
لا يزال الجدل قائما حول المخاوف تجاه الذكاء الإصطناعي وتداعياته على البشرية مستقبلا في كل مناحي الحياة، هناك من يعتقد إعتقادا جازما أن الآلة التي اخترعها الإنسان لا يمكن أبدا ان تتوفق عليه لأنه سيظل يتحكم فيها، وهناك من يرى أنّ هذه الألة نفسها سيأتي يوما ما وتبدأ في محاكاة الذكاء البشري، ولو حاول الإنسان الوقوف امامها فسوف تكون له عواقب لا تحمد عقباها على الاقتصاد، ليظل نفس السؤال مطروحا، فهل سيتمكن الخبراء من إيجاد جواب حول العلاقة الغامضة والمعقدة بين الإنسان والذكاء الإصطناعي.
إن الحديث عن كل ما يتعلّق بثورة الذّكاء الاصطناعي، أصبح مهما جدا أيضا في كل ما يتعلق بالبشرية مستقبلا، لأن ّالأمر يتعلق بالتكنولوجيا الرابعة، فلا ضرر لو تطرقنا إلى الهواجس المحيطة باستخدام تطبيقاته العديدة وتأثيرها على القوى العاملة البشرية، خاصة فيما له إرتباط وثيق باستخدام بعضها من تهديد لقيم الخصوصية والاستقلالية الفردية. لكن يبقى الذكاء الإصطناعي كأي تكنولوجيا لها سلبيات وإيجابيات، كما انه ليس مستبعدا أن تستحوذ الآلات على وظائف البشر، او قد تكون في غالب الأحيان مكملة لهم، بمعنى أخر، يمكن جدا للذكاء الاصطناعي الإستحواذ على بعض الأعمال المكتبية والروتينية، لكنه لا يمكن أبدا أن يحل محل الموظف. وعليه، يجب أن يكون التركيز على ترقية الموظفين وتدريبهم لرفع مستواهم لتحسين الأعمال التي يقومون بها، وهو ما يحدث فعلا في العديد من الدول المتقدمة التي تبنّت خيار الذكاء الإصطناعي لتطورها ورُقيّها. ورغم المخاوف من الذكاء الإصطناعي والمطالبة بضرورة تنظيمه عالميا، خاصة على مستوى استخدام البيانات التي تغذيه.، فإننا نتوقع من المجتمعات الصناعية أن تتأثر أكثر من غيرها، بحيث ستعرف تغيرات اجتماعية في السنوات المقبلة. ولهذا يصرُّ معظم الخبراء على أهمية وضع التشريعات لتنظيمه، والدعوة إلى فتح تقاش موسع وشفاف بشأن القطاعات التكنولوجية الجديدة وكيفية وضع قيود عليها، ولكن المعضلة التي تعترض هؤلاء الخبراء لها صلة وثيقة بالنظام التعليمي. من الضروري وضع أهمية سن قوانين وتشريعات لضبط استخدام الذكاء الاصطناعي، وبشكل خاص وجود تعاون دولي في هذا المجال، خاصة بين الدول الصغرى التي تتشابه ظروفها. يجدر الإشارة إليه، أنّ منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) سبق وان أقرت إطار عمل عالميا للاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي يحدد طرق الاستفادة القصوى منه مع تقليل المخاطر الناجمة عنه. وحسب خبراء، فإن الذكاء الاصطناعي هو برمجيات وتقنيات قادرة على محاكاة الذكاء البشري في حل المشكلات ومعالجة البيانات وأداء المهام.
بقلم: حياة ميرهان