
أصبح يطلق على الذين لا يلمون بكيفية التعامل مع تقنيات المعلومات الرقمية “الأميون الرقميون”. ستُغيّر “رقمنة” العالم حياة البشر جذرياً بانتشار التقنيات الحديثة المُزَلْزِلَة (أي تقنيات مبتكرة تقضي على القديم وتخلق بيئة جديدة تماماً)، مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية، والطباعة ثلاثية الأبعاد وشبكة الجيل الخامس المتنقلة (المزمع تنفيذها بحلول 2020م، التي ستنقل البيانات الضخمة وتعالجها بسرعة أكبر، وستربط عدداً هائلاً من الأشياء الذكيـة والأشخاص والحوسبة السحابيــة وتطبيقـات الذكاء الاصطناعي).
وستزيد “الرقمنة” ليس فقط من العائدات الاقتصادية، بل ستسهم أيضاً في تحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، ولن تتحقق فوائد هذه التقنيات المبتكرة من دون “رقمنة” كل شيء في العالم، فقد ارتفع الضجيج حول “الرقمنة” مع الانتشار الواسع للمجتمع المعلوماتي الثالث (المجتمع الأول كان عصر الطباعة منذ أكثر من خمسمائة عام، ثم الثاني أثناء الحرب العالمية الثانية). وبات كل فرد من هذا المجتمع يمتلك هاتفاً جوالاً، و70 بالمائة من سكانه مشتركون في النطاق العريض المتنقل، ونصفهم يستخدمون إنترنت وحاسبات.
وبحلول العام المقبل، يُتوقع أن يكون لدى 40 بالمائة من المؤسسات اختصاصيو ذكاء اصطناعي، وسيجرب 70 بالمائة منهم الذكاء الاصطناعي، وستستخدمه 25 بالمائة من المؤسسـات في الإنتاج. وبعد ذلك بسنتيـن ستختبر 70 بالمائة من الشركات تقنيــات غامرة، وستنتج “بلوكتشين” 3.1 تريليون دولار أمريكي بحلول 2030م.
وبفضل انتشار المجتمع المعلوماتي والبيانات الضخمة، أمكن استثمار البيانات والعمليات “المُرقمنـة” في تغذيــة أنظمـة الذكــاء الاصطناعي لتقوم بدورها الاقتصادي والتنموي في مجالات مثل:
(01)- الأشياء الآلية (مثل الزراعة الأوتوماتيكية، والروبوتـات، والمركبـات ذاتية القيــادة، والطيارات المُسيّرة).
(02)- التحليلات المُعزّزة (مثل استخدام التعلم الآلي ومعالجة اللغة الطبيعية لتعزيز ذكاء الأعمال).
(03)- التطوير الذاتي (مثل استخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي في تطوير نفسها).
(04)- التوأم الرقمي (أي تمثيل رقمي يعكس الأشياء والعمليات والأنظمة المادية).
(05)- الحوسبة عند الحافة (أي انتقال المعالجة الرقمية للبيانات إلى مصدرها نفسه).
(06)- Digitalization يمكن ترجمته إلى “ترقيمية” على وزن “تفعيلية”. وخلال السنوات الخمس عشرة الأخيرة، لوحظ انخفاض متوسط استعمال مصطلح “الترقيمية” بينما ازداد استعمال مصطلح “الرقمنة”، ثم تصاعد استعمال مصطلح “التحوُّل الرقمي” في الأعوام الأخيرة.
(07)- التطبيقات الغامرة (مثل الواقع المعزّز، وهو تقنية قائمة على إسقاط الأجسام الافتراضية والمعلومات في البيئة الحقيقية لتوفر معرفة إضافية، لكنه نقيض الافتراضي القائم على إسقاط الأجسام الحقيقية في بيئة افتراضية، والواقع المختلط مزيج من الاثنين).
(08)- الحوسبة الكمومية (تتيح الحوسبة الكمومية معالجة أسرع بكثير من الحاسبات العملاقة باستخدام وحدة بيانات “كيوبِتْ”، ليس 0 و1 فقط مثل الحوسبة الرقمية لكن مزيجاً منهما أيضاً).
(09)- البلوكتشين (تقنية رقمية تعمل بمبدأ دفتر الحسابات الموزع، فتوفر ثقة من دون وسيط للمعاملات المالية والحكومية والصحية).
(10)- الأماكن الرقمية الذكية (أي بيئات رقمية ومادية يتفاعل فيها البشر والأنظمة التقنية الذكية بانفتاح وتواصل وتناسق مثل المدن الذكية).
رقمنة البيانات الضخمة
زادت أهمية “الرقمنة” مع نمو البيانات الضخمة في العالم من 33 “زيتّابايت” (33 ألف مليون تريليون بايت) عام 2018م إلى 175 “زيتّابايت” المتوقعة في عام 2025م، فمثلاً يمكن للمركبات ذاتية القيادة توليد حوالي 3 “تيرابايت” (3 تريليون بايت) من البيانات كل ساعة، غير بيانات تحديد المواقع. وستستمر زيادة حجم البيانات وسرعتها وتنوعها وضجيجها مع تحديث خوارزميات “التعرف على الأنماط” و”تعلّم الآلة” ودمجهما في المركبات ذاتية القيادة والمدن الذكية وإنترنت الأشياء (مصطلح يصف التواصل المباشر بين أشياء ذكية عبر الإنترنت مثل تواصل البشر). ولتصور هذه الضخامة، فسنحتاج إلى 1,8 بليون سنة لتنزيل 175 “زيتَّا بايت”” من البيانات بمتوسط سرعة 25 ميجابت/ثانية. وحالياً، يتعامل أكثر من 5 مليارات مستهلك مع البيانات يومياً.
وبحلول عام 2025م سيصبحون 6 مليارات (80 بالمائة من سكان العالم). وستنمو البيانات في الوقت الحقيقي إلى 30 بالمائة من إجمالي البيانات العالمية، وكل 18 ثانية سيتفاعل كل شخص مع البيانات. وقد ارتفع معدل التفاعلات لكل شخص من حوالي 300 تفاعل يومياً عام 2010م إلى 5000 تفاعل يومياً في الوقت الحاضر.
وهناك ثلاث طبقات من البيانات الضخمة تحتاج إلى رقمنة:
“الرقمنة” هي أيضاً استخدام التقنيات الرقمية لتغيير نماذج الأعمال والعمليات وتوفير فرص جديدة لتوليد ثروة وللتنمية المستدامة، ويمكن النظر إلى “الرقمنة” بأنها أيضاً تحويل العمليات إلى نسخ رقمية وإلغاء الحواجز بين البشر وتقنية المعلومات والاتصالات باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحقيق مردود اقتصادي واجتماعي بفاعلية وإنتاجية أعلى:
(01)- الـنـواة: مراكز بيانات المؤسسة والمخازن السحابية ومراكز البيانات التشغيلية (كشبكات الكهرباء والهواتف).
(02)- الـحـافـة: معدات المؤسسة وتطبيقاتها غير تلك الموجودة في مراكز البيانات (كخوادم مواقع العمل، وأبراج خلايا الهواتف ومراكز البيانات الصغيرة البعيدة).
(03)- الـنـهـايـة: المستخدمون والحاسبات والهواتف وأجهزة الاستشعار والمركبات ذاتية القيادة والمدن الذكية. ويجري تجميع البيانات الرقمية من النهاية إلى الحافة؛ وهي موقع مهم للذكاء الاصطناعي. فمثلاً، حتى الآن، يعمل نظام “سيري” من خلال حوسبة عند النواة، وغداً ستكون الحوسبة في جوّالك الشخصي أي عند مصدر البيانات (النهاية). وهناك دور متزايد الأهمية لطبقتي النهاية والحافة، حيث يتم تسليم جميع البيانات الرقمية الضخمة الخاصة بنا أو من أجلنا للمساعدة في اتخاذ القرارات الصحيحة في الوقت الحقيقي، مثل تسليم بيانات كاميرات المركبات ذاتية القيادة، وبيانات “إنترنت الأشياء”.