توجيه دعـوة للسلطات الولائية أمام غياب أرضية مهيأة لتوسيع النشاطات الأكاديمية والتكويـنية، والعمل على تخصيص وتجهيز أرضية مناسبة لهذا الغـرض، بما يتيح ذلك برمجة وفتح تخصصات جديدة غير متوفرة حاليا بالمركز الجامعي مغنية، تماشيا مع حاجيات المنطقة ومتطلبات التنمية المحليـة.
توجه المركز الجامعي مغنية نحو الابتكار وتجسيد المشاريع
التوجه نحو الابتكار وتعزيز روح المقاولاتية، هي من بين الأولويات الإستراتيجية للسياسة العامة للدولة الجزائرية تحت قيادة ورئاسة رئيس الجمهورية “عبد المجيد تبون”، وقـد أصبح تعزيز هذا الفكر من أولويات الدولة الجزائرية.
وعليه، وتبعا لذلك فإن الوزارة الوصية وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، تبذل قصارى مجهوداتها وتوفير كل الإمكانيات اللازمة لتثمين هذا التوجه الذي صراحة أصبح جد ضروري نظرا لعالم التوظيف على مستوى الوطني، وكذا التوجهات العالمية نحو دعم وتثمين المؤسسات الناشئة التي أثبتت أنها حقيقة قاطرة نحو ضمان تنمية اقتصادية مستدامة.
وعليه، المركز الجامعي مغنية يحتوي اليوم على هياكل دائمة تسمى الواجهات على رأسها حاضنة الأعمال ومركز دعم وتطوير المقاولاتية، بالإضافة إلى واجهات أخرى دائمة كمركز ربط بين المؤسسات وبين المؤسسة الجامعية والمحيط الاقـتصادي والاجتماعي، ضف إلى ذلك خلية الإشراف وخلية الجودة.
هذا، إلى جانب عدة واجهات مختلفة يترأسها إطارات جامعية متمكنين ومتخصصين في المجال الهدف منها مساندة ومرافقة حاملي المشاريع أو حاملي أفكار إلى غاية تجسيدها على أرض الواقع، وبالإضافة إلى هذه الواجهات المحلية التي تضمن تكوين نظري في كيفـية بلورة الأفكار إلى مشاريع مؤسسات ناشئة، يسعى حاليا المركز الجامعي مغنية للتعاون مع البيئة الخارجية التي سيلتقي بها حامل المشروع من بنوك، مصلحة الضرائب، مصلحة منح الاعتمادا.. وغـيرها، من خلال إبرام معهم اتفاقـيات تعاون ميداني لمرافقة دائمة لكل حامل فكرة مشروع لتجسيده ميدانيا، وهي الغاية الكبرى التي تطمح إليها الجامعة من خلال رؤية أي مشروع خرج من المركز الجامعي مغنية بشكل فكرة إلى مشروع إلى دراسة اقتصادية واجتماعية إلى رؤيته إصدار أول خدمة أو أول منتوج للمستهلك أو للزبون الجزائري.
ع. أمــيــر



