
عرض: رامـي الـحـاج
نظمت الأربعاء الماضي المدرسة العليا للاقتصاد يوما علميا ومهنيا للشمول المالي للتكنولوجيا المالية والأمن السيبراني، (تحديات وفرص جديدة للبنوك الجزائرية) وذلك بالشراكة مع “نتيكسيس الجزائر Natixis“، وبمبادرة منها وبحضور خبراء ومختصين وأساتذة جامعيين وطلبة من المدرسة العليا للاقتصاد بوهران، وكان من بين هؤلاء الأساتذة المحامية المتخصصة في القانون الرقمي “هند بن ميلود” التي ألقت محاضرة بعنوان (الذكاء الاصطناعي في الأمن السيبراني المصرفي).
المحاضرة تطرقت إلى عدة محاور: تطور القطاع المصرفي في مواجهة المخاطر السيبرانية – الإطار التنظيمي في الجزائر – الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني: أفق جديد – تعريفات الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي، حيث إن الأستاذة تطرقت إلى تطور القطاع المصرفي في مواجهة المخاطر السيبرانية وغلى مسألة جد هامة تتعلق بما يفرضه العالم المترابط والمتطور تحديات اقتصادية معقدة. ثم تحدثت عن مواجهة البنوك لتهديدات رقمية غير مسبوقة، مما يعرض استقرارها وثقة عملائها للخطر، كما أشارت بأن القطاع المصرفي أصبح هدفًا رئيسيًا للهجمات الإلكترونية بسبب البيانات الحساسة التي يديرها، وعليه، أصبح الأمن السيبراني في السياق ذاته أولوية قصوى نظرًا لمليارات المعاملات التي تتم يوميا من كل أنحاء العالم وما يحمله من تحديات ومخاطر.
التهديدات السيبرانية وعواقبها على القطاع المصرفي
تحدث الأستاذة بإسهاب في هذا المجال الإستراتيجي لكون له تداعيات يتعرض القطاع المصرفي من خلال التهديدات السيبرانية، على غرار (القرصنة، برامج الفدية، التصيد الاحتيالي وهجمات DDoS)، كلها لها عواقب خطيرة وتشكل تحديا حقيقيا بالنسبة لهذه المصارف، بحيث أن عواقب الهجمات الإلكترونية: لها تبعات سلبية وخطيرة، مثل: الخسارة المالية (الاحتيال والسرقة)، ناهيك عن فقدان العملاء الثقة، إلى جانب التداعيات التنظيمية (العقوبات) وارتفاع تكاليف الاسترداد والتحقيق.
الإطار التنظيمي في الجزائر
تطرقت الأستاذة في هذا الإطار إلى عدة محاور:
(1)- التقدم التشريعي منذ العقد الأول من القرن الـ21، حيث ذكرت القوانين في هذا الصدد:
– القانون 04-15 (2004): الجرائم المتعلقة بأنظمة المعالجة الآلية للبيانات.
– القانون 09-04 (2009): الوقاية من الجرائم المتعلقة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات ومكافحتها.
– قانون تحديث القضاء (2015).
– قانون سنة 2018: حماية المعطيات الشخصية، المكمل بالمرسوم رقم 20-05 (2020).
(2)- إنشاء ANPDP (الهيئة الوطنية لحماية البيانات الشخصية) في عام 2023 وASSI (وكالة أمن نظم المعلومات).
(3)- ضرورة الاستثمار في التدريب والتوعية وتعزيز البنية التحتية التكنولوجية.
(4)- يعد اتباع نهج متكامل ومتعدد الأوجه أمرًا ضروريًا للتعامل مع التهديدات السيبرانية
الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني
مسألة الذكاء الاصطناعي وعلاقته بالأمن السيبراني وما يمكن تقديمه له، أخذ حيّزا متفردا من محاضرة الأستاذة المحامية :هند بن ميلود)، بحيث حددت المسألة من زاوية (أفق جديد للأعمال) وهنا طرحت بعض الإشكاليات المطروحة في هذا السياق، ومعها الاقتراحات والحلول والرؤى المنهجية العلمية، حيث أكدت أن مخاطر الفضاء السيبراني تتطلب منا إعادة التفكير في الأمن السيبراني، إلى جانب دمج ابتكارات الذكاء الاصطناعي لتعزيز الأمن، وأيضا تنفيذ سياسات الأمن السيبراني الاستراتيجية القائمة على الذكاء الاصطناعي.
(01)- في مجال الأمن السيبراني، ترى الأستاذة أنه من أولوية الأوليات حماية البنك، وعليه، قدمت رؤيتها للموضوع، قائلة: الأمن السيبراني هو كافة الأحكام الفنية والقانونية التي تهدف إلى حماية أنظمة المعلومات والبيانات الخاصة بالشركة (البنك) – تهدف وسائل الحماية هذه إلى ضمان سلامة الأنظمة وسريتها وتوافرها – يعتبر الأمن السيبراني تحدياً عالمياً يواجه القطاع المصرفي.
(02)- في مجال الذكاء الاصطناعي: هنا قدمت التعريف ووجهات النظر: – يقوم الذكاء الاصطناعي بأتمتة العمليات المصرفية المعقدة من خلال تحليل كميات كبيرة من البيانات، وبالتالي تحسين الكفاءة وتقليل المخاطر – الذكاء الاصطناعي هو مجال علمي يسمح للأنظمة بالتعلم واتخاذ قرارات ذكية، مما يعزز الابتكار في مجال الأعمال المصرفية – يعرف الاتحاد الأوروبي الذكاء الاصطناعي بأنه تكنولوجيا قادرة على تقليد السلوكيات البشرية مثل التعلم واتخاذ القرار، ومفيدة في حل المشكلات المعقدة – يعمل الذكاء الاصطناعي على تعزيز الأمن المصرفي من خلال اكتشاف الاحتيال والتنبؤ بالمخاطر وتخصيص الخدمات للعملاء.
المخاطر والتهديدات
لم تغفل الأستاذة المحاضرة، “هند بن ميلود”، هذه المسألة الحساسة والدقيقة والمهمة في وجود أي شركة أو بنك، وعليه قدمت جملة من الإجراءات لحماية البيانات الحساسة، ومنها:
(1)- حماية البيانات الحساسة باستخدام الذكاء الاصطناعي
(2)- زيادة أهمية حماية البيانات الحساسة (المالية، العملاء والأسرار الصناعية).
(3)- يستخدم الذكاء الاصطناعي الخوارزميات لاكتشاف السلوك غير الطبيعي ومنع الانتهاكات.
(4)- تحليل كميات كبيرة من البيانات في الوقت الحقيقي، وهو أمر مستحيل بالنسبة للإنسان.
(5)- يعمل الذكاء الاصطناعي على تعزيز أمن البيانات بشكل استباقي.
وكان لزاما من أجل الاستجابة الآلية والأمن المعزز بالذكاء الاصطناعي، أن تتطرق الأستاذة إلى محاور فرعية ذات الصلة بالموضوع:
(1)- الكشف والاستجابة التلقائية: يحدد الذكاء الاصطناعي التهديدات ويتفاعل معها تلقائيًا (مثل عزل النظام المصاب وتحديث جدران الحماية).
(2)- الاستجابة السريعة للحد من الأضرار المحتملة.
(3)- مصادقة مُحسّنة متعددة العوامل: يراقب الذكاء الاصطناعي سلوك المستخدم لتعزيز الأمان.
(4)- الكشف عن الإجراءات غير العادية وتفعيل تدابير أمنية إضافية.
المخاطر والتهديدات التي تواجه الشركة 4/6
تأمين أجهزة إنترنت الأشياء ومنع هجمات التصيد
مسألة أخرى لا تقل أهمية أو خطورة فيما يتعلق بحماية أجهزة إنترنت الأشياء من الهجمات والتهديدات السيبرانية، حيث إن الأستاذة المحاضرة قالت بصريح العبارة: “يراقب الذكاء الاصطناعي حركة مرور إنترنت الأشياء للكشف عن الأنماط المشبوهة ومنع الهجمات”. وقصد منع هجمات التصيد الاحتيالي، أضافت قائلة: “يقوم الذكاء الاصطناعي بفحص رسائل البريد الإلكتروني الواردة لتحديد الروابط أو المرفقات الضارة، مما يقلل المخاطر التي يتعرض لها المستخدمون”.
إدارة الثغرات الأمنية والاستجابة الآلية باستخدام الذكاء الاصطناعي
(1)- إدارة الثغرات الأمنية: يكتشف الذكاء الاصطناعي العيوب في أنظمة الأمان والتكوينات والممارسات، مما يتيح العلاج الاستيباقي.
(2)- أتمتة الاستجابة للحوادث: يقوم الذكاء الاصطناعي تلقائيًا بإطلاق إجراءات ضد التهديدات (مثل عزل الأجهزة المخترقة)، مما يؤدي إلى تسريع الاستجابة للهجمات.
حماية البيانات والقدرة التنافسية بفضل الذكاء الاصطناعي
(1)- حماية الملكية الفكرية: يقوم الذكاء الاصطناعي بمراقبة الشبكات للكشف عن أي نقل مشبوه للبيانات الحساسة أو سلوك غير طبيعي للموظفين.
(2)- تخصيص تجربة العملاء: يعمل الذكاء الاصطناعي على تحسين الأمان وتجربة العملاء من خلال الكشف عن الأنشطة الاحتيالية وضمان الوصول السلس إلى الخدمات.
(3)- القدرة التنافسية في السوق: تعمل الشركات التي تستثمر في الذكاء الاصطناعي لأغراض الأمن السيبراني على بناء المرونة واكتساب ثقة العملاء والامتثال للوائح بسهولة أكبر.
في ختام محاضرتها القيمة التي أفاضت في شرح محاورها، أكدت أنه من أجل تعزيز الأمن السيبراني، لا بد من:
(1)- تنفيذ سياسات قوية لأمن المعلومات للشركات والبنوك.
(2)- دمج الذكاء الاصطناعي في الاستراتيجية الوطنية للدفاع السيبراني والأمن السيبراني
(3)- توقع التطورات في مجال الأمن السيبراني للاستعداد للتهديدات المستقبلية.
“النصر يفضل أولئك الذين يتوقعون التغييرات، وليس أولئك الذين يتأقلمون بعد وقوعها: ـ الجنرال جوليو دوهيت.
الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني: تحالف من أجل مستقبل الأعمال
واستنتجت في حصاد محاضرتها حول هذه المسألة بالذات، بأن الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، يجتمعان معًا لتعزيز حماية الأعمال، وأنّ الاستثمار في هذه التقنيات يجعل من الممكن توقع التهديدات بشكل أفضل وحماية الأصول، كما يضمن الذكاء الاصطناعي تجربة أكثر أمانًا للعملاء، مما يساهم في نجاح الشركات على المدى الطويل. ليبقى التساؤل مطروحا وقابلا للنقاش والبحث والتخمين (هل يجب أن نخاف من الذكاء الاصطناعي أم نعتبره رصيدًا للمستقبل؟).