بيت الدمية، مسرحية إجتماعية ظهرت في العصر الحديث للكاتب النرويجي “هنريك أيسن” صور فيها حياة الخداع التي عاشتها العائلات الأوروبية تحت ستار الصفاء الزائف والمظاهر المنسقة، لكن عندما اكتشفت الزوجة الحقيقية والمغالطة وكل أشكال الزيف والنفاق التي تملأ بيتها تأخذ حقائبها وتضرب الباب، وعندما أغلقته بقوة وراءها على مسرح أوسلو فإن ملايين البيوت إرتجت في القارة الأوروبية لتبدأ حياة المصارحة وهو الذي يحدث لحد اليوم سياسيا في أوروبا. الصراحة كانت على راس البرنامج السياسي للرئيس السابق للاتحاد السوفياتي سابقا ميخائيل غورباتشوف فحطم بها التقليد في الحكم الشيوعي السوفياتي الموروث منذ لينين وستالين حتى بريجينيف ونشرنانكو وأندروبوف القائل بان هناك حقيقتان واحدة للحزب وأخرى للشعب. الصراحة هي التي جعلت من اليابان قوة تكنولوجيا يحسب لها ألف حساب، وحين سئل الإمبراطور الياباني:” كيف تقدمت اليابان؟”. أجاب بكل ثقة وصراحة:” بدأنا حيث انتهى الآخرون وتعلمنا من أخطائنا، لقد أعطينا للمعلم حصانة الدبلوماسي وراتب الوزير”. الصراحة جعلت الدول الأوروبية تفهم أخيرا أن قوتها في مواجهة أمريكا في تكتل اقتصادي ونقدي “الأورو” للوقوف الند للند أمام الدولار. الصراحة ليست عملا أخلاقيا فحسب نابعا عن الصدق بل أيضا كفعل سياسي وسلوك حضاري من منطق الإيمان بأنه لا داعي من إخفاء الحقائق لأن خطورتها ستعود سلبا ونارا. الصراحة هي المكاشفة ومفتاح للمصالحة مع الذات والطرف الآخر، ولا سبيل لتحقيق هذا المسعى إلا ببسط الأوراق على الطاولة وليس خلطها وهنا أستحضر مثلا شعبيا: “إن من يكتم حقيقة مرضه لا ينتظر الشفاء لعلته”.
الرئيس عبد المجيد تبون، اعتمد أسلوب الصراحة والمكاشفة منذ توليه حكم البلاد، وكانت كل مداخلاته ولقاءته المراطونية مع وسائل الإعلام صريحة وواضحة مثل العشب والماء، وظل يتحدث عاة الحقائق الربع دون مواربة أة مغالطة أو هروب نحول المام، ويجيب على الأسئلة بكل صدق وأمانة وشفافية دون تزييف للوقائع حتى ولو كانت مريرة، ودون تلميع للصورة حتى ولو كانت بالأبيض والأسود، ودون أي مجاملة أو إطراء، وظلت تلك طريقته مع المسؤولين بالدرجة الأولى. صراحة الرئيس أسست الثقة بينه وبين الشعب، وبشكل خاص متابعة بحرض شديد إنجازات الرئيس داخليا وخارجيا، واهتمامه البالغ بمشروعه الهادف إلى الغد الرائع من خلال الجزائر الجديدة.
بقلم: رامـي الـحـاج