تكنولوجيا

“ماذا لو كانت الحياة مثل السابق بدون الذكاء الإصطناعي”

الخبراء والمختصون يتساءلون:

تنتظر في الصباح الصحيفة لتقرأ عناوين عن أحداث الأمس، ثم تهرع إلى جهاز التحكم بالمكيف لتضبط الحرارة بشكل أفضل، ثم تخرج إلى العمل وأنت لا تعرف حال الطريق والطقس، مستخدما سيارة فقيرة بالتكنولوجيا تحتاج منك جهدا أكبر في التركيز والتعامل مع ظروف الطريق. كما ستنتظر نشرة أخبار الراديو لتحصل على بعض المعلومات المهمة. ماذا لو كنت تحتاج إلى الوقوف في طوابير طويلة على شباك البنك، أو أنك تنتظر رسالة مهمة عبر الفاكس أو البريد العادي؟ قد تستغرق أياما. هل ستتحمل كل ذلك؟ خاصة إذا اكتشفت أنك ثلاجتك فارغة، أو أن حرارتها لم تناسب الطعام فأفسدته، في وقت أنت فيه بحاجة ماسة للطعام بعد يوم عمل طويل.

كيف يفهم الذكاء الاصطناعي؟

إجابة هذا السؤل فيها الكثير من التفاصيل، لكن الفهم البسيط لفلسفة الذكاء الاصطناعي تشير إلى أنه نظام محسوب قادر على نمذجة السلوك البشري، بحيث يمكنه استخدام عمليات التفكير الشبيهة بالإنسان لحل المشكلات المعقدة. فكيف يحدث ذلك؟. تعمل أنظمة الذكاء الاصطناعي من خلال الجمع بين مجموعات كبيرة من البيانات وخوارزميات المعالجة الذكية للتعلم من الأنماط والميزات في البيانات التي يقوم بتحليلها. هو نظام يتعلم في كل لحظة، لا يمل من التعلم، ولا يتعب من أداء المهمات وتحليل البيانات. في كل مرة يدير فيها نظام الذكاء الاصطناعي جولة من معالجة البيانات، فإنه يختبر ويقيس أداءه، ويطور خبرة إضافية يترجمها إلى أداء أفضل في محاكاة الإنسان. ولأن الذكاء الاصطناعي لا يحتاج أبدا إلى استراحة، فإنه يمكن أن يمر عبر مئات أو آلاف أو حتى ملايين المهام بسرعة كبيرة للغاية، ويتعلم الكثير في وقت قصير جدا، ويصبح قادرا على فعل أي شيء يتم تدريبه على إنجازه. المهم أن نتذكر أن فكرة عمل الذكاء الاصطناعي لا تقوم على مجرد تصميم برنامج أو تطبيق محوسب واحد، بل تخصص كامل، أو علم فيه الكثير من التشعبات التي تكون على شكل تقنيات مختلفة.

لنأخذ مثالا عن السيارات ذاتية القيادة، فهي مليئة بأجهزة استشعار تدون باستمرار كل ما يدور حول السيارة، وتستخدم الذكاء الاصطناعي لإجراء التعديلات الصحيحة. تلك المستشعرات تلتقط آلاف نقاط البيانات في كل مللي ثانية، مثل سرعة السيارة، وظروف الطريق، وأماكن المشاة، وحركة المرور، وما إلى ذلك. يفسر الذكاء الاصطناعي تلك البيانات الهائلة ويتصرف وفقا لذلك. كل ذلك العمل المعقد يتم في الوقت الذي تستغرقه عينك لترمش. لكن كما هو حال مقدمة هذه القصة التي كتبها الذكاء الاصطناعي، لا تزال هناك عيوب يعاني منها الذكاء الاصطناعي. فكما كانت مقدمة هذه القصة بحاجة إلى تدخل إنساني يحسن مستوى الكتابة الإبداعية، فإن السيارة ذاتية القيادة بحاجة في بعض الأحيان لانتباه السائق في بعض المواقف. فالطريق لا يزال طويلا حتى نتمكن من منح الذكاء الاصطناعي الثقة في القيادة بشكل مستقل تماما. وهذا ما تتسابق الشركات لبلوغه في عالم السيارات الذكية.

لنأخذ مثالا أبسط من ذلك، لابد أنك تعرف عن شركة آي روبوت (iRobot Corporation)‏، التي أسسها عام 1990 ثلاثة علماء من مختبر الذكاء الاصطناعي التابع لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، فقد صمموا روبوتات لاستكشاف الفضاء والدفاع العسكري. لكن المنتج الأكثر بساطة هو المكانس الكهربائية المنزلية (Roomba). كيف تعمل تلك المكانس الذكية؟ حين تأخذ المكنسة الذكية (Roomba) أمرا بتنظيف الغرفة، فإن الذكاء الاصطناعي يمسح حجم الغرفة، ويحدد العوائق، ويختار الطريقة الأكثر فعالية للتنظيف، حسب مستوى الاتساخ الذي قرأته المستشعرات. ثم يحدد مقدار ووقت التنظيف المطلوب لإتمام المهمة بناء على حجم الغرفة. كل ذلك يتم في ثوان معدودة، ومن دون تدخل بشري.

 السيارة والمكنسة

كما ذكرنا، فإن الذكاء الاصطناعي لا يقوم على فكرة برنامج أو تطبيق، بل هو تخصص وعلم يستخدم تقنيات ومجالات تكنولوجية معقدة لإتمام المهمات التي تحاكي حياة البشر، وتقدم لهم الخدمات، كما في المثالين السابقين، السيارة ذاتية القيادة والمكنسة الذكية. هناك العديد من المكونات المختلفة لنظام الذكاء الاصطناعي، والتي يمكن وصفها بأنها مجالات فرعية لعلم الذكاء الاصطناعي الشامل.

 التعلم الآلي  (Machine Learning)

كي تؤدي الأجهزة وظيفتها بشكل متقن، فهي بحاجة لأمرين: التعلم واكتساب الخبرة من التجربة. والتعلم الآلي يوفر هذين المتطلبين. فهو تطبيق محدد للذكاء الاصطناعي يسمح لأنظمة الحاسوب أو البرامج أو التطبيقات بالتعلم تلقائيا، وتطوير نتائج أفضل بناء على الخبرة. يسمح التعلم الآلي للذكاء الاصطناعي باستكشاف الأنماط والاتجاهات في البيانات، ويستفيد من ذلك كي يحسن نتائج أي مهمة يتم إسنادها إليه.

 التعلم العميق  (Deep Learning)

نوع محدد من التعلم الآلي يسمح للذكاء الاصطناعي بالتعلم والتحسين من خلال معالجة البيانات. والتعلم العميق يستخدم الشبكات العصبونية الاصطناعية، التي تحاكي الشبكات العصبية البيولوجية في الدماغ البشري لمعالجة المعلومات، وإيجاد روابط بين البيانات، والتوصل إلى استنتاجات، أو نتائج تستند إلى التعزيز الإيجابي والسلبي. هنا يمكن أن نعرف كيف يحاول الذكاء الاصطناعي محاكاة الإنسان، فالشبكة العصبونية تقلد نوعا ما الشبكة العصبية للدماغ البشري، وتحاكيها كي تتعلم منها. هذا الأمر يسمح باستيعاب مجموعات كبيرة من البيانات، وكشف الأنماط بين البيانات، والإجابة على الأسئلة المتعلقة بالمهمة المناطة بالذكاء الاصطناعي:

— الشبكة العصبونية هي عملية يجري فيها تحليل مجموعات البيانات بشكل متكرر للعثور على ارتباطات وتفسير المعنى من البيانات غير المحددة.

— الحوسبة المعرفية مكون مهم آخر لأنظمة الذكاء الاصطناعي، ومهمته تقليد التفاعلات بين البشر والآلات، مما يسمح لنماذج الحاسوب بالتقاط الإشارات وتقليد الطريقة التي يعمل بها العقل البشري عند أداء مهمة معقدة، مثل تحليل النص أو الكلام أو الصور.

ق.ح

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى