
تشرف وزارة التربية الوطنية، يومي 22 و23 ديسمبر، على تنظيم أول ندوة جهوية لتقييم تجربة الرقمنة في القطاع التربوي، وسط تحديات كبيرة وضغوط متزايدة لإصلاح الاختلالات التي طفت إلى السطح خلال السنوات الماضية.
وسيُناقش المشاركون، في أربع ولايات رئيسية هي قسنطينة، وهران، تيبازة وورقلة، المراحل التي مرّ بها النظام الرقمي، بهدف تحديد أماكن الخلل ورسم خريطة طريق تعيد الثقة للجماعة التربوية التي عبرت عن استيائها من “سلبيات الرقمنة” التي أثرت على الأداء الإداري والخدمات المقدمة.
الرقمنة بين مركزة المهام وتراجع كفاءة العمل الإداري
أبرز التحديات المطروحة تتمثل في المطالبة بالانتقال من النموذج الحالي الذي يركز جميع عمليات الرقمنة في يد الإدارة المركزية، إلى نموذج أكثر مرونة يقوم على “اللامركزية”، مما يسمح للمسؤولين المحليين بأداء مهامهم دون قيود تعيق الكفاءة. إذ يُعتبر ملف “حركة تحويلات الأساتذة” من أبرز النقاط التي أثارت الجدل بسبب ما وصفته الجماعة التربوية بـ “الفوضى” الناتجة عن أخطاء تقنية ونقص الشفافية في معالجة الطلبات، وهو ما أدى إلى عدم تلبية رغبات العديد من الموظفين خلال الموسم الدراسي السابق.
الدعوة لاسترجاع دور اللجان متساوية الأعضاء
وفي سياق متصل، يُرتقب أن يطالب المشاركون في الندوة بإعادة صلاحيات اللجان متساوية الأعضاء، التي أُقصيت من لعب دورها التقليدي في اتخاذ قرارات التحويل، مؤكدين على أهمية هذه اللجان لضمان التوازن والشفافية. وسيُطالب أيضا بإجراء مراجعة شاملة للمنصة الرقمية، من خلال نشر جميع المناصب الشاغرة والقابلة للشغور بوضوح قبل فتح النظام للترشح، مما يحد من النزاعات والتجاوزات
منصة للطعن وتحقيق الإنصاف
ومن بين المقترحات التي سيتم التطرق إليها خلال الندوات، ضرورة فتح نافذة إلكترونية للطعن ضمن النظام المعلوماتي، حيث سيتمكن الأساتذة والموظفون من تقديم اعتراضاتهم مباشرة عبر حساباتهم الشخصية. هذه الخطوة تعتبر ضرورية لتعزيز مبدأ الإنصاف وتكافؤ الفرص، وللتخفيف من الأثر النفسي والاجتماعي الذي خلفته قرارات تحويل لم تراعِ ظروف الموظفين العائلية.
ندوة وطنية لرسم ملامح “نسخة 2025”
وتُعتبر هذه الندوات تمهيدا للندوة الوطنية التي ستعقد يومي 13 و14 جانفي المقبل، والتي ستشهد عرض النسخة الجديدة من النظام الرقمي “2025”، مع تقديم تقييم شامل للنسخة الحالية، بناء على تحليل الاستبيان الذي أطلقته الوزارة في وقت سابق هذا الشهر، كما سيتم المصادقة على الحلول المقترحة لمعالجة النقائص، بهدف تجاوز العقبات وتحقيق نقلة نوعية في إدارة القطاع الرقمي.
دعوة لتشريك كافة الفاعلين
إضافة إلى ممثلي النقابات والجمعيات التربوية، سيشارك في هذه الندوات مختلف أطياف الجماعة التربوية من مفتشين، مدراء، أساتذة، وممثلين عن المجتمع المدني، لضمان شمولية النقاش وإثراء المخرجات. وستعمل الوزارة على تلقي تقارير مفصلة من رؤساء الندوات الجهوية حول الحلول المقترحة، والتي ستُرفع لرئاسة الندوة الوطنية.
نحو بناء نظام رقمي مستدام
تأتي هذه التحركات في سياق رغبة الوزارة في بناء نظام رقمي فعّال، لا يقتصر فقط على تسهيل العمل الإداري، بل يهدف أيضا إلى تحقيق رضا كافة الأطراف، من مستخدمين، وأولياء، وموظفين، بما يعكس روح الإصلاح التربوي ويدعم مسار التنمية المستدامة.
ياقوت زهرة القدس بن عبد الله