أخبار العالم

“موكب الغضب”.. “القمع المفرط” يتواصل في السودان

في ظل الضغوط الدولية على مكونات السلطة

ندّد خبير حقوق الإنسان في الأمم المتحدة أداما دينق بمأساة حملة القمع التي أدت إلى مقتل 99 متظاهرا وإصابة أكثر من خمسة آلاف آخرين منذ انقلاب أكتوبر، داعيا إلى محاكمة الجناة واتخاذ تدابير ملموسة وشجاعة.

من جانبه، دعا رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان إلى عدم تسييس قضايا حقوق الإنسان والتعامل معها بحيادية، على حدّ وصفه.

وبحسب المصادر، تواصل القوات الأمنية القمع المفرط في مواجهة المتظاهرين، على الرغم من رفع حالة الطوارئ، وهو ما رُصِد من جديد أول أمس، على الرغم من النداءات الأممية للسلطة بتحسين البيئة السياسية لبدء المفاوضات المباشرة التي لم تتوفر لها سبل النجاح حتى الآن.

وتصدّت الأجهزة الأمنية للمتظاهرين بالغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي في “موكب الغضب” الذي دعت إليه لجان المقاومة بالخرطوم ضمن مواكب إحياء ذكرى “فضّ الاعتصام”.

وقد أدانت “هيومن رايتس ووتش” استمرار القمع في السودان في ظل حالة الطوارئ ودعت شركاء السودان الدوليين والإقليميين إلى النظر في فرض عقوبات على القادة المنتهكين، وقد جدد مجلس الأمن الدولي تفويض بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان “اليونيتامس” عاما آخر لغاية 3 جوان 2023.

هل تجاوز مقرّر الأمم المتحدة دوره

ويشير الباحث السياسي شوقي عبد العظيم، إلى أن تصريحات مقرر الأمم المتحدة لحقوق الإنسان لا تخرج عمّا يجب أن تكون عليه مهمته كمراقب وخبير لحقوق الإنسان في السودان.

ويلفت المصدر، إلى أن المسؤول الأممي يتحدث عن جانب مهم يتعلّق بقتل المتظاهرين وضربهم بالسلاح وتعذيب المعتقلين واعتقال الصحافيين والنشطاء السياسيين، ويقول أن هذا هو دوره في السودان وعليه أن يقول هذا الكلام بصراحة.

كما يعتبر، أن هذه الإدانة يمكن أن تكون مجدية إذا تعاملت معها بقية الأجسام في الأمم المتحدة وإذا أثار رئيس بعثة يونيتامس في السودان فولكر بيرتس الذي يدير الحوار السوداني السوداني هذه الانتهاكات التي كثيرًا ما يتحدث عنها ويوردها في تقاريره.

تصريحات البرهان لا قيمة لها

من جهة أخرى، يرى عبد العظيم أن تصريحات البرهان لا قيمة لها لأن لا أحد يسيس قضايا حقوق الإنسان، لكنه يعتبر أن هناك انتهاكات تقع على النشطاء السياسيين والصحافيين والحقوقيين ولجان المقاومة التي لديها موقف سياسي من السلطة الحاكمة الآن.

ويؤكد عبد العظيم، أن الأوضاع في السودان ما زالت متردية جدا فيما يتعلق بحقوق الإنسان وبتهيئة الأجواء للحوار رغم أن السلطات رفعت حالة الطوارئ وأطلقت عددًا من المعتقلين، إلا أن الأجواء ما زالت غير ملائمة.

ويلفت، إلى أن هذه الأجواء تتمثل باستمرار إجراءات القمع والتضييق على الناشطين والحقوقيين في الخرطوم، إضافة إلى تطبيق إجراءات مشددة جدًا لإجراء المؤتمرات وورش العمل في الفنادق والأماكن العامة.

لا سبيل سوى المضيّ في الثورة

كما يشدد عبد العظيم على غياب الثقة في العسكريين الذين يمسكون بزمام الأمور في السودان، ويضيف أن عدم الثقة بهم يعقّد هذه المسألة –الحوار- فإذا تم الاتفاق على أي شيء لا توجد ضمانات للالتزام به.

ويشير، إلى أن السودانيين يرفضون الوجوه الرئيسية من العسكريين أي الفريق أول عبد الفتاح البرهان ونائبه والعسكريين الخمسة الآخرين، لافتًا إلى رغبة السودانيين بتقديم وجوه جديدة من العسكريين يمكن التحاور معها.

ويعتبر عبد العظيم، أن الشارع وقوى المعارضة سيجدون مع تعذر إقامة حوار أنه لا سبيل سوى المضي في الثورة، إذا رفضت القوى السياسية الذهاب إلى الحوار، ولكن يقع عليها أيضًا أن توفر شروطًا لإنجاح هذه الثورة عبر ترتيب بيتها الداخلي والاستعداد لثورة شبيهة بما حدث في عام 2018 و 2019.

وفيما يلفت إلى أن ذلك يفترض أن يشمل الخروج إلى الشارع وإغلاق الطرق والعصيان المدني إلى أن يتحقق سقوط النظام، يدعو لتسليط الضوء أيضا على الأزمة الاقتصادية التي يشهدها السودان والتي تتجه نحو تدهور متسارع، ما يجعل الثورة الطريق الوحيد للخروج من الواقع الحالي في السودان.

رفع حالة الطوارئ في السودان

بعد مرور عدة أيام على إعلان السلطات السودانية قرار رفع حالة الطوارئ في البلاد، لا تزال الآراء منقسمة حول تأثيراته في حل الأزمة الراهنة، ومقدرته على إخراج السودان من نفق المشكلات لا سيما الاقتصادية منها.

وعلى الرغم من إدراك الجميع لحدوث موجة من الغلاء والتهريب غير المسبوق للصادرات خلال فترة حالة الطوارئ، إلا أنه لا خلاف على أن الانفراج الاقتصادي بحاجة إلى استقرار سياسي وأمني، وهو أمر بعيد المنال في ظل تواصل التظاهرات في عدد من أحياء العاصمة السودانية الخرطوم المطالبة بتنحي العسكر عن السلطة.

وبعد سبعة أشهر من فرضها، رفع رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان حالة الطوارئ، ما أثار تساؤلات بشأن احتمال أن تسهم هذه الخطوة في تهيئة المناخ لحوار يعالج الأزمة السياسية الراهنة.

وهذه الأزمة قائمة منذ 25 أكتوبر 2021، حين أعلن البرهان وهو أيضًا قائد الجيش، إجراءات استثنائية منها فرض حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء وإقالة الولاة واعتقال وزراء وسياسيين.

وأصدر البرهان مرسومًا برفع حالة الطوارئ في كافة أنحاء السودان، لتهيئة المناخ لحوار وطني لإنهاء الأزمة السياسية، وفق بيان لمجلس السيادة، وفي اليوم التالي أفادت هيئات حقوقية مستقلة بإطلاق سراح 63 معتقلًا سياسيًا، فيما التزمت السلطات الصمت.

ومنذ فرض الإجراءات الاستثنائية، يشهد السودان احتجاجات شعبية بوتيرة شبه يومية تطالب بعودة الحكم المدني الديمقراطي وترفض إجراءات البرهان، التي يعتبرها الرافضون “انقلابا عسكريا”.

فيما نفى البرهان صحة اتهامه بتنفيذ انقلاب عسكري، وقال إن إجراءاته تهدف إلى تصحيح مسار المرحلة الانتقالية، وتعهد بتسليم السلطة عبر انتخابات أو توافق وطني.

خطوة إيجابية

وعلى صعيد ردود الفعل، حظيت خطوة رفع حالة الطوارئ بترحيب محلي وإقليمي ودولي باعتبار أنها تساهم في توفير أرضية لانطلاق حوار “سوداني ـ سوداني” لحل الأزمة.

ورحبت بهذه الخطوة كل من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي والهيئة الحكومية للتنمية بشرق إفريقيا “إيغاد” ودول الترويكا -النرويج والأمم المتحدة والمملكة المتحدة-.

وتخول حالة الطوارئ الحكومة القيام بأعمال وفرض سياسات استثنائية غير مسموح بها في غير أوقات الطوارئ، وعادة ما تُتهم السلطات باستغلالها لارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان ومنح الأجهزة العسكرية والأمنية صلاحيات أوسع.

واعتبرت الآلية الثلاثية للأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي و”إيغاد”، التي ترعى حوارا شاملا في السودان، أن رفع الطوارئ “خطوة إيجابية لتهيئة الظروف اللازمة للتوصل لحل سياسي.

فيما قال الاتحاد الأوروبي إن رفع حالة الطوارئ والإفراج عن المعتقلين خطوة أولى جديرة بالثناء لتهيئة البيئة المواتية للحوار، وأطلقت الآلية الثلاثية في 12 ماي الماضي، حوارًا وطنيًا لمعالجة الأزمة السياسية في السودان.

إلغاء الممارسات

من جهتها، اعتبرت قوى إعلان الحرية والتغيير -الائتلاف الحاكم سابقًا حتى 25 أكتوبر 2021-، عبر بيان الإثنين الماضي، أن رفع حالة الطوارئ وإطلاق سراح المعتقلين خطوة مهمة تحققت بفضل نضال الشعب في مقاومة الانقلاب، وطالبت بإلغاء كل الممارسات التي حدثت نتاجًا لحالة الطوارئ، مثل إطلاق يد القوات الأمنية للقمع والاعتداء على المواكب السلمية –المظاهرات-.

حل الأزمة السياسية في السودان

وفي هذا الإطار، أفاد الأكاديمي والكاتب السياسي السوداني عصام حامد دكين، بأن رفع حالة الطوارئ جاء لتهيئة المناخ من أجل حل الأزمة السياسية في البلاد، مشيرا إلى أن هذه الخطوة قوبلت باستحسان من كل القوى السياسية بهدف إنجاز الحوار الوطني.

وأضاف أيضا، أن بعض القوى السياسية خاصة الحرية والتغيير طالبت بإنهاء الانقلاب وتحديد مسار جديد للفترة الانتقالية في البلاد.

وتابع أن الأمم المتحدة لعبت دورا كبيرا بتهيئة الأجواء لرفع حالة الطوارئ، بالإضافة إلى الاتحاد الإفريقي ومنظمة إيغاد والجامعة العربية فضلًا عن بعض الدول العربية الصديقة.

وكشف دكين عن زيارة لم يتم الإعلان عنها قام بها وزير الخارجية السعودي إلى السودان التقى خلالها مع المجلس السيادي، حيث نوقشت قضية حل الأزمة السياسية في السودان، لافتًا إلى أن هناك العديد من الدول العربية مستفيدة من حالة الطوارئ لكنها تسعى لحل الأزمة السودانية الشائكة.

وتابع، أن لجان المقاومة وقوى إعلان الحرية والتغيير أعدت جدولا لتنظيم احتجاجات مناهضة لما تسميه الانقلاب خلال شهر جوان الجاري، معتبرا أن مظاهرات الحراك الجماهيري ضعيفة ولا توجد إلا في مناطق محددة فقط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى