تكنولوجيا

نصف مستخدمي الذكاء الاصطناعي يعتمدون على الاستشارات الرقمية

الاستشارات الرقمية .. كشف تقرير صحفي عن تزايد اعتماد مستخدمي أدوات الذكاء الاصطناعي على ما تقدمه من نصائح مالية يومية، إذ يميل عدد كبير من الأفراد إلى التعامل مع هذه الأنظمة كبديل حديث للمستشارين التقليديين، ويشير التقرير إلى أن نسبة تصل إلى ٥٦ في المئة من مستخدمي إحدى أشهر منصات الذكاء الاصطناعي، يعتمدون عليها في قرارات الادخار والضرائب والاستثمار، مما يعكس انتقالًا واضحًا نحو الاستشارات الرقمية في ظل ارتفاع تكاليف المستشارين الماليين.

 

وتظهر الدراسة التي استند إليها التقرير، أن هذه الفئة العريضة من المستخدمين ترى في الذكاء الاصطناعي وسيلة مريحة وسريعة للحصول على نصائح مباشرة وقابلة للتطبيق، خاصة وأن هذه المنصات تتيح تفاعلاً لحظيًا وتقدّم إجابات مبنية على تحليل سريع للمعطيات التي يقدمها المستخدم، الأمر الذي يجعلها خيارًا جذابًا مقارنة بالجلسات الاستشارية التقليدية التي تتطلب حجزًا مسبقًا ورسومًا مرتفعة.

ويرى القائمون على الدراسة، أن هذا الاتجاه يعكس شعورًا متناميًا بالاطمئنان تجاه دقة المعلومات التي تقدمها هذه الأدوات، رغم أن المستخدمين لا يزالون بحاجة إلى التحقق من صحة القرارات الكبيرة قبل تنفيذها، فيما يشير الخبراء إلى أن هذا التحول يعزز مكانة الذكاء الاصطناعي كطرف فاعل في إدارة الحياة المالية اليومية.

 

استشارات متنوعة تتجاوز الشؤون المالية

وبحسب التقرير ذاته، يلجأ ٢٩ بالمئة من المستخدمين إلى المنصة، لمساعدتهم في إعداد مستندات العمل، بينما يعتمد ٢٠ بالمئة عليها في وصفات الطعام، و١٧ بالمئة للحصول على نصائح صحية، و١٤ بالمئة للحصول على نصائح تخص وظائفهم، وهو ما يعكس تنوعًا كبيرًا في أنواع المساعدة التي تقدمها هذه التقنيات وتوسعها في مجالات متعددة تتجاوز الجانب المالي.

ويؤكد أحد المسؤولين التنفيذيين في مجموعة مالية معروفة والتي تولت تنفيذ البحث، أن الذكاء الاصطناعي يمنح عددًا كبيرًا من الأفراد ثقة أكبر في قراراتهم المالية، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أهمية حصول المستخدمين على معلومات دقيقة، ويُبرز هذا التصريح الجانبين الإيجابي والاحترازي في آن واحد، حيث تقدم الأدوات الرقمية دعمًا متواصلًا وسهل الوصول، لكنها تحتاج إلى رقابة تضمن أن النصائح المقدمة مبنية على أسس صحيحة.

ويشير التقرير كذلك إلى أن الذكاء الاصطناعي يملأ جزء كبيرا من الفراغ الناتج عن ارتفاع تكاليف الاستشارات المالية في بعض الدول، إذ تتجاوز تكلفة جلسة واحدة من جلسات المستشارين الماليين مبالغ مرتفعة، في حين توفر المنصات الرقمية استشارات مجانية أو منخفضة التكلفة، مما يجعلها خيارًا متاحًا لشرائح واسعة من المجتمع.

كما يوضح التقرير أن المنصات الذكية تُعد الأكثر استخدامًا ضمن مختلف أدوات الذكاء الاصطناعي المنتشرة، مع الإشارة إلى استخدام أدوات أخرى تقدم خدمات مشابهة، ويبرز هذا الانتشار تحولًا واضحًا في سلوك المستهلكين نحو الأدوات الرقمية التي تقدم مساعدة يومية شاملة وسريعة.

 

الاستشارات الرقمية .. غياب الرقابة وتحوّل في مفهوم الإرشاد المالي

يتطرق التقرير إلى مسألة غياب الرقابة المباشرة على أدوات الذكاء الاصطناعي من قبل الجهات المالية المختصة، وهو عامل يُعد من أبرز الأسباب التي تدفع المستخدمين للاعتماد على هذه المنصات، إذ تملك القدرة على تقديم نصائح واضحة ومحددة دون القيود التي تلتزم بها الشركات الاستثمارية أو المؤسسات المالية التقليدية، مما يجعلها أكثر جرأة في توجيه المستهلكين وتقديم مقترحات عملية بشكل مباشر.

ويشير محللون إلى أن هذه المرونة قد تحمل جانبًا إيجابيًا يساعد المستخدم على اتخاذ خطوات سريعة في إدارة أمواله، لكنها في الوقت ذاته تفتح الباب أمام تساؤلات حول مستوى المسؤولية ودقة التوجيهات، خاصة أن المستشار البشري يخضع لضوابط مهنية تحد من تقديم نصائح قد تكون عالية المخاطر، بينما لا تنطبق هذه المعايير بشكل كامل على الأنظمة الرقمية.

كما يبرز التقرير أن توسع الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في الشؤون المالية سيقود مستقبلًا إلى نقاشات واسعة حول ضرورة وضع قواعد تنظيمية جديدة تضمن توازن العلاقة بين المستخدم والأدوات الرقمية، إذ إن هذه المنصات باتت تمارس دورًا مؤثرًا في القرارات المالية التي يتخذها الأفراد، مما يستدعي وجود آليات متابعة واضحة تُحدد حدود الاستخدام وكيفية التعامل مع الأخطاء المحتملة.

وبينما يستمر المستخدمون في الإقبال على الاستشارات الرقمية المجانية، يبدو أن هذا الاتجاه سيقود إلى إعادة تشكيل مفهوم الإرشاد المالي نفسه، حيث لم يعد المستشار مقصورًا على العنصر البشري، بل أصبح الذكاء الاصطناعي طرفًا مساهمًا في رسم القرارات اليومية، الأمر الذي يعبر عن تحول كبير في أنماط الحياة المالية المعاصر.

ياقوت زهرة القدس بن عبد الله 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى