
- تخرج أكثر من 200 متربصة على يدها
بدأت قصتنا مع “فران كريمة”، التي كان لديها حلم واحد تعلم الخياطة، التحقت بدورة تدريبية كمتربصة في مركز التكوين المهني “رقيبة الغالي” بالمحمدية عام 2000، ولم يكن في جعبتها سوى شغف كبير وطموح بلا حدود.
رغم التحديات العائلية والصعوبات التي واجهتها “فران كريمة” في البداية، كانت عيناها دائمًا على الهدف. كل يوم كان يحمل درسًا جديدًا، وكل حصة كانت خطوة نحو تحقيق الحلم. بالتدريب المستمر والاجتهاد، لم تكتفِ كريمة بإتقان أساسيات الخياطة فحسب، بل برعت وأظهرت إبداعًا لفت الأنظار إليها. بلمساتها المميزة وتفانيها، نجحت في اجتياز الامتحانات بامتياز وأصبحت من المتفوقات في دفعتها، من متربصة إلى أستاذة بالساعات بعد تخرجها.
رحلة “فران كريمة” المهنية كأستاذة بالساعات
بدأت “فران كريمة” رحلتها المهنية كأستاذة بالساعات في نفس المركز الذي تعلمت فيه، واستمرت في هذا الدور لمدة 18 سنة، كانت تعطي من وقتها وجهدها لتعليم النساء والفتيات، رغم الصعوبات التي واجهتها، لتترك أثرا في حياة كل من تدربت تحت إشرافها.
امتحان النجاح والتحول إلى أستاذة رسمية بعد سنوات من العطاء، قررت كريمة التقدم لاجتياز امتحان التوظيف الرسمي، نجحت في الامتحان الذي أُجري في سيدي بلعباس، وتم تعيينها كأستاذة رسمية في مدينة تيغنيف، حيث عملت لمدة 3 سنوات و28 يومًا.
كانت “فران كريمة” تتحمل مشقة التنقل يوميا بين المحمدية وتيغنيف، لكنها استمرت في أداء عملها بإخلاص وتفانٍ، العودة إلى المحمدية وتحديات جديدة بعد تلك السنوات، شاءت الأقدار أن تعود “فران كريمة”، إلى مركز التكوين المهني رقيبة الغالي بالمحمدية، لكن هذه المرة كأستاذة رسمية.
مركز التكوين المهني “رقيبة الغالي” بالمحمدية نقطة انطلاق “فران كريمة”
هذا المركز الذي كانت قد بدأت فيه تعلم الخياطة، والذي شكل نقطة انطلاق “فران كريمة”، نحو النجاح. رغم كل التحديات والصعوبات التي واجهتها، بما في ذلك الأعداء الذين حاولوا إحباطها، إلا أنها ظلت مصرة على تحقيق النجاح، كانت تعطي من نفسها وتبذل قصارى جهدها من أجل تأهيل الجيل الجديد من المتربصات.
دعم الماكثات في البيت والمستفيدات من منحة البطالة داخل المؤسسة لم يكن عمل “فران كريمة”، يقتصر على المتربصات داخل المركز فقط، بل امتد ليشمل تعليم النساء الماكثات في البيت والمستفيدات من منحة البطالة التي أطلقها رئيس الجمهورية “عبد المجيد تبون”. كانت تقدم الدعم والتدريب داخل المؤسسة للأشخاص الذين استفادوا من هذه المنحة، مما مكنهم من تطوير مهاراتهم واكتساب حرفة تضمن لهم دخلًا ثابتًا وتحقيق الاستقلالية الاقتصادية.
“فران كريمة”، حريصة على مساعدة النساء في المناطق النائية
بعد عودة “فران كريمة” إلى المحمدية وتعيينها كأستاذة رسمية، لم تقتصر جهودها على التدريس داخل مركز رقيبة الغالي، بل كانت حريصة أيضا على مساعدة النساء في المناطق النائية. ففي إطار رغبتها في دعم نساء سيدي عبد المومن، لاحظت أن العديد منهن لم يكن يستطعن الالتحاق بالمركز بسبب بعد المسافة والظروف الاجتماعية التي تمنعهن من ذلك.
قررت “فران كريمة” تخصيص يوم واحد في الأسبوع للتنقل بنفسها إلى بلدية سيدي عبد المومن، حيث كانت تذهب لتعليمهن الخياطة، حتى في أوقات الشتاء القاسية ورغم صعوبة الطريق.
كانت هذه الخطوة تعبيرا عن إصرار “فران كريمة” على تعليم هؤلاء النساء وتمكينهن من الحصول على المهارات اللازمة التي تساعدهن في تحقيق الاستقلال المادي والاجتماعي، مما ساعد الكثير منهن في فتح ورشاتهن الخاصة وتحقيق دخل ثابت. تدريس الأرامل والأيتام رسالة إنسانية، إضافة إلى دورها في تدريب النساء في مركز التكوين المهني، قامت كريمة أيضا بلعب دور إنساني مميز من خلال عملها مع جمعية بن هبة بالمحمدية، حيث ساهمت في تدريب الأرامل والأيتام.
لم تقتصر مساعدة “فران كريمة” على تعليمهم فقط الخياطة، بل كانت تمنحهم الأمل وتفتح أمامهم الفرص لبناء مستقبل أفضل. أسهمت “كريمة” في مساعدة العديد منهم على التغلب على ظروفهم الصعبة، وذلك من خلال توفير المهارات التي تمكنهم من تحقيق استقلالهم المادي والاجتماعي. رسالة ملهمة تظهر قصة “فران كريمة” أن التكوين المهني ليس مجرد وسيلة لتعلم مهنة، بل هو طريق لصناعة الأمل وتحقيق النجاح، مهما كانت الصعوبات.
أكثر من 200 متربصة تخرجت على يد “فران كريمة”
صرحت لنا “فران كريمة” بأنها تعمل دائما تحت شعار معا نرتقي من أجل تكوين أفضل وعلى إثر حضورنا في الحفل الذي نظم بمركز التكوين المهني والتمهين رقيبة الغالي بالمحمدية مؤخرا، والمتمثل في تخرج 22 متربصة ضمن برنامج منحة البطالة “فران كريمة” التي سهرت على تربصهن.
وقالت “فران كريمة”، المتربصات بدأن التربص بفكرة وأنهوه بفكرة أخرى، لم تخطر ببالهن بحيث أبهرن الحاضرين يوم التكريم بإنتاجهن هذا التربص الذي دام 3 أشهر أعطى نتائج جد إيجابية. وعليه، فكل سنة تتخرج على يد “فران كريمة” أكثر من 30 متربصة والفضل يرجع بالدرجة الأولى كما صرحت لنا إلى مديرة المركز السيدة “مويسات فتيحة” وطاقمها، كما لا تنسى المدير الولائي الذي دائما يشجع على مثل هذه الأعمال.
“فران كريمة”، مكونة في الخياطة من هاوية إلى مختصة
كما أوضحت “فران كريمة” عن أهمية تكوين الخياطة التي تتيح تعلم الخياطة والتطريز إطلاق العنان للإبداع والخيال. وقالت: “لديك الحرية في تصميم وإنشاء ملابس وإكسسوارات وعناصر ديكور منزلي فريدة من نوعها.
سواء كنت ترغب في التعبير عن أسلوبك الشخصي أو تجسيد أفكارك الإبداعية، فإن الخياطة توفر لك منصة للإمكانيات لا حصر لها بالمحمدية تستخدم الخياطة أساسا لإنتاج الملابس والمفروشات المنزلية مثل الستائر، فرش الأسرة، التنجيد وبياضات الموائد. وتستخدم أيضا من أجل أشرعة السفن، والأعلام، والبنى الأخرى المكونة من مواد مرنة مثل الجلود. ومعظم أعمال الخياطة في العالم الصناعي تنجز باستخدام الآلات. كما تساعد الخياطة بعض الناس في التخلص من المشكلات الصحية والنفسية، فالخياطة الصحيحة تُهدئ العقل، وتريح الجسم، وتساعد الإنسان على الشعور بالراحة والاسترخاء والسعادة، وذلك من خلال الخروج من دوامة الذات والتركيز على مهمة لإتمامها بكل إتقان”.
الهدف الأسمى لـ “فران كريمة”، تدعيم الإنتاج المحلي عبر العديد من الموديلات
بدأت “فران كريمة” حرفة الخياطة منذ صغرها رفقة والدتها المرحومة التي مكنتها من أبجديات هذه المهنة المرموقة، وكانت أحد أسباب نجاحها وبعد مرور السنين وزيادة شغف “فران كريمة”، بهذا المجال أصرت على أن تطور مهارتها وتدخل عالم التكوين المهني، بحيث انطلق مسارها التكويني بمركز التكوين المهني سنة 1998. أين واجهت جميع الصعوبات والتحديات، لا سيما العائلية واستمرت في تلقيها التدريس والحصص من أجل تطوير قدراتها في الخياطة وبعد اجتيازها للامتحان بولاية سيدي بلعباس كانت الفائزة الوحيدة في تعلمها، وهو الأمر الذي جعلها محل اهتمام بالقائمين على قطاع التكوين المهني من مدراء ومسؤولين، حيث تم تقديم عرض خاص لها بأن تكون ضمن الأساتذة بمركز التكوين المهني بتيغنيف من أجل تلقين المتربصات دروس الخياطة هدفها الأسمى هو تدعيم الإنتاج المحلي عبر خياطة العديد من الموديلات المتعلقة بالقفطان والبدعية والمآرز والبلوزة.
إذن “فران كريمة”، فخورة بالعمل الذي قامت به والتي دائما تبذل مجهودا جبارا لإنجاح العملية في كل تربص وأعمالها وإنجازاتها مع المتربصات كانت دائما إيجابية.
مختار سلطاني