تكنولوجيا

هل الذكاء الاصطناعي محدود في تلبية الحاجات العاطفية؟

أظهرت دراسة حديثة أجرتها شركة متخصصة في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، أن الاستخدامات العاطفية لهذه النماذج ما تزال محدودة للغاية، مقارنة بما يُشاع عنها في بعض الخطابات الإعلامية.

وبينت الشركة أن الغالبية الساحقة من مستخدمي النظام الذي طورته لا يلجؤون إليه من أجل الدعم النفسي أو النصائح الشخصية، بل يقتصر تعاملهم معه غالبًا على الأمور المرتبطة بالإنتاجية والعمل وإنشاء المحتوى.

وكشف التقرير أن نسبة المستخدمين الذين يطلبون الدعم العاطفي أو المشورة النفسية من النموذج لا تتجاوز 2.9 بالمائة، بينما لا تشكل الحوارات ذات الطابع الاجتماعي أو التي تنطوي على تقمص للأدوار أكثر من نصف بالمئة من إجمالي التفاعلات المسجلة، وذلك في تحليل شمل ما يزيد عن أربعة ملايين محادثة موزعة على النسخ المجانية والمدفوعة.

ورغم ذلك لاحظت الشركة أن بعض المستخدمين قد يتوجهون إلى هذا النموذج الرقمي للحصول على توجيه شخصي أو مهني، إضافة إلى طلب النصائح المتعلقة بالصحة النفسية أو تطوير مهارات التعامل مع الآخرين، إلا أن هذه المحادثات لا تبدأ غالبًا بهدف البحث عن رفقة أو تواصل وجداني، بل تتطور بشكل تدريجي لتأخذ طابعًا عاطفيًا، خصوصًا لدى الأشخاص الذين يعانون من الوحدة أو مشكلات في بناء علاقات اجتماعية واقعية.

وبيّنت نتائج التحليل أن هذه النوعية من المحادثات العاطفية تظهر بشكل أكبر في الحوارات الطويلة التي تتعدى الخمسين رسالة من المستخدم، وهو ما يشير إلى أن التفاعل الوجداني يتكوّن مع الوقت ولا يكون مقصودًا منذ البداية. كما أشار التقرير إلى أن النموذج لا يرفض طلبات المستخدمين، إلا في الحالات التي تتعارض مع قواعد الأمان البرمجي، مثل طلب نصائح قد تؤدي إلى ضرر نفسي أو جسدي.

ورصدت الشركة أن نبرة المحادثات تتجه نحو الإيجابية بمرور الوقت، خصوصًا في الحالات التي يُطلب فيها تقديم النصيحة أو الإرشاد، مما يعكس قدرة النموذج على الحفاظ على توازن نفسي نسبي خلال التفاعل.

ورغم هذا، شددت الشركة على أن هذه التكنولوجيا ما تزال في مرحلة التطوير، وقد تصدر عنها أحيانًا معلومات غير دقيقة أو إرشادات قد تكون مضللة أو غير آمنة، كما حذرت من احتمالات انحراف سلوك النماذج الرقمية في بعض الظروف النادرة، الأمر الذي يستوجب التعامل معها بحذر وعدم الاعتماد عليها بشكل كامل في القضايا الحساسة أو الجوانب النفسية الدقيقة.

ويأتي هذا التقرير ليعيد النظر في الفكرة الشائعة عن الذكاء الاصطناعي كمصدر بديل للعلاقات الإنسانية، مؤكدًا أن الاستخدامات العملية والمهنية لهذه النماذج ما تزال تشكّل النسبة الكبرى من تفاعلات المستخدمين، وهو ما يدل على أن العلاقات البشرية الحقيقية تبقى في مكانة لا يمكن استبدالها بسهولة من خلال أدوات رقمية مهما تطورت.

ياقوت زهرة القدس بن عبد الله

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى