تكنولوجيا

فقدان البصر المرتبط بمرض السكري

الذكاء الاصطناعي ودوره في الوقاية

فقدان البصر الناتج عن اعتلال الشبكية يعد واحدًا من أخطر المضاعفات التي تواجه مرضى السكري. “تيري كوين”، الذي تم تشخيصه بالمرض في سن المراهقة، عاش هذا الواقع المؤلم عندما فقد بصره تدريجيًا رغم خضوعه لعلاجات الليزر والحقن. فقدان بصره أدى إلى تغييرات كبيرة في حياته، مثل عدم قدرته على القيادة أو رؤية وجه ابنه، وهو ما أثّر على نفسيته بشكل كبير قبل أن يستعيد بعض الأمل بمساعدة جمعية كلاب الإرشاد للمكفوفين.

تقنية الذكاء الاصطناعي تُعد حلاً مبتكرًا في مجال الكشف المبكر عن اعتلال الشبكية السكري. تقوم الأنظمة مثل “Retmarker Screening” و”Eyenuk’s EyeArt” بفحص صور قاع العين لاكتشاف أي مشاكل محتملة. تعمل هذه الأنظمة إما بشكل مستقل لتحديد الحالات التي تحتاج إلى تدخل طبي، أو جنبًا إلى جنب مع المتخصصين البشريين لتحسين دقة النتائج.

هذه الأنظمة تعتمد على تدريب خوارزميات الذكاء الاصطناعي على التعرف على المراحل المختلفة لاعتلال الشبكية السكري، مما يمكّنها من اتخاذ قرارات بشأن إحالة المرضى للأخصائيين. ومع ذلك، يتطلب نجاح هذه التقنية الحصول على صور عالية الجودة، إذ إن الصور الرديئة تؤدي إلى تشخيصات خاطئة قد تزيد من التكاليف وتخلق القلق لدى المرضى.

رغم الفوائد الكبيرة لهذه التقنيات، إلا أن هناك تحديات تعيق تبنيها على نطاق واسع. من أبرز هذه التحديات: جودة الصور المطلوبة، حيث أثبتت التجارب، مثل تلك التي أجرتها جوجل في تايلاند، أن جودة الصور يمكن أن تؤثر بشكل كبير على دقة التشخيص. كما أن التكاليف تختلف باختلاف المناطق، ففي أوروبا تبلغ تكلفة الفحص حوالي 5 يورو، بينما تكون أعلى بكثير في الولايات المتحدة. إلى جانب ذلك، الخوف من التغيير يعيق تقبل الأطباء للاعتماد على الذكاء الاصطناعي، حيث يعتقد البعض أنه قد يقلل من أهمية التفاعل البشري.

سنغافورة قدمت نموذجًا هجينًا يجمع بين الذكاء الاصطناعي والتدخل البشري، يقوم الذكاء الاصطناعي بعملية التصفية الأولية للنتائج، بينما يقوم الأطباء بمراجعة الحالات الأكثر تعقيدًا. هذا النموذج أظهر فعالية من حيث التكلفة، وتم دمجه في نظام تكنولوجيا المعلومات الوطنية وسيتم تشغيله بحلول عام 2025.

يشير الخبراء إلى ضرورة توفير هذه التقنيات في المناطق ذات الموارد المحدودة لتحسين المساواة في الرعاية الصحية. يوضح الدكتور بلال متين أن البيانات الحالية تُظهر نجاح الذكاء الاصطناعي في الدول الغنية مثل المملكة المتحدة، لكن تطبيقه في البلدان ذات الدخل المنخفض لا يزال محدودًا.

رغم التحديات، يرى الأطباء أن هذه التكنولوجيا تمثل ثورة في مجال الوقاية من فقدان البصر. مع انتشار استخدام الذكاء الاصطناعي، يمكن للمرضى الحصول على فحوصات أكثر دقة وبأسعار معقولة، مما يقلل من عبء مرض السكري ويمنحهم فرصة أفضل للحفاظ على جودة حياتهم. “تيري كوين”، الذي يعاني من فقدان بصره، يختتم برؤية إيجابية قائلاً: “لو كانت هذه التكنولوجيا متاحة في وقت سابق، لكنت استفدت منها دون تردد”.

ياقوت زهرة القدس بن عبد الله

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى