المجتمع

يمتهنها حاليا شباب مبدع بمدينة المشرية

الاسكافة حرفة تقليدية تعود بقوة إلى النشاط

تسجل حرفة الاسكافة كنشاط تقليدي عودة ملحوظة بمدينة المشرية شمال ولاية النعامة بعد أن عرفت ركودا كبيرا في العشرية الماضية وانحصارها في فئة قليلة كانت تمارسها من أجل لقمة العيش وسط الشوارع في كثير من الأحيان.

المتجول في بلديات ولاية النعامة خاصة بكبرى مدنها بلدية المشرية يلاحظ تضاعف الورشات المخصصة لهذا المجال واعتمادها بالدرجة الأولى على العنصر الشباني مما يضفي عليها طابع الخصوصية لا سيما وأن أغلب الشباب كان إلى فترات غير بعيدة يتهرب من هذه الحرفة إلى أخرى أكثر عصرنة، وعلى رغم من أن أغلب الاسكافيين المهيكليين بالولاية لا يتعدى الـ 7 اسكافيين موزعين عبر بلديات الولاية فان أغلب الاسكافيين الأخرين يتهربون من عملية التصريح بنشاطهم مفضلين العمل بطريقة غير منظمة دون التسجيل بالغرفة للحصول على بطاقة الحرفي أو التسجيل بالقيد التجاري.

ويطالب هؤلاء الحرفيون ببعض التسهيلات لممارسة نشاطهم حتى يضمنوا استمراريته وجعله يتداول بين الفئات البطالة من جهة، وإحيائه كحرفة تقليدية عريقة يمكن عصرنتها من جهة أخرى، لا سيما وأن مدينة المشرية كانت قبل عشريتين من الزمن مشهورة برواق خاص بالشارع الكبير الأمير عبد القادر من خلال الإبداعات التي كان يقدمها الإخوة قاسمي وتفننهم في صناعة أحذية الفصول الأربعة، خاصة في فصل الصيف أين يكثر الطلب على بعض المقتنيات التي كان ينتجها الإخوة قاسمي. ويؤكد الاسكافي قاسمي الخثير، الذي يعتبر من الناشطين القلائل و ذوي سمعة كبيرة في مجال الاسكافة بمدينة المشرية أن مهنة الاسكافي لا تتوقف عند تصليح الأحذية فقط بل تتعداها إلى انجاز أحذية و التفنن فيها حسب الطلب،ويجب أن يكون الاسكافي مبدع وفنان في عمله،.

وفي هذا السياق تشتهر مدينة المشرية ببعض الورشات التي تنجز أحذية موسمية انطلاقا من نماذج مستوردة، حيث يكتشف الزبون لدى استلامه لبضاعته أنها تنافس في الإتقان والجودة تلك الأحذية المعروضة بأسعار خيالية في محلات الألبسة الجاهزة المستوردة ومع زيادة الإقبال على هذه الحرفة التي تشهد انتعاشا حقيقيا بالمشرية، من المنتظر أن يفتح تخصص لتكوين الاسكافيين بمركز التكوين المهني والتمهين بالمشرية استنادا إلى أحد مسؤولي القطاع، الذي أكد بأن انطلاق العملية متوقف على وصول التجهيزات البيداغوجية الخاصة بهذا الاختصاص، من جهة كشف مدير الصناعات التقليدية  بالنعامة سابقا، بأن هناك تسهيلات كبيرة سوف تقدم لكل من يقوم بتكوين الشباب و تلقينهم هذه الحرفة التي يستوجب الحفاظ عليها.

هذا ويرى ذات المصدر أن أهم عقبة تواجه برمجة التكوين في مثل هذه الحرف التقليدية هو عدم امتلاك أغلب الحرفيين لبطاقة الحرفي وممارستهم للمهنة بطريقة فوضوية تصعب من مهمة الاعتماد عليهم في تكوين المتربصين وعموما فان اغلب الاسكافيين الممارسين بالمدينة بدأوا يعتمدون في نشاطهم على وسائل إنتاج حديثة كالماكينات والقاطعات مما روج لجودة سلعهم خاصة في أوساط الزبائن وإعادة الانتعاش إلى مهنتهم التي كانت على وشك الاندثار بالمنطقة، ولم يخف العديد من أصحاب هذه الورشات وأغلبهم من الشباب عن أملهم المستقبلي في توسيع هذا النشاط إلى وحدات إنتاج مصغرة لاسيما بعد الإجراءات الجديدة والتسهيلات التي أقرها رئيس الجمهورية، ومبادرة وزير السياحة لدعم الاستثمار واستحداث وحدات إنتاج تعمل على محاربة البطالة وخلق مناصب شغل جديدة.

 

حرفيين تائهين ومهن عريقة تتجه نحو الأندثار

لا يزال العشرات من الحرفيين والمهنيين بولاية النعامة في عدة تخصصات تقليدية تائهين بسبب قلة الاعتناء بمنتوجاتهم من جهة وغياب الإمكانيات المادية الموجهة لهذه الفئة من جهة اخرى خاصة المهن المهددة بالاندثار كالصناعة النسيجية واندثار حرفة صناعة السروج التي كانت منتشرة في الولاية منذ سنوات وغيرها من الحرف التي تعكس ماضي المنطقة والتي تبحث عن إعادة بعثها من جديد. ولتدارك ذلك جددت غرفة الصناعة التقليدية  بالنعامة  دعوتها لمنخر طيها بتنظيم أنفسهم في إطار جمعيات مهنية، باعتبار أنّ هذه العملية تعد إجراء ضروريا للتكفل الفعلي بالمشاكل التي تعترضهم في ممارسة نشاطاهم.

وفي هذا الصدد كشفت هذه الأخيرة ان مهمتها تنحصر في الترقية والحفاظ على النشاطات التقليدية، وأنه بالرغم من إحصاء عدد كبير من اصحاب المهن مقيدا ضمن سجل الغرفة المهنية في قطاعات الصناعة التقليدية والإنتاج والخدمات، فإنّ قطاع السياحة يحصي عدد قليل من يشارك في التظاهرات من أجل التعريف بمنتجاتهم، ولمساعدتهم ومرافقتهم تسعى غرفة الصناعة جاهدة لتنظيم الحرفيين ضمن جمعيات، لتصنيف منتجاتهم ضمن علامات مميزة، وحمايتها من التقليد والاستفادة من إعانات الدولة،لا سيما الصندوق الوطني لترقية النشاطات التقليدية والمشاركة في مختلف التظاهرات، الهادفة إلى التعريف بمنتجاتهم كما تتيح هاته المزايا الاستفادة من التسهيلات في تزويد الحرفيين بمختلف المواد الأولية، عن طريق البيع المشترك لدى الوكالة الوطنية للنشاطات التقليدية، وهي كلها امتيازات من شأنها منح المعنيين فضاءات للتشاور والتبادل.

وتعتبر هذه الإجراءات من الضروريات الملحة التي يقتضيها انفتاح السوق على المنافسة، زيادة على ذلك الفرص التي تتيحها الغرفة المهنية للصناعات التقليدية، إضافة  إلى التكوين في مجال التسويق. وبخصوص التكوين سبق وأن تم توقيع اتفاقيات يستفيد بموجبها المؤطرون من تكوينات تطبيقية وتربصات على مستوى المؤسسات. يبقى لنا ان نشير أن غرفة المهن والصناعة التقليدية تضم ورشات للتكوين ومساحات عديدة للترويج وتسويق السلع، إضافة  إلى فضاءات لالتقاء الحرفيين لتبادل المعارف والخبرات.

ابراهيم سلامي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى