
يعتبر قطاع البنوع من القطاعات الاقتصادية والتجارية الإستراتيجية في الجزائر، وعليه بدأت في التخلّي عن الورق تدريجيا في جميع مراسلاتها بحيث بدى ذلك جليا من خلال إلزامية نشر التقارير والتصريحات الخاصة بالمؤسسات المالية، عبر البوابة الرقمية لبنك الجزائر، بدل التعاملات الورقية، وقد أصبح هذا إقرار ساري المفعول بصفة موازية للإجراءات الرقمية إلزاميا منذ ديسمبر الفارط.
وعليه، وفق تعليمة صادرة عن المديرية العامة للمفتشية العامة لبنك الجزائر، وموقّعة من طرف المديرة العامة للمفتشية فايزة عيّادي، وفي إطار المشروع الكبير المطلق من طرف بنك الجزائر، والخاص بإزالة الطابع المادي عن العمليّات الخاصة بالبنوك والمؤسسات المالية، عن طريق تفعيل البوابة الرقمية لبنك الجزائر،” يتم إبلاغ كافة البنوك والمؤسسات المالية أنه بداية من الفاتح ديسمبر الجاري، فإن كل التحويلات للتصريحات والتقارير الموجّهة من طرف الأمانة العامة للجنة البنكية، للمديرية العامة للتسجيل العام والمديرية العامة للدراسات، يجب أن تتم عن طريق بوّابة التبادلات، وفي نفس الوقت عن طريق الورق، مع مسح النسخة الورقية في آجال محدّدة لاحقا”. تؤكد التعليمة التي تحمل ترقيم 1 وصادرة بتاريخ 28 نوفمبر، وتندرج هذه الخطوة في إطار مساعي الحكومة لرقمنة قطاع البنوك والمصارف، من خلال رفع نسبة الاعتماد على النظم والوسائل والتقنيات الحديثة التي ترتكز على الابتكار والذكاء الاصطناعي، بغرض تحقيق الحوكمة البنكية والشمول المالي واستقطاب أكبر عدد من الزبائن وترسيخ ثقافة التعامل مع البنوك، حيث تعدّ الرقمنة أحد أبرز تحدّيات القطاع البنكي في الجزائر، وتسعى البنوك اليوم من خلال التوجّه نحو الرقمنة إلى تكييف الخدمة لصالح المواطن، والنجاح في التحدّيات الأمنية التي يفرضها التطوّر المسجّل في هذا القطاع.
تكييف الاستراتيجيات البنكية
في سياق متصل، أصبحت سرعة الاتصالات وتطور استخدامات الهواتف النقالة والأنترنت خلال السنوات الأخيرة، تفرض عصرنة الممارسات المالية وتكييف الاستراتيجيات البنكية مع احتياجات الفاعلين الاقتصاديين والمواطنين، حيث كانت الأزمة الصحية الناجمة عن تفشي فيروس كورونا، قد سمحت خلال السنتين الماضيتين بتسريع التحوّل الرقمي، على كافة المستويات بصفة عامة وفي القطاع البنكي بصفة خاصة، حيث تلعب الرقمنة دورا هاما في تعزيز استقرار وصمود القطاع لمواجهة الصدمات التي قد تواجهه حاليا أو مستقبلا مهما كان حجمها، لاسيما وأن هذا القطاع يرتبط بالمال والجانب الاقتصادي.
الذكاء الاصطناعي وقيادة التكنولوجيا المالية
هذا وقد كانت الجزائر قد احتضنت القمة المصرفية المغاربية الثامنة عشر شهر نوفمبر، بحضور وزير المالية ومحافظ بنك الجزائر ومصارف وشركات نقدية للدول الأعضاء، وتم خلالها مناقشة ملف رقمنة القطاع البنكي والمصرفي، حيث تمّ التطرّق إلى كيف يمكن أن يؤثر الذكاء الاصطناعي على قيادة التكنولوجيا المالية، كما تركّزت محاور الدراسة خلال اللقاء حول الابتكار التكنولوجي والتكنولوجيا المالية والامتثال، وتحدّيات النسيج المصرفي والمالي والبيانات والتحليلات الذكية، والحدود الرقمية الجديدة مع تقنية “أر بي أ” والحوسبة الكمية “ك سي” وتحليلات البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي “أ إي”، وبرنامج الشمول المالي في العصر الرقمي كتحدّ جديد يجب رفعه خلال المرحلة المقبلة.
محمد الأمين