الجهوي‎

مستغانم تحيي سيرة الشهيد “بن ذهيبة” في عرض مسرحي

حين تصبح الخشبة منبرا للذاكرة

في ليلة مشبعة بروائح الأرض والدم والتاريخ، وتزامنا مع إحياء الذكرى الـ63 لعيدي الاستقلال والشباب، احتضنت ولاية مستغانم فعالية فنية متميزة، تحوّلت إلى وقفة صادقة مع الذات الوطنية، حيث شهدت حديقة الترفيه والتسلية “موستالاند” تقديم عرض مسرحي درامي بعنوان “ملحمة الشهيد بن عياد بن ذهيبة”، وسط حضور رسمي وجماهيري كبير، وعلى رأسهم “أحمد بودوح” والي الولاية، رفقة “ادريسعباسة” رئيس المجلس الشعبي الولائي ، الأمين العام للولاية، أعضاء اللجنة الأمنية، نواب البرلمان بغرفتيه، رؤساء الدوائر، أعضاء المجلس الشعبي الولائي، الأسرة الثورية وجمع غفير من أبناء مستغانم.

 

المسرحية التي أبدعتها جمعية “المداح للمسرح والفنون”، لم تكن ترفًا ثقافيًا ولا فقرةً في برنامج احتفالي، بل كانت سفرًا في عمق الوجدان الوطني، عكست بالأداء الراقي والسرد المتقن حياة رجل لم يكتب التاريخ عنه بما يكفي، لكنه سكن ذاكرة المدينة والقلوب التي تعرف حجم الرجال في صمتهم.

الشهيد “بن عياد بن ذهيبة”، ابن مستغانم، وُلد يوم 22 فيفري 1923 وسط عائلة بسيطة، عمل في الميناء، نال ثقة زملائه، وانتخب مندوبًا عن العمال، قبل أن ينخرط في صفوف حزب الشعب الجزائري، ثم في النظام السري لجبهة التحرير الوطني، حيث ساهم في تأسيس أولى خلايا الفدائيين بالمدينة، وشارك بمهام نوعية على مستوى الحانات الاستعمارية سنة 1956.

لكنه، كغيره من أبطال الظل، لم يُمهل طويلا أُلقي عليه القبض واستشهد تحت التعذيب الوحشي في سجون الاحتلال الفرنسي يوم 28 جويلية 1959، دون أن يصرخ، دون أن ينهار، دون أن يُفصح عن سر أو يخذل رفاقه.

السيد والي ولاية مستغانم، الذي تابع العرض باهتمام وتأثر بالغ، وقف في نهاية العمل ليعبّر عن اعتزازه بمثل هذه المبادرات الثقافية الهادفة، التي لا تنبش فقط في ذاكرة الشهداء، بل تبعث في الأجيال الجديدة وعيًا بعمق التضحية وبشاعة المحتل وعظمة الذين واجهوه بأجسادهم وإيمانهم القاطع.

وقد اختُتم العرض بخاتمة مؤثرة لامست القلوب، حيث وقف الجميع، رسميين ومواطنين، أمام صورة الشهيد، وهو يعلو فوق الخشبة لا كشخصية درامية، بل كرمز خالد، كأن أنفاسه الأخيرة كانت تتردّد في خلفية المشهد، وكأن دمه لا يزال يرسم ملامح الراية على وجوه من حضروا، كما تم في الأخير تكريم عائلة الشهيد ابن منطقة “تجديت” ببلدية مستغانم .

مختار.م

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى