الثـقــافــة

لغة الصحافة التشاركية في شبكات التواصل

الذكاء الاصطناعي كفضاء بديل للصحافة التشاركية

بقلم: د.ابراهيم سلامي

 

أصبحت الصحافة التشاركية  بلغتها الخاصة، الممزوجة ما بين العامية ومصطلحات أجنبية تحتل مكانة عالية ومصدرا للخبر عبر شبكات التواصل الاجتماعي بعدما أحدثت ثورة في المجال الإعلامي وكل ما يتصل بها من مفاهيم أخرى، وأضحت تشكل التحول الأبرز على المستوى الإعلامي، كظاهرة جديدة لهذا النوع من الصحافة مما أدى إلى بروز عدة مواقع رسمية تحظى باهتمام المؤسسات الإعلامية والمواطن معا مشكلة مصدرا للخبر، وأدى ذلك إلى وقوف المؤسسات الإعلامية التقليدية عاجزة أمام التطورات والتحولات العميقة، من علاقة أحادية متحكم فيها إلى علاقة أفقية متعددة مبنية على مبدأ التفاعل والتشارك والتبادل بلغة مركبة للاطلاع على المستجدات اليومية.

وتبقى الصحافة التشاركية عبارة عن مصطلحٌ إعلامي واتصالي في ذات الوقت، وهذا المصطلح على المستوى التاريخي يعتبر حديث النشأة، وهو مفهومٌ غير مستقرّ، حيث إنّ الصحافة التشاركية تشخّص عند البعض على أنها إعلام المواطن  تتيح لأي فرد بأن يكون صحفيا عن طريق إبداء رأيه وإيصال صوته لأي مؤسسة إعلامية اعتمادا على لغة خاصة ممزوجة بالعامية وبعض الكلمات من اللغات الأجنبية، وأصبح هذا التحول في مواقع شبكات التواصل عاملا حاسما في تقليص المسافة بين الخبر والحقيقة، لتساهم في الأخير في أنسنة الفعل الإعلامي وتقديم خدمات ثقافية واجتماعية.

 

الصحافة التشاركية والتحولات الجديدة

تعتبر لغة الصحافة التشاركية ترياقاً للفجوة الإعلامية الآخذة في الاتساع في ‏المجتمعات التي أخذت فيها وسائل الإعلام التقليدية -المطبوعة والمذاعة- في التراجع وأهم ما ميز العقد الأخير على مستوى الإعلام ظهور شكل جديد من  أشكال الممارسات الصحافية غير المهنية والمتمثلة في الصحافة التشاركية، واستطاعت  في ظرف وجيز أن تحجز مكانة لها ضمن التحولات الجديدة، حيث تبقى  صحافة المواطن والصحافة التشاركية والمحتوى المقدم، هي مفاهيم ‏تدعوا إلى إشراك القراء والمشاهدين في إعداد التقارير ونشر الأخبار .

ولعل الخطر الكبير الذي أصبح يهدد اللغة هو شكل الكتابة والتعبير بطريقة هجينة للغة العربية التي أصبح يستخدمها الجيل الحالي في مواقع وشبكات التواصل الاجتماعي مما ينبئ بخطورة الوضع بسبب غزو مفردات غريبة. وأثرها على لغة الصحافة ذات البعد الأكاديمي والتي تدرس في الجامعات والمعاهد المتخصصة على شكل تخصصات بغرض تكوين الصحفيين والإعلاميين.

وبالرغم من هذه المخاطر إلا أن المفردات المستعملة أصبحت وسيلة تواصل ولها جمهور واسع يتقبلها، حيث أضحت مواقع التواصل الاجتماعي بمثابة فضاء تشاركي بلغة خاصة وبرزت اللغة المستعملة كأداة من أدوات الإعلام الجديد، وذلك بسبب المرونة الكبيرة في استخداما وسهولة الولوج والتفاعل مع الأخبار  وتفحص محتوياتها مجانا والتواصل مع الآخرين دون حواجز وتجاوز الرقابة  .

 

الإعلام الجديد بأدواته المتطورة

لقد غدا الإعلام الجديد بأدواته العديدة والخطيرة من قنوات فضائية ومواقع انترنت ووسائل تواصل (فيس بوك، مدونات، يوتيوب، واتس آب، تويتر، …الخ)، حيث تؤدي هذه المواقع دورا بارزا في نشر المعلومات وبمختلف اللغات فهي موجهة لجميع فئات المجتمع ،حيث تعد منبرا لنشر الأخبار والمعلومات والمعارف والأفكار ووجهات النظر وكل الأخبار المتداولة ما بين الناس ويعرفها مالوني كريشمار (Maloney Krichmar) على أنها مكان يلتقي فيه الناس لأهداف محددة وهي موجهة من طرف سياسات تتضمن عدد من القواعد والمعايير المقترحة. وتعرف أيضا بأنها “الطرق الجديدة في الاتصال في البيئة الرقمية بما يسمح للمجموعات الأصغر من الناس بإمكانية الالتقاء والتجمع على الانترنت وتبادل المنافع والمعلومات وهي بيئة تسمح للإفراد والمجموعات بإسماع صوتهم وصوت مجتمعاتهم إلى العالم أجمع”. أما زاهر راضي فيعرفها بأنها “منظومة من الشبكات الالكترونية التي تسمح للمشترك فيها بإنشاء موقع خاص به، ومن ثم ربطه عن طريق نظام اجتماعي الكتروني مع أعضاء آخرين لديهم الاهتمامات والهوايات نفسها”.

 

الذكاء الاصطناعي كفضاء بديل للصحافة التشاركية

ساهمت التكنولوجيا في ظهور “الصحافة التشاركية” من خلال الشبكة العنكبوتية لمساحات تعبير لا حدود لها، حيث أصبحت تجسد الأفضل والأسوء على حد سواء . فالصحفي في هذا الوسط لا يلتزم بقواعد صحفية في نقل الأخبار وتحليلها ويتقيد بالقوانين التي تسير اللغة، حيث تعتبر الصحافة التشاركية مجالا تتجسد فيه الحقائق التي لا يجرأ الإعلام التقليدي على عرضها و طرحها خاصة بعد التطور الكبير الذي شهده العالم في ظل وجود الذكاء الاصطناعي. حيث جاءت الصحافة التشاركية كحركة إعلامية إصلاحية حسب تأكيد ” هيبارماس Habermas الذي قام بتطوير لنظرية ” الفضاء العمومي” والذي اعترف بأنه يمكن للمواطنين أن يقاوموا الهيمنة بإنشاء فضاءات عمومية بديلة غير محتكرة ليتوسع الفضاء العمومي ليشمل جميع الأماكن الافتراضية التي تسمح بمناقشة الأفكار والآراء.

ومن خلال نماذج التواصل المتعلقة باللغة المكتوبة نرى ان هناك تواصل بلغة مختصرة وألفاظ بـ “الدارجة” أي العامية وبعض الكلمات باللغة العربية والفرنسية أو الانجليزية ،متداولة بكل شفافية وبدون حواجز رقابية، لتصبح إحدى دعامات المجتمع.

بأسلوب بسيط وكلمات مركبة تمثل لغة المخاطب في  أذاه تواصل مواقع  شبكة التواصل  الاجتماعي، حيث تلعب الصحافة التشاركية دور ا فعالا في نقل و تلقي المعلومة بشكل متبادل، حيث نجم عن ذلك ظهور أشكال جديدة من الاتصال، وفي هذا الشأن تقول ” كليمنسون رودريغر” بخصوص التغيير الثقافي عالمي في المشهد الإعلامي بأنه أصبح”، من خلال مستخدمي وسائل الإعلام منتجين مما يعكس الديمقراطية التشاركية وولوج أفضل لوسائل الإعلام من خلال الشبكات والبث من مواطن إلى مواطن .

وباستعمال لغة متداولة مع رواد مواقع التواصل الاجتماعي الذين يعتمدون على نهج تشاركي في إثراء التنوع في وجهات النظر والآراء، حيث تقوم صحافة “المواطن” بدور البديل، إذ لا تقتصر ممارسة الصحافة على نقل الأحداث والمشاكل فقط بل تشارك المواطنين في التغطية الإعلامية  للحياة السياسية والاجتماعية لذا تشكل مفهوما أوسع من المواطنة وذهب  David Cohn إلى أن الصحفيين المواطنين هم حرفيون.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى