المجتمع

مدفع الإفطار نكهة خاصة للأجواء الرمضانية

الزمن الجميل من رمضان

كان لمدفع رمضان كل سنة في الجزائر نكته الخاصة، حيث يعلن عن وقت الإطار تزامن مع آذان المغرب، وكان جميع الجزائريين والجزائريات ينتظرونه بفارغ الصبر قبل موعد الإفطار للاستمتاع بالأجواء الرمضانية.

وبالرغم من أن مدفع الإفطار تاريخيا عرفته مدينة (الأقصر) في مصر خلال حكم الخديوي إسماعيل قبل أكثر من 150 سنة، إلا أن هذا الموروث الإسلامي ازدهر في الجزائر بعد الإستقلال بشكل كبير. فما إن تنبعث كرة اللهب من فوهة المدفع، حتى ترتفع الأكفّ بالدعاء إلى الله، لتشكره على النعم الوفيرة التي أنعم بها علينا سبحانه وتعالى.

 الزمن الجميل

وفي السياق ذاته، يتذكر الكثير من المواطنين والمواطنات الجزائريات خلال سنوات الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، الزمن الجميل لمدفع رمضان، حيث يقول السيد ب. جلول (63 سنة – متقاعد) في هذا السياق:” كنا في تلك الفترة مجرد أطفال، وننتظر مدفع رمضان قبل آذان المغرب للإفطار بفارغ الصبر ثم نذهب مسرعين لإخبار أمهاتنا بموعد الإفطار، وكان موازاة مع ذلك الصافرة من السوق الكبير لوهران التي تعلن أيضا موعد الإفطار، لكن هذه الأجواء اختفت نهائيا منذ الثمانينات من القرن الماضي ولم تعد سوى ذكرى عابرة”.

 جهل الجيل الحالي

حول هذا المورث الإسلامي الذي يجهله تماما الجيل الحالي لأنه جزء لا يتجزأ من تاريخ البلاد، يتحسر عليه الكثير، وبنبرة أسف يقول السيد م. الطاهر (60 سنة – تاجر):” للأسف الشديد، هناك العديد من البرامج في التلفزيون والقنوات الفضائية، لا تتحدث عن هذا الموضوع وغيره من المورث الاجتماعي والثقافي الجزائري ويخوضون في مواضيع تافهة وليس لها صلة بتاريخ وطننا وتقاليد شعبنا، فكيف تريد لجيل اليوم أن يصدق ان مدفع رمضان كان له مكانة كبيرة وقيمة اجتماعية ومنزلة دينية في نفوس الجزائريين؟”

 دور الجمعيات والمجتمع المدني

من جهتها السيدة ع. جميلة (58 سنة – ربة بيت) تؤكد أنّه لا بد أن تقوم الجمعيات الثقافية والمجتمع المدني بدورها في التوعية والتذكير بهذا الموروث الثقافي:” يا حبذا لو تخصص الجمعيات والمجتمع المدني جزء من برامجها خلال رمضان للموروث الثقافي الجزائري ومن بينها (مدفع رمضان) و(الأحجيات) و(الحكايات) وغيرها من السهرات الرمضانية لأيام زمان حتى لا تدخل ضمن النسيان ولكي يتعرف عليها أولادنا وأحفادنا لإنهم لم يعيشوا هذه المشاهد الجميلة والاوقات الروحية”.

 لمحة تاريخية

أرجع الباحثون تاريخ مدفع الإفطار إلى فترة حكم الخديوي إسماعيل لمصر، حيث تم إحضاره لمحافظة الأقصر ليكون ضمن مجموعة من المدافع التي وصلت إلى مصر من إنكلترا، مؤكدين أن أول مدفع تمت صناعته في العام 1871 من نوع (كروب)، وكان يستخدم فى حروب القرن التاسع عشر، وهناك جنود كانوا في عهد الخديوى إسماعيل يجربون أحد تلك المدافع فى شهر رمضان، حين انطلقت قذيفة عند الغروب فأحدثت دوياً بحيث اعتقد الناس أن الحكومة أعلنت تقليداً جديداً للإفطار على دوي المدافع.

بقلم: رامــي الــحــاج

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى