
مرت 100 يوم على العدوان الصهيوني على قطاع غزة رغم المقاومة الفلسطينية التي تديرها عناصر كتائب “عزالدين القسام” الذراع العسكري لحركة “حماس“، بعد أن تفنن الكيان الصهيوني في مجازره البشعة ضد المدنيين العزل، ومحاولاته المتكررة لتنفيذ خطته من أجل سحق العرق الفلسطيني وطمس القضية الفلسطينية، باستهداف النساء والأطفال، وتهجير السكان، وتدمير المجمعات السكنية والمؤسسات الحيوية على غرار المستشفيات والمدارس.
حيث أحصت وزارة الصحة بغزة 82396 شهيد، منهم 70 بالمائة نساء وأطفالا، واعتقال 5875 فلسطينيا، منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر 2023، وانطلاق عملية “طوفان الأقصى” التي أعلنتها عناصر كتائب “عزالدين القسام” الذراع العسكري لحركة “حماس” قبل 100 يوم. وتدمير البنية التحتية للقطاع، مما أدى إلى إحداث نزيف عميق في قطاع الصحة، بعد تدمير عديد المؤسسات الحيوية وإتلاف معدات العلاج والتطبيب، إلى جانب تشريد آلاف العائلات عقب تهديم بيوتهم، وتسويتها بالأرض.
وتنظر محكمة العدل الدولية بـ “لاهاي” في الدعوى القضائية التي رفعتها دولة “جنوب افريقيا” ضد الكيان الصهيوني، يوم 29 ديسمبر 2023، تتكون من 84 صفحة، تتعلق بـ “الإبادة الجماعية” ضد الفلسطينيين، تعتمد على أدلة دامغة على الجرم المشهود، بتشهادات موثقة صادرة عن تصريحات لمسؤولين صهاينة، تصريحات إعلامية لشخصيات صهيونية في برامج تخص الحرب على غزة، وقائع ميدانية موثقة، إلى جانب صور وفيديوهات حقيقية للجرائم… ولم يكن هناك مشاركة فلسطينية في وثائق الأدلة، لسحب أي فرصة للكيان امام الكيان تسمح له بلعب دور الضحية، والتي تهدف حسب “سيريل رامافوزا” رئيس جنوب إفريقيا إلى وقف الإبادة الجماعية والحرب ضد الفلسطينيين في قطاع غزة. من جانبها “تركيا” اعتزمت دعم الملف الجنوب افريقي بوثائق تركز أساسا على الصور والفيديوهات المنقولة مباشرة من القطاع.
مظاهرات عالمية للدعوة لوقف الإبادة الجماعية في حق الفلسطينيين
ودعما للفلسطينيين، تتواصل آلاف المظاهرات في العالم، يشارك فيها حقوقيون وناشطون مدنيون يدعون إلى الوقف الفوري لإطلاق النار ورفض الدعم البريطاني-الأمريكي للكيان الصهيوني. في الوقت الذي يرفض يهود نشطون بالبيت الأبيض الصمت المريب الذي تتعمده دول الغرب اتجاه ما يحدث في غزة من جرائم تقتيل وإبادة، بينما تعرف “برلين” العاصمة البريطانية ارتفاعا متزايدا للمتظاهرين، الذين يرفضون ما تقوم به بريطانيا من دعم الكيان الصهيوني، وعمليات القصف التي تشنها حاليا على اليمن، مطالبين سلطات بلادهم لتوجيه الأموال المخصصة لإبادة الفلسطيين والاعتداء على اليمن إلى رفع أجورهم وتحسين القدرة الشرائية. ويعتمد المتظاهرون في مظاهراتهم على رفع الأعلام الفلسطينية، وضع الدمى ملطخة بالأحمر على الأرض، في إشارة إلى قتل البراءة وانتشار الدماء، وكذلك وضع توابيت مغطاة بالأعلام الفلسطينية، لتوضيح المذابح المتواصلة في حق الأبرياء الفلسطينيين، ناهيك عن رفع لافتات تطالب بوقف الحرب على غزة، ودعم فلسطين، ورفع لافتات لصور معدلة القيادة الصهيوينة وبعض القادة الغربيين، يظهرون فيها كشياطين، دلالة على الدماء التي تسفك بغزة بإيعاز منهم، دون إنسانية ولا أخلاق.
النازحون الفلسطينيون يرفضون “هجرة” أراضيهم بغزة
يتشبث الفلسطينيون بأرضهم رغم الاعتداءات المتواصلة وسياسة الإبادة الجماعية التي تقودها الآلة الصهيونية ضدهم بغزة، معلنين البقاء ومواجهة الموت بصدور عارية، في تعرضهم لكارثة إنسانية غير مسبوقة بتأكيد أممي لما يحدث بالقطاع، بعد تدمير ما يفوق 61 بالمائة من سكنات القطاع. حيث نزح معظم الفلسطينيين من مدينة غزة، المحافظة الشمالية إلى الجنوب ومدينة خان يونس جنوبي القطاع، التي تتعرض إلى تدمير مكثف، تنفيذا لمسؤولي الكيان الصهيوني، الراغبين في محو العرق الفلسطيني، بالتقتيل والتهجير خارج الأراضي الفلسطسينية، وكانوا قد طلبوا سابقا من مصر استقبالهم بصحراء “سيناء” وهو ما رفضته، واعتبرت أية خطة لتهجير الفلسطينيين، هي طمس للقضية الفلسطينية. في السياق نفسه، دعت الجزائر باعتبارها عضوا غير دائم بمجلس الأمن، الدول الأعضاء إلى رفع صوتهم موحدا لرفض كل محاولات تهجير الفلسطينيين من غزة، لأن ذلك يخالف القانون الدولي، لاسيما المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة. وأضاف “عمار بن جامع” سفير الجزائر بالأمم المتحدة أن القصف الهمجي لغزة يجعلها مكانا غير قابل للحياة، لقتل أمل العودة في نفوس الفلسطينيين، وهو ما يسهل الخطة الصهيونية لتفريغ الأراضي الفلسطينية المحتلة من سكانها الأصليين الفلسطينيين. متسائلا عن الغاية من مواصلة التدمير في ظل استشهاد أكثر من 23 ألف شخص، منهم 10 آلاف طفل، جرح وإصابة أكثر من 60 ألف آخر وتهديم ما يربو عن 60 بالمائة من مباني غزة، في الوقت الذي يعاني فيه أكثر من 2 مليون شخص من الجوع والأمراض.
إطلاق الرهائن مرهون بوقف تام وشامل لإطلاق النار
من جهتها، تؤكد قيادة كتائب عزالدين القسام الذراع العسكري لحركة “حماس” أنها لن تسلم أية رهينة مجددا، إلا بعد الوقف النهائي والشامل لإطلاق النار، في ردها على طلب الغرب، الذي يدعوها لتسليم الرهائن المحتجزين دون شرط أو قيد. وكان “إيمانويل ماكرون” الرئيس الفرنسي قد ألقى كلمة يوم السبت، وجهها لأسر الرهائن، دعا فيها إلى العودة للمفاوضات لإطلاق سراح المحتجزين بقطاع غزة، واعدا الأسر بمساندتهم والوقوف إلى جانبهم حتى يستعيدوا أفرادهم. في الوقت الذي ترجح فيه أخبار وجود 125 رهينة من بين 275 رهينة إسرائيلية تم احتجازها لدى عناصر كتائب القسام، بعد تنفيذهم لعملية مباغتة، كانت شرارة اندلاع عملية “طوفان الأقصى” في السابع أكتوبر 2023، فيما يروج وفاة 25 رهينة بسلاح الكيان الصهيوني، الذي أخطأ مرماه، لجهله مكان احتجازهم، رغم أن كتائب القسام كانت قد أطلقت سراح رهائن سابقا، إلا أنهم أكدوا عدم معرفتهم بموقع تواجدهم، مفندين الروايات المغرضة حول تعامل كتائب القسام معهم، بعدما أكدوا أنهم كانوا يعيشون يومياتهم وسط الجنود الفلسطينيين بطريقة عادية، يأكلون معهم وينامون مثلهم، ويتلقون الرعاية الطبية بشكل جيد، وحين تنقص المؤونة، فإنهم يتقاسمون الطعام والعلاج بالمتاح لهم.
ملفات “غاية في السرية” قنبلة طوفان الأقصى
إنّ عملية “طوفان الأقصى” التي نفذتها عناصر “كتائب عزالدين القسام” يوم 7 أكتوبر 2023، كشفت عن تخطيط عالي الدقة، وتنسيق عملياتي رفيع المستوى، سمح بالاستيلاء على ملفات “غاية في السرية”، كانت مخبأة بإحكام في أحد مراكز الكيان الصهيوني، وهو ما أحدث هزات ارتجاجية بلغ مداها عدة دول بالعالم، لازال الكيان والغرب وحتى الدول المطبعة يسعون للحصول عليها، لأن في تسريبها خطر على الكثير، لاسيما “العملاء والجواسيس” من دول وشخصيات قيادية، وهو ما يعتبر نجاحا فائقا حققته كتائب القسام، التي أثبتت تحكمها على الأرض، بعدما فشلت الآلات الحربية الثقيلة اجتياح غزة، رغم محاولاتها المتكررة، والخسائر الفادحة التي تسجلها يوميا، في ظل تحول كتائب القسام من المواجهة المباشرة على بعد أمتار إلى المواجهة من “المسافة صفر” وهي المصطلح الذي أصبح شائعا، لسرعة تنفيذ العمليات ضد جنود وآليات الكيان من مسافة جد قريبة، معظمها ملامسة أو على أقل من 1 متر، وهو ما وثقته فيديوهات من أرض المعركة. مما جعل الجنود الصهاينة يفقدون توازنهم وينفذون عمليات عسكرية ضد بعضهم، خلفت عشرات القتلى بسلاحهم وتدمير آلياتهم القتالية.
صمت عالمي “مريب” ودخول اليمن على الخط
أمام سياسة الصمت “المريب” التي يلتزمها قادة الغرب، ويتجنبون الاستماع إلى المتظاهرين أمام قصور حكمهم وشوارع العالم، ينادون بضرورة وقف إطلاق النار، ووقف الدعم الإنساني والعسكري للكيان الصهيوني في حربه الشعواء ضد الفلسطينيين بغزة، اختار اليمن الدخول على الخط لإحداث توازن على أرض المعركة، بعدما أصبح دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة عبر معبر “رفح” غير ممكن، في ظل التهديدات الصهيونية لأية تحركات من الجانب المصري، رغم قوافل المساعدات التي مازالت تقف في طوابير، تنتظر فتح المعبر للمرور إلى داخل غزة. فانطلق الحوثيون في شن عمليات قرصنة للبواخر المتجهة إلى الكيان الصهيوني، أدت إلى شلل الحركة التجارية بالبحر الأحمر، مما دفع الكثير من شركات النقل البحري العالمي إلى وقف رحلاتها البحرية أو سلوك منافذ بحرية أخرى، تكلفها أموالا طائلة وتزيد من توقيت إبحارها، مما جعل أمريكا وبريطانيا تنتقم بقصف المناطق الآهلة باليمن، عوض مهاجمة الحوثيين، الأمر الذي دفع بالمواطنين في بريطانيا إلى الخروج إلى الشارع ومطالبة سلطات بلادهم، التوقف عن دعم الكيان المحتل والتوقف عن ضرب اليمن.
بقلم: محمد إسلام