تكنولوجيا

 “مراحل البدء والتطور والأسس التي نشأ عليها”

الذكاء الاصطناعي:

رحلة نحو مستقبل متطور

تعد صناعة أشباه الموصلات من بين القطاعات التكنولوجية الرئيسية التي تشهد تطورًا مذهلاً، حيث تسارع وتيرة التطور فيها بشكل مستمر وسريع. ويجذب هذا النمو السريع انتباه واهتمام وسائل الإعلام والمختصين على حد سواء، مما يدفعهم إلى تقديم تحليلات مفصلة تستعرض مستقبل هذه الصناعة على مدى السنوات القادمة،عند النظر إلى تاريخ صناعة أشباه الموصلات، نجد أنها قد شهدت نقلة نوعية في التطور منذ منتصف القرن العشرين. في عام 1964، أظهرت الأرقام والإحصائيات تضاعفًا متسارعًا في عدد العناصر على الرقائق، حيث ارتفعت من ترانزستور واحد في الرقاقة في عام 1959 إلى نحو 60 ألف عنصر خلال عقد،ومع ظهور مقالة الدكتور غوردون مور، التي كانت تعرف باسم “مقالة مور”، تم توضيح خطوط الاتجاه لتطوير أشباه الموصلات في المستقبل. لم تكن الغاية من هذه المقالة إنشاء أساسيات علمية جديدة، بل كانت تقديم تصوير للتطور التكنولوجي في هذا المجال واستنتاجاته،منذ ذلك الحين، أصبحت مقالة مور مرجعًا رئيسيًا للمستقبلية في صناعة أشباه الموصلات، حيث يلجأ قادة الصناعة والمهتمون إليها لفهم الاتجاهات الصاعدة وتشكيل استراتيجياتهم بناءً عليها. تعكس هذه المقالة الرؤية المستقبلية للتكنولوجيا والابتكار في مجال أشباه الموصلات، وتساهم في توجيه الجهود البحثية والتطويرية نحو تحقيق تقدم وابتكار دائم.

بدء حدوث شتاء الذكاء الاصطناعي

في الستينيات من القرن الماضي، كان الذكاء الاصطناعي مجالًا جديدًا وغامضًا، ولم يحظ بالشهرة والاهتمام الواسع كما هو الحال اليوم. لكن ذلك تغير تدريجيًا مع ظهور بعض الأحداث الهامة التي جذبت الانتباه إلى هذا المجال،من بين هذه الأحداث، زيارة المخرج السينمائي الشهير ستانلي كوبريك لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في منتصف الستينيات، حيث التقى بالعالم مارفن مينسكي في مختبر الذكاء الاصطناعي. كانت هذه الزيارة محورية، حيث استفسر كوبريك عن مدى تقدم التكنولوجيا وإمكانية وجود حاسوب ذكي بحلول عام 2001. أكد مينسكي بتفاؤل أن ذلك سيتحقق، وهذا الحوار ألهم إنتاج فيلم “2001: A Space Odyssey”، الذي طرح رؤية جديدة للذكاء الاصطناعي وجعله محور اهتمام عالمي،كانت هناك توقعات متفائلة أيضًا من قبل علماء آخرين، مثل هيربرت سايمون الذي توقع في عام 1965 أن الآلات ستصبح قادرة خلال عقدين على أداء أي مهمة يمكن للإنسان أداؤها. كما توقع مينسكي في عام 1967 حل مشكلة الذكاء الاصطناعي بشكل كبير خلال جيل واحد فقط،تلك التوقعات المثيرة للآمال دفعت الحكومات والمؤسسات للاستثمار بكثافة في هذا المجال كجزء من استراتيجيات أمنية وتطويرية. ومع ذلك، بدأت العوائق تظهر تباعًا، ولم تكن التكنولوجيا مستعدة بعد لتحقيق هذه التوقعات الطموحة. في عام 1974، خفضت الحكومتان تمويلهما لأبحاث الذكاء الاصطناعي، وبدأت الشكوك تنتاب الناس بشأن إمكانية تحقيق هذه الطموحات في الوقت المناسب.

الشتاء الأول للذكاء الاصطناعي

في الفترة ما بين عامي 1974 و1980، واجه مجال الذكاء الاصطناعي تحديات كبيرة أثرت بشكل كبير على تطوره وتقدمه. هذه الفترة شكلت فترة صعبة ومحفوفة بالتحديات، وترافقت مع انخفاض تمويل المشاريع المتعلقة بالذكاء الاصطناعي بسبب عدم وصول الإنجازات إلى المستوى المتوقع والمطلوب. إليك بعض المشاكل الرئيسية التي واجهها المجال خلال تلك الفترة:ضعف سرعة المعالجة الحاسوبية: نتيجة للاعتماد على تقنيات قديمة في تركيب المعالجات، كانت سرعة المعالجة محدودة جدًا، مما عرقل تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي تتطلب معالجة كميات كبيرة من البيانات بشكل سريع،الذاكرة التخزين المحدودة: كانت الذاكرة التخزينية المتاحة محدودة، مما أثر سلبًا على قدرة الأنظمة الذكية على تخزين البيانات والتعلم منها،نقص البيانات: نتيجة لعدم توافر كميات كافية من البيانات المطلوبة لتدريب النماذج الذكية، كانت النماذج غير قادرة على تحقيق الأداء المطلوب،الصعوبات في الخوارزميات الرياضية: كان هناك تحديات كبيرة في تطوير خوارزميات تكون قادرة على حل المشاكل الرياضية المعقدة بشكل فعال، وهذا كان يعوق التطور في مجال الذكاء الاصطناعي،تلك المشاكل وغيرها دفعت بالمجتمع العلمي إلى إعادة النظر في استراتيجيات تطوير الذكاء الاصطناعي والعمل على تطوير تقنيات جديدة لتجاوز هذه التحديات. ورغم صعوبات تلك الفترة، إلا أنها ساهمت في توجيه الجهود نحو تطوير تقنيات جديدة وتحسين الأداء والقدرات في مجال الذكاء الاصطناعي في السنوات اللاحقة.

فترة الإزدهار

في فترة ما بين السبعينيات والثمانينيات، شهد مجال الذكاء الاصطناعي تحولات كبيرة وتقدمًا هامًا بعد أن أدى الشتاء الأول والصعوبات التي واجهها المجال في الفترة السابقة إلى اهتمام أقل من الباحثين. بدأت الأنظار تتجه نحو الأنظمة الخبيرة، التي استعادت الأمل في هذا المجال بفضل قدرتها على حل مشاكل محددة بطريقة تشبه عمل الخبراء المختصين،تطورت الأنظمة الخبيرة بشكل ملحوظ، وبدأت تجذب اهتمام الجمهور وتحظى بشعبية كبيرة. أحد التطبيقات البارزة للأنظمة الخبيرة كانت في تشخيص الأمراض المعدية وتحديد المركبات الكيميائية، حيث استطاعت هذه الأنظمة محاكاة قرارات الخبراء في هذه المجالات بشكل فعال،في هذه الفترة، ظهرت تطورات ملموسة في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث قفزت الاستثمارات المرتبطة بهذا المجال من ملايين الدولارات في عام 1980 إلى مليارات الدولارات في عام 1987. أسهمت هذه الاستثمارات في تطوير تقنيات جديدة، من بينها تطوير الشبكات العصبية الاصطناعي،تمكن تيري سيغنوسكي وتشارلز روزنبرغ من جامعة هوبكنز من تطوير شبكة عصبية اصطناعية قادرة على تعلم نفسها نطق الكلمات الجديدة بشكل مستقل، مما يشكل إنجازًا ملحوظًا في ذلك الوقت،ومع ذلك، بدأت المشاكل تظهر من جديد في هذه الفترة، حيث لم تكن أجهزة الذكاء الاصطناعي عملية وفعالة بما يكفي. كانت هذه الأجهزة مكلفة للغاية ومعقدة، ولم يعد المستهلكون بحاجة إلى شراء أجهزة مكلفة تخصصت فقط في تشغيل الذكاء الاصطناعي. هذا أدى إلى انهيار سوق هذه الأجهزة في عام 1987، وبالتالي انهيار خط التصنيع الخاص بها ودخول المجال في فترة ركود جديدة.

 تحديات وتفوق مستقبلي

تمثلت فترة الركود في مجال الذكاء الاصطناعي التي بدأت في عام 1987 في تحديات عدة أثرت على تقدم وابتكار الباحثين في هذا المجال الواعد. إليك نظرة على أسباب هذا الركود والتحديات التي واجهها الباحثون، بالإضافة إلى الإنجازات المهمة والتطلعات المستقبلية:

أسباب الركود

تراجع الاهتمام والتمويل: بعد فترة من الزخم الإعلامي والتمويل السخي، بدأ المجتمع العلمي يفقد الاهتمام بالذكاء الاصطناعي، مما أدى إلى تراجع الاستثمارات والتمويلات المخصصة لهذا المجال،تحديات التقنية: واجه الباحثون تحديات تقنية جديدة مثل ضعف سرعة المعالجة الحاسوبية وقلة ذاكرة التخزين، مما قيد قدرتهم على تطوير أنظمة ذكاء اصطناعي أكثر تقدمًا،نقص التفاعلية والتعلم الذاتي: كانت الأنظمة الذكاء الاصطناعي آنذاك تعتمد بشكل أساسي على القواعد الثابتة والحلول البرمجية، دون القدرة على التعلم الذاتي والتكيف مع التغيرات بشكل فعال.

الإنجازات والتطورات

تطور أنظمة الخبراء: شهدت أنظمة الخبراء تطورات ملحوظة، حيث بدأت تستخدم في تطبيقات عملية مثل التشخيص الطبي وتحليل البيانات،تقنية الشبكات العصبية: تم تطوير تقنيات جديدة للشبكات العصبية، مما ساهم في تحسين قدرة الأنظمة على التعلم الذاتي والتكيف مع البيئة،تطوير الحوسبة الذاتية: بدأ الباحثون في استكشاف فكرة الحوسبة الذاتية والذكاء الذاتي، والتي تهدف إلى تطوير أنظمة قادرة على التعلم والتكيف بدون تدخل بشري.

التطلعات المستقبلية

تقنيات التعلم العميق: من المتوقع أن تستمر تطورات تقنيات التعلم العميق في دفع حدود الذكاء الاصطناعي وتوسيع نطاق تطبيقاته،الذكاء الاصطناعي في المجال الطبي: يمكن أن يلعب الذكاء الاصطناعي دورًا مهمًا في تحسين التشخيص والعلاج في مجال الطب،الروبوتات الذكية: ستشهد الروبوتات تطورات ملحوظة باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، مما سيسهم في تحسين الأداء في مجموعة متنوعة من التطبيقات،باختصار، على الرغم من التحديات التي تواجهها، فإن مجال الذكاء الاصطناعي يظل محط أمل للابتكار والتطورات المستقبلية التي من الممكن أن تغير من مستقبلنا بشكل جذري.

تطور طرق التخزين وظهور حلول التخزين السحابي

تطورت طرق التخزين بشكل كبير بعد تطور قوة المعالجة، مما سمح بزيادة سعة التخزين وتحسين أداء الأنظمة. في عام 1990، ظهرت الأقراص الصلبة الجديدة بسعة تصل إلى 1.5 غيغابايت، وكانت هذه خطوة كبيرة نحو زيادة سعة التخزين. بالإضافة إلى ذلك، في عام 1993، طورت شركة ناسا مكتبة تخزين كبيرة تعتمد على الأشرطة فقط، وكانت سعتها الإجمالية تصل إلى 1.2 تيرابايت، مما أظهر استخدامًا لتقنيات التخزين المتقدمة في القطاع العلمي والتكنولوجي،مع تزايد استخدام الإنترنت وانتشار شبكة الوِب، زادت الحاجة إلى حلول تخزين متطورة وفعالة. بدأت حلول التخزين السحابي، مثل تلك التي قدمتها شركة أمازون للتخزين السحابي، تظهر كبديل فعال. هذه الخدمات السحابية جعلت عملية تخزين البيانات وإدارتها أكثر فعالية، وسهلت التعامل مع كميات هائلة من البيانات بكفاءة وسهولة،بفضل هذه التطورات، لم تعد السعة التخزينية مشكلة كبيرة. يمكن للمؤسسات والأفراد الاعتماد على حلول التخزين السحابي لتلبية احتياجاتهم المتزايدة لتخزين البيانات بشكل آمن وموثوق به.

بقلم:جلال يياوي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى