
وسط السباق المحموم لتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي. أطلق رئيس مجلس إدارة إحدى أكبر الشركات المطورة لهذه التكنولوجيا تحذيرًا صارخًا، موجهاً حديثه للشركات الناشئة التي تتجه نحو إنشاء نماذج ذكاء اصطناعي خاصة بها، مؤكداً أن هذا المسار لا يقود إلى الريادة، بل إلى استنزاف الموارد وهدر الأموال.
بحسب تصريحات “بريت تايلور”: فإن الدخول في مجال تدريب نماذج ذكاء اصطناعي جديدة من البداية أشبه بإلقاء الملايين في الهواء. معتبرا أن هذه المحاولات لا تجدي نفعًا. إلا إذا كانت الجهة المنفذة تملك موارد هائلة ومعرفة تقنية عميقة. وهو أمر لا يتوفر غالبًا سوى لعدد قليل من الكيانات الكبرى.
ورغم أن العديد من رواد الأعمال يرون أن امتلاك نموذج خاص يمنحهم استقلالية وتأثيرًا مباشرًا. إلا أن التجربة الواقعية تؤكد أن هذا الطريق محفوف بالمخاطر. حيث يتطلب استثمارات ضخمة. وقد يؤدي إلى نتائج محدودة مقارنة بما توفره النماذج الجاهزة.
بدائل ذكية: العمل مع الكبار بدلا من مجابهتهم
في ظل الاحتكار الذي تفرضه كبرى الشركات التقنية على سوق الذكاء الاصطناعي. نصح تايلور المؤسسين الجدد بالبحث عن فرص شراكة وتكامل مع هذه الشركات بدلًا من محاولات التفرد. مؤكدًا أن استغلال النماذج المتاحة سيوفر الوقت والجهد والمال. مع تحقيق مردود فعلي على مستوى الأداء والخدمة.
وأشار تايلور إلى أن شركات كبرى مثل “ميتا” و”غوغل” و”أنثروبيك” و”أوبن إيه أي”. تحتكر بنية التطوير الأساسية. سواء من حيث رأس المال أو المعرفة التقنية أو القدرة الحاسوبية. الأمر الذي يجعل محاولات المنافسة من طرف الشركات الصغيرة مجرد مغامرة خاسرة منذ البداية.
وضرب مثالاً بشركة “أوبن إيه آي” التي تتيح للمطورين استعمال واجهتها البرمجية بشكل مرن مقابل شراء رموز تشغيلية. ما يفتح الباب أمام مئات التطبيقات الجديدة لتتكامل مع نموذجها الأساسي. دون الحاجة لتطوير نموذج من الصفر.
الشركات الناشئة .. نماذج اقتصادية واعدة
في المقابل، ظهرت بعض التجارب العالمية التي تسعى لتقديم نماذج أقل تكلفة وأكثر تخصصًا. ومن أبرزها التجربة الصينية لشركة “ديب سيك”. التي تمكنت من تطوير نموذجها “R1” باستخدام رقائق حاسوبية بسيطة، لتقلل بذلك نفقاتها التشغيلية بشكل لافت، وتطلق تطبيق محادثة حقق صدارة في ترتيب تنزيلات متجر التطبيقات على الهواتف الذكية.
وقد تجاوز التطبيق الصيني نموذج المحادثة العالمي المعروف في عدد مرات التحميل، وهو ما أثار تساؤلات حول مدى جدوى الاستثمارات الضخمة التي تنفقها الشركات الكبرى في تطوير النماذج، خاصة في ظل القدرة على إنتاج حلول فعالة بتكلفة أقل إذا ما رُكزت الجهود في المسارات الصحيحة.
وتشير هذه التجربة إلى وجود بدائل اقتصادية عقلانية تتيح دخول السوق دون الحاجة لميزانيات فلكية، مع الاعتماد على أدوات وتقنيات مُتاحة وليست محصورة في أيدي الكبار فقط، ما يمنح الأمل للمطورين الصغار في بناء تطبيقات فعالة تخدم مجتمعاتهم بذكاء، لا بقوة مفرطة.
وفي ختام حديثه، شدد “تايلور” على أهمية التفكير العملي في هذا المجال، مؤكدًا أن النجاح في عصر الذكاء الاصطناعي لا يكون بالضرورة حكرًا على من يملك النموذج، بل على من يعرف كيف يستثمر ما هو موجود ويوظفه بطريقة مبتكرة، تحقق الفائدة دون السقوط في فخ الهدر والتضخيم.