تكنولوجيا

الهجمات الإلكترونية

الوجه المظلم للرقمنة

تعد الجريمة الإلكترونية من التهديدات المتزايدة التي تواجه الأفراد والمؤسسات والحكومات على مستوى العالم. وفقًا للبحوث الأخيرة، سجلت محاولات الهجوم على شبكات الشركات زيادة ومع ذلك، لا تقتصر تأثيرات الجرائم الإلكترونية على الخسائر المالية فحسب، بل تمتد أيضا إلى أضرار أخرى قد تكون أقل وضوحا، مثل التأثير على سمعة الشركات وفقدان ثقة العملاء. وبالرغم من الاعتقاد السائد بأن الأمن الإلكتروني مخصص فقط للمؤسسات الكبرى، إلا أن الواقع يشير إلى أن الحاجة إلى الحماية تتزايد بين الأفراد والشركات من مختلف الأحجام. فالتنوع الكبير في التهديدات يجعل من الضروري توخي الحذر وعدم تجاهل المخاطر المتزايدة.

يعتبر الهجوم الإلكتروني محاولة من مجرمي الإنترنت لاستغلال الأنظمة الرقمية عن طريق تعطيل الأجهزة أو سرقة البيانات أو استخدام الأنظمة المخترقة لشن هجمات أخرى. في الآونة الأخيرة، أصبح هذا الهجوم أكثر تعقيدًا، مما يضع ضغطًا على المؤسسات والأفراد لحماية أنفسهم. ويستغل المهاجمون عادة الثغرات الأمنية التي تظل غير مكتشفة، بينما يتوجب على فرق الأمان أن تحمي جميع منافذ النظام الممكنة، مما يجعل الوضع غير متكافئ لصالح المهاجمين. هذا النقص في التوازن يعزز من فرص المهاجمين لاختراق الأنظمة.

تتزايد حدة المخاطر في عصرنا الحالي لأن أي جهاز متصل بالإنترنت يمكن أن يكون هدفا للهجوم أو حتى أداة لتوجيه الهجمات. بما أن مجرمي الإنترنت يركزون في أغلب الأحيان على استغلال الثغرات الأمنية الأقل تعقيدًا في الأنظمة الخاصة بالشركات الصغيرة والمتوسطة، فإن تلك الشركات قد تكون أكثر عرضة للخطر مقارنة بالشركات الكبرى، على الرغم من أنها تبدو أهدافًا أقل وضوحًا. كما أن تلك الشركات في كثير من الأحيان تعمل كموردين للمؤسسات الكبرى، مما يعني أن اختراق إحدى الشركات الصغيرة قد يؤدي إلى تسلل المخترقين عبر سلسلة التوريد كلها.

من أبرز أنواع الهجمات الإلكترونية التي تهدد الأمن الرقمي اليوم هي البرامج الضارة، التي تشمل مجموعة من البرمجيات الخبيثة المصممة لاستغلال الأجهزة على حساب المستخدم. ومن أبرز الأمثلة على ذلك برامج الفدية التي تُستخدم لطلب فدية مقابل فك تشفير الملفات المخترقة، وكذلك الفيروسات التي تُخفي نفسها في مرفقات البريد الإلكتروني أو الروابط المرفقة على الإنترنت. كذلك، تستغل بعض البرامج الأمنية الضعيفة لتتبع أنشطة المستخدمين أو سرقة بياناتهم الحساسة مثل كلمات المرور ومعلومات الدفع..

تعتبر هجمات الحرمان من الخدمة الموزعة (DDoS) أيضًا من أبرز التهديدات التي يمكن أن تضر بالأنظمة، حيث يقوم المهاجمون باستخدام العديد من الأجهزة المخترقة لشن هجوم على الخوادم أو المواقع الإلكترونية، مما يؤدي إلى تعطل الخدمات بشكل مؤقت أو دائم. وعلى الجانب الآخر، يعتبر التصيد الاحتيالي أحد أخطر الأساليب التي يلجأ إليها المهاجمون للحصول على بيانات حساسة مثل كلمات المرور وأرقام الحسابات المصرفية، حيث يتم انتحال شخصية كيانات موثوقة مثل البنوك أو الشركات الكبيرة لخداع المستخدمين.

تتعدد الهجمات الإلكترونية الأخرى مثل هجمات SQL injection التي تستهدف قواعد البيانات على الإنترنت من خلال إرسال استعلامات ضارة لإحداث تغييرات غير مصرح بها في البيانات المخزنة، أو هجمات XSS التي تسمح للمهاجمين بإدخال أكواد ضارة في تطبيقات الويب لسرقة البيانات أو نشر برامج خبيثة.

في إطار التصدي لتلك الهجمات، يجب على الشركات أن تتخذ إجراءات سريعة وفعالة لحماية نفسها. بدايةً، ينبغي أن يتم تشكيل فريق متخصص في الأمن السيبراني لمتابعة أي هجوم والتعامل معه على الفور. من أهم الخطوات التي يجب اتخاذها في حال وقوع هجوم هو قطع الاتصال بالشبكات المتأثرة لتقليص الأضرار المحتملة، بالإضافة إلى تغيير كلمات المرور للأنظمة المتضررة. كذلك، يتطلب الأمر تقييماً دقيقًا للأضرار من أجل تحديد مدى التأثير على الأنظمة والبيانات والعمل على استعادة البيانات من النسخ الاحتياطية إن كانت متاحة.

وفي سياق الوقاية، من المهم أن يتم توعية الموظفين حول أهمية الأمن الإلكتروني والتدريب المنتظم لهم على كيفية تجنب المخاطر الإلكترونية. لا يقتصر الأمر على توعية الموظفين فقط، بل يجب أيضًا تشفير البيانات الحساسة وتوفير نسخ احتياطية دورية لتفادي ضياع البيانات في حال حدوث هجوم. علاوة على ذلك، ينبغي القيام بمراجعات دورية لأنظمة الأمان لتحديد الثغرات والضعف في النظام وإصلاحها قبل أن يستغلها المهاجمون.

يشمل الدفاع الفعال ضد الهجمات الإلكترونية اتخاذ خطوات مثل تقييد وصول المستخدمين إلى البيانات، وتثبيت جدران حماية متقدمة، وتحديث الأنظمة بشكل دوري، بالإضافة إلى استخدام كلمات مرور قوية وتفعيل المصادقة متعددة العوامل. كل هذه الإجراءات تعد من أسس الحفاظ على الأمان الإلكتروني وحماية البيانات الحساسة في مواجهة الهجمات المتزايدة

ياقوت زهرة القدس بن عبد الله

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى