
الذكاء الاصطناعي والهوية الفرعونية .. شهدت الفترة الأخيرة ظهور موجة رقمية لافتة ربطت بين عراقة الحضارة المصرية وتقنيات العصر الحديث، حيث تصدرت عمليات البحث عن صور الملوك الفراعنة مؤشرات الترند في محركات البحث الدولية، بالتزامن مع الاستعدادات لافتتاح المتحف المصري الكبير، وجاء هذا التفاعل الواسع نتيجة انتشار استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدية التي مكنت المستخدمين من تحويل صورهم الشخصية إلى لوحات رقمية تحمل الطابع الفرعوني، في مشهد يجسد الاندماج بين الفخر الوطني والإبداع التقني.
ووصلت هذه الظاهرة الرقمية إلى ذروتها خلال اليومين الماضيين، حيث اعتمد الجمهور بشكل مكثف على منصات الذكاء الاصطناعي وعلى رأسها أداة “جيميني” الشهيرة، وقد مثلت عمليات البحث المتصاعدة عن تحميل الصور الفرعونية دليلاً واضحا على التلاحم الفوري بين الشعور القومي والتقنيات المعاصرة، حيث سارع المستخدمون لمشاركة صورهم المعدلة عبر منصات التواصل الاجتماعي تعبيرا عن احتفائهم بالحدث التاريخي.
الذكاء الاصطناعي والهوية الفرعونية.. العصر الفرعوني الرقمي
أصبح بإمكان المستخدمين حول العالم تحويل صورهم إلى لوحات فرعونية عبر سلسلة من الخطوات السهلة، حيث يبدأ الأمر بالدخول إلى محرك البحث الشهير والوصول إلى منصة “جيميني” الرسمية، ثم يقوم المستخدم باختيار علامة الإضافة الموجودة في الجزء السفلي من الشاشة لتحميل الصورة المراد تعديلها، بعد ذلك يتم كتابة أمر نصي يطلب إنشاء صورة بمظهر ملك أو ملكة فرعونية، وأخيراً يتم الضغط على زر الإرسال وانتظار النتائج التي يمكن تحسينها وتعديل تفاصيلها وفقاً لرغبة المستخدم.
وتمثل هذه العملية البسيطة وسيلة عصرية للتعبير عن الإعجاب بالحضارة المصرية القديمة، والمشاركة في الاحتفاء بافتتاح المتحف المصري الكبير بطريقة إبداعية تصل بين الماضي والحاضر، وقد لاقت هذه الأدوات انتشارا واسعاً بين مختلف الفئات العمرية داخل مصر وخارجها، حيث تنافس المستخدمون في نشر صورهم بالزي الفرعوني عبر منصات التواصل الاجتماعي.
المتحف الكبير.. شرارة الإلهام الرقمي
يقع المتح المصري الكبير على مساحة شاسعة تبلغ أكثر من 117 فدانا عند منطقة هضبة الأهرامات، ويصنف كأضخم متحف في العالم مخصص لعرض حضارة واحدة، ومن المقرر أن يفتح أبوابه للجمهور رسميا في الرابع من نوفمبر الجاري، ولم يقتصر تأثير هذا الحدث التاريخي على الجوانب الثقافية التقليدية، بل امتد إلى العالم الرقمي، حيث اجتاحت منصات التواصل الاجتماعي موجة من الصور المعدلة التي أعاد فيها المستخدمون ابتكار أنفسهم في هيئة شخصيات من مصر القديمة.
ويؤكد المتخصصون في مجال التكنولوجيا أن هذا الانتشار الرقمي الكبير يعبر عن رغبة الأجيال الجديدة في الاحتفاء بجذورها الحضارية بأساليب معاصرة، فبينما يربط المتحف الجمهور بالماضي من خلال القطع الأثرية الملموسة، تخلق الأدوات الرقمية متحفا افتراضيا على منصات التواصل يعرض ملايين الصور التي تدمج بين الهوية المصرية القديمة والخيال المعاصر، وقد نجحت هذه الظاهرة في جذب انتباه العالم أجمع نحو الحدث الثقافي الكبير.
ويضم المتحف المصري الكبير أكثر من 50 ألف قطعة أثرية من مختلف العصور المصرية القديمة، المجموعة الكاملة للفرعون الذهبي الشاب التي تعرض للمرة الأولى بشكل متكامل في مكان واحد، ومن المتوقع أن يساهم المتحف في تعزيز المكانة السياحية لمصر على الخريطة العالمية، بفضل تصميمه المعماري المتميز وموقعه الاستراتيجي القريب من أهرامات الجيزة، ليصبح أحد أهم الوجهات الثقافية العالمية في القرن الحالي.
لقد نجح الذكاء الاصطناعي في تحويل الاحتفاء بالتراث من مجرد مشاهدة إلى تجربة تفاعلية شخصية، حيث أصبح كل مستخدم قادرا على خوض رحلة رقمية إلى الماضي، مما عمق الشعور بالانتماء وأضاف بُعدا جديدا للاحتفال بالهوية الحضارية، وقد أظهرت هذه الظاهرة كيف يمكن للتقنيات الحديثة أن تكون جسرا بين الأصالة والمعاصرة، وأن تكون أداة فعالة في نشر الوعي الثقافي والحضاري.
ياقوت زهرة القدس بن عبد الله



