تكنولوجيا

“لومو” مساعد ذكي يعيد تعريف الخصوصية في زمن المراقبة الرقمية

أطلقت شركة بروتون الأوروبية المتخصصة في تطوير أدوات رقمية تركز على حماية المستخدم. “لومو” مساعد ذكي جديد . وذلك في خطوة لافتة تعيد النقاش حول التوازن بين الذكاء الاصطناعي والخصوصية. ويمثل “لومو” أول نظام حواري تفاعلي يعتمد بشكل كامل على تقنيات تشفير شاملة. حيث لا يحتفظ بأي من محادثات المستخدمين. كما يوفّر وضعًا سريًا يجعل النقاشات تختفي مباشرة بعد غلق نافذة المحادثة. ما يعني أن هذا المساعد الرقمي لا يراقبك ولا يتتبعك ولا يحفظ أثرك بعد انتهاء الحديث. وهو أمر نادر في عالم أصبحت فيه البيانات الشخصية سلعة ثمينة.


 

“لومو” مساعد ذكي… دون حسابات ودون تجسس

ما يميز “لومو” أنه لا يشترط على المستخدم إنشاء حساب للاستفادة من خدماته. بل يمكن لأي شخص استعماله ببساطة من خلال واجهة الويب أو تطبيقاته المخصصة للهواتف الذكية. ويمكن رفع الملفات إليه ليتفاعل معها ويقدم إجابات دقيقة. وإن كان المستخدم يمتلك حسابًا على خدمة التخزين السحابي التابعة لبروتون. فإنه يستطيع ربط الحساب بالمساعد الجديد للوصول إلى ملفاته.

لكن رغم اتصاله بالشبكة العالمية. إلا أن “لومو” لا يركز على تقديم أحدث نتائج البحث. مما يدل على أن الأولوية ليست جمع المعلومات أو تصدر محركات البحث. بل تقديم خدمة امنة ومحترمة للمستخدم. وهذه السياسة تبدو متعمدة من الشركة التي طالما اعتبرت حماية البيانات هدفًا رئيسيًا في منتجاتها.

 

 

مفتوح المصدر بالكامل

أكدت “بروتون” أن “لومو” مبني على نماذج لغوية مفتوحة المصدر. ويدار من مراكز بيانات أوروبية بالكامل بعيدًا عن النفوذ الأميركي أو الصيني في مجال الذكاء الاصطناعي. كما شددت على أن استفسارات المستخدمين لا ترسل إلى أي جهة خارجية مهما كانت. وهو ما يميز “لومو” عن المساعدين الآخرين الذين غالبًا ما يتعاونون مع شركات عملاقة تشارك في جمع البيانات وتحليلها.

كما يعتمد “لومو” على أسلوب تشفير يسمى “تشفير الوصول الصفري”. وهو ما يعني أن حتى الشركة نفسها لا تستطيع الوصول إلى محتوى المحادثات. إلا من خلال الجهاز الشخصي للمستخدم. حيث تفك الشيفرة محليًا دون تدخل مركزي. هذا النموذج يجسّد رؤية أوروبية مستقلة في مجال الذكاء الاصطناعي. تفضّل احترام الخصوصية على تسويق البيانات.

 

 

بداية فلسفة جديدة للذكاء الاصطناعي

ليست هذه المرة الأولى التي تجرب فيها “بروتون” دمج الذكاء الاصطناعي في خدماتها. لكنها المرة الأولى التي تعلن فيها عن منتج بهذه القوة والاستقلالية. فقد سبق أن أطلقت مساعدًا للكتابة ضمن خدمة بريدها الإلكتروني يعمل أيضًا محليًا على جهاز المستخدم. لكن “لومو” يفتح أفقًا جديدًا لمفهوم المساعد الذكي.

حيث لا يكتفي بتقديم الدعم، بل يفعل ذلك من دون أن يطلب شيئًا في المقابل. لا حسابًا، ولا بريدًا، ولا سجلاً، إنه ببساطة مساعد رقمي لا يتطفل على حياتك، في وقت باتت فيه الشركات تتنافس على تجميع كل شاردة وواردة عن مستخدميها. ومن هنا يمكن القول إن “لومو” ليس مجرد منتج رقمي. بل تعبير عن فلسفة جديدة ترى أن التطور التكنولوجي لا يعني بالضرورة التخلي عن الحقوق الأساسية. خصوصًا حق الإنسان في الخصوصية والسرية.

 

في عالم يزداد فيه القلق من اختراقات البيانات وتتوسع فيه رقابة الخوارزميات على أنشطتنا اليومية. يظهر “لومو” كمبادرة جريئة تؤكد أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون ذكيًا وأخلاقيًا في الوقت نفسه. فحين لا يطلب منك تسجيل بياناتك، ولا يحتفظ بمحادثاتك، ولا ترسل استفساراتك إلى أطراف مجهولة. فإنك لا تستخدم تقنية فحسب، بل تدخل في علاقة من الثقة مع نظام رقمي قرر أن يحترمك. وهذا بالضبط ما يميز “لومو” عن غيره، ليس فيما يقدمه من ميزات، بل فيما يرفض تقديمه من تنازلات.

ياقوت زهرة القدس بن عبد الله

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى