
في العصر الرقمي الذي نعيشه اليوم، أصبحت التكنولوجيا جزء أساسياً من حياتنا اليومية، ولم يعد التعليم بمنأى عن هذه الثورة التقنية، وخلال الندوة الجهوية لتقييم الرقمنة في قطاع التعليم، التي أقيمت في ثانوية “العقيد لطفي” بوهران تم التطرق إلى العديد من الاقتراحات التي تهدف إلى تحسين عملية التعليم في الجزائر من خلال استخدام التقنيات الحديثة.
من أبرز هذه الاقتراحات كان التركيز على تطبيق تقنيات الواقع المعزز والواقع الافتراضي في الفصول الدراسية، باعتبارهما أدوات تعليمية يمكن أن تحدث تحولاً جذرياً في طرق التعلم والتفاعل بين المعلمين والطلاب.
الواقع الافتراضي والواقع المعزز
الواقع المعزز والواقع الافتراضي هما تقنيتان توفران تجارب تعليمية غنية وتفاعلية. يعزز الواقع المعزز من البيئة التعليمية بإضافة عناصر رقمية إلى العالم الحقيقي من خلال أجهزة مثل الهواتف الذكية أو النظارات الخاصة. أما الواقع الافتراضي، فيسمح للطلاب بالانغماس في بيئات تعلم رقمية بالكامل، مما يوفر تجربة تعليمية حية تشبه الواقع، يمكن من خلالها محاكاة المواقف والتجارب التي يصعب توافرها في الواقع
ماذا إن تم تطبيق هذه التقنيات في التعليم الجزائري؟
في الجزائر، إذا تم تطبيق هذه التقنيات بشكل واسع في المدارس والجامعات، فإنها ستُحدث تحولاً كبيراً في طرق التعليم، أحد التأثيرات الرئيسية المحتملة هو تحسين التفاعل بين الطلاب والمعلمين.
على سبيل المثال، في موضوعات العلوم أو التاريخ، يمكن للطلاب استكشاف بيئات معملية أو تاريخية بطريقة عملية ومشوقة، مما يعزز من قدرتهم على الفهم والتفاعل مع المواد التعليمية بشكل أعمق، الطلاب لن يقتصروا على التعلم النظري فقط، بل سيكون بإمكانهم القيام بتجارب افتراضية تجعل العملية التعليمية أكثر جذباً وإثارة.
بالإضافة إلى ذلك، تتيح هذه التقنيات للطلاب في المناطق النائية أو التي تفتقر إلى الموارد التعليمية الوصول إلى محتوى تعليمي غني ومتطور. في الجزائر، حيث قد تواجه بعض المدارس صعوبة في توفير الأدوات التعليمية التقليدية أو الوصول إلى المعلمين المتخصصين، يمكن للواقع المعزز والافتراضي أن يكونا حلاً فعالاً لتعويض هذه الفجوات. يمكن للطلاب أن يتفاعلوا مع المحتوى التعليمي بصورة أكثر مرونة، سواء من داخل الفصل الدراسي أو عن بعد، مما يعزز من فرص التعلم لكافة شرائح المجتمع.
من ناحية أخرى، يشير الخبراء إلى أن هذه التقنيات يمكن أن تساهم في تطوير مهارات الطلاب بشكل شامل. فبدلاً من الاقتصار على التعليم التقليدي، سيتاح للطلاب فرصة لتطوير مهارات التفكير النقدي وحل المشكلات من خلال تجارب عملية تفاعلية. على سبيل المثال، يمكن للطلاب في مجال الطب استخدام الواقع الافتراضي لمحاكاة العمليات الجراحية دون المخاطرة بحياة المرضى، أو يمكن لطلاب الهندسة تجربة تصميم وبناء مشاريع معمارية باستخدام أدوات واقع معزز
تحديات تحول دون القدرة على تطبيق الواقعين الافتراضي والمعزز
على الرغم من الفوائد المحتملة لهذه التقنيات، فإن تطبيقها في الجزائر ما يزال بعيدًا عن الواقع. فحتى الآن، لا تزال اقتراحات دمج هذه التقنيات في العملية التعليمية قيد البحث ولم يتم تنفيذها على نطاق واسع.
من أبرز التحديات التي قد تعترض تطبيق هذه التقنيات هي نقص البنية التحتية التكنولوجية في العديد من المدارس، خاصة في المناطق النائية أو الريفية، فإدخال هذه التقنيات يتطلب استثمارات ضخمة في الأجهزة اللازمة مثل نظارات الواقع الافتراضي وأدوات الواقع المعزز، فضلاً عن تحديث الشبكات التعليمية لتتمكن من دعم هذه التقنيات.
إضافة إلى ذلك، يشكل تدريب المعلمين على استخدام هذه التقنيات تحديًا آخر، فالأدوات التعليمية الحديثة تتطلب من المعلمين أن يكون لديهم مهارات جديدة في التعامل مع التكنولوجيا، وهو ما يحتاج إلى برامج تدريبية متخصصة.
مع ذلك، تبقى هذه التقنيات مستقبلا واعدا لقطاع التربية في الجزائر، من الممكن أن نشهد في المستقبل القريب تحولا في الطريقة التي يتم بها التعليم والتعلم في المدارس الجزائرية، إذا ما تم تطبيق هذه التقنيات بشكل فعّال. يتطلب الأمر دعما قويًا من الحكومة والمجتمع المحلي لتوفير الدعم المالي والتقني الضروري لتحقيق هذه الرؤية.
ياقوت زهرة القدس بن عبد الله