
تواصل دار الثقافة المجاهد “محمد اسياخم” بغليزان، بالتنسيق مع جمعية “الريشة الثقافية”، تنظيم فعاليات تظاهرة “ليالي الضحك” في طبعتها الأولى، وسط حضور جماهيري فاق كل التوقعات، ملأ الساحة الخارجية لدار الثقافة في أجواء صيفية ترفيهية جمعت بين الفكاهة، الفن والرسائل الاجتماعية الهادفة.
الليلة الأولى… افتتاح مميز ورسائل من عمق الشارع
في سهرة الجمعة 11 جويلية، افتُتحت التظاهرة بعرض فكاهي قدّمته فرقة “بن عودة الزكرم” من غليزان، حمل عنوان “الطلبة ستيل”، تناول بأسلوب ساخر ظاهرة التسوّل في الشارع الجزائري، عبر مشاهد نقدية ساخرة حملت رسائل تربوية وإنسانية قوية.
الفنان “عدة عواد”، عضو الفرقة، عبّر في تصريح لـ”البديل” عن فخره بالمشاركة قائلاً: “الطلبة ستيل ليس مجرد سكاتش للضحك، بل صرخة فنية ضد التحايل باسم الحاجة. الجمهور تجاوب معنا بوعي، وهذا ما نبحث عنه كفنانين، أما زميله “بن عودة بن رقية”، فقال: “في كل مشهد أردنا أن نرسم ابتسامة، لكن أيضًا أن نترك فكرة، والفضل يعود للجمهور الذي كان ناضجًا ومتفاعلاً بشكل رائع..
وواصلت السهرة تميزها بصعود الفنان الكوميدي الوهراني “صحراوي لزهر”، المعروف بـ”هندو”، الذي أبدع في تقديم فقرات تمزج بين الغناء والفكاهة، بأسلوب تلقائي قريب من الناس، “هندو” قال في تصريحه: “غليزان مدينة تحب الفن، وجمهورها واعٍ ومتحمس. سررت كثيرًا بالمشاركة، وسعيد أكثر بتعاوني مع دار الثقافة وجمعية الريشة في هذه المبادرة التي تعيد الروح للمدن التي تفتقد لمثل هذه الفعاليات.”وأضاف: “من خلال النكتة والغناء والارتجال المسرحي، حاولت تمرير رسائل للعائلة الجزائرية، خاصة للشباب، حول التربية والاحترام والمبادئ”.
ومن بين الحضور، قال الشاب “عبد الحكيم.ب” من حي مونفيزو:” لم نضحك فقط، بل فكرنا أيضًا. هذا النوع من العروض هو ما نحتاجه فعلًا في غليزان”، فيما صرّحت السيدة “فتيحة.د”، أم لثلاثة أطفال: “السهرة كانت رائعة وآمنة، أبنائي استمتعوا، وأنا خرجت بارتياح نفسي نادر. أتمنى استمرار مثل هذه المبادرات”.
الليلة الثانية.. “توحة” ورفيقه يصنعان الحدث
في سهرة السبت 12 جويلية، ارتفعت وتيرة الحماس مع عرض مشترك جمع بين الفنان الغليزاني “بن عودة نكاع” و”بن دوبابة فؤاد”، والفنان الفكاهي الوهراني داودي رمضان المعروف بـ”توحة”، اللذين قدّما لوحات ساخرة من واقع المواطن الجزائري، امتزج فيها النقد الاجتماعي بالفكاهة الشعبية.
وتناول العرض العديد من الظواهر اليومية، منها العلاقات الأسرية، ومواقف من الشارع، بأسلوب سريع التفاعل مع الجمهور الذي لم يخف ضحكاته المتواصلة، وتصفيقاته التي تكررت طيلة السهرة، الفنان “توحة” قال في انطباعه عقب العرض: “شعرت أنني أؤدي أمام أهلي، جمهور غليزان فعلاً مدهش، لم نأتِ لنجعل الناس تضحك فقط، بل لنتقاسم معهم الواقع في مرآة ساخرة”.
أما الفنان “نكاع”، فقال: “الوقوف أمام جمهور غليزان مسؤولية كبيرة، وأعتقد أننا نجحنا في جعل الضحك رسالة، وليس غاية فقط”، ووسط الحشد الكبير، أكّد أحد الحضور، السيد “ياسين.ع”، أن السهرة الثانية كانت أكثر من مجرد عرض، بل كانت “متنفسًا جماعيًا” أعاد روح الحيّ إلى قلب المدينة، كما أضافت الشابة “سميرة.ز” أن ما شهدته في الليلتين فاق توقعاتها: “لم نكن نتصور أن دار الثقافة يمكن أن تُعيد هذا الزخم، العائلات عادت إلى الفضاءات الفنية من جديد، وهذا أجمل ما في الأمر”.
الفن حين يُخاطب الوجدان
أكدت إدارة دار الثقافة أن التظاهرة تسير وفق ما خُطط لها من حيث التنظيم، الأمن، والتقنيات الصوتية واللوجستية، فيما وعدت جمعية “الريشة” الثقافية بمواصلة العمل من أجل ترسيخ هذا التقليد الثقافي مستقبلاً، وربما تطويره ليأخذ بعدا وطنيا في الطبعات المقبلة.
واختتمت فعاليات “ليالي الضحك” أمس الأحد، بعروض واعدة تجمع بين فنانين من غليزان ومعسكر، وسط توقعات بحضور جماهيري مماثل وربما أكبر، في واحدة من أنجح التظاهرات الثقافية التي شهدتها المدينة في السنوات الأخيرة.
وفي سياق التظاهرة، أدلى الفنان المسرحي المعروف “فؤاد بن دوبابة”، الذي يتولى تنشيط وتنظيم سهرات “ليالي الضحك”، بتصريح خاص لـ”البديل”، قال فيه: “ليالي الضحك هي أكثر من مجرد عروض فكاهية، إنها بداية لاستعادة تقاليد فنية كانت راسخة في غليزان، المدينة التي كانت ولا تزال أرضًا خصبة للمواهب المسرحية. هذه الطبعة الأولى جاءت لتفتح نافذة على مسرح الشارع، على الفن المفتوح للناس، دون تذاكر ولا قيود. إخراج الفن من الجدران المغلقة إلى الفضاء العام هو رسالة في حد ذاتها، ونحن نراهن على جمهور ذكي ومتذوق، وهو ما لمسناه بوضوح في الليلتين الأوليين”.
وأضاف: “غليزان قادرة على التحول إلى قطب ثقافي مسرحي، إذا تواصلت مثل هذه المبادرات بدعم الجميع، من مؤسسات ثقافية، مجتمع مدني وفنانين، طموحنا أن تصبح هذه الليالي تقليدًا وطنيًا سنويًا يُخصص له مهرجان رسمي وجوائز، لأن البسمة اليوم أصبحت ضرورة اجتماعية أكثر من كونها ترفًا”.
جيلالي. ب