الثـقــافــة

“كنتُ أحفظُ أشعار المتنبي والجواهري، وأكتب وأخجل أن يراها أحد في المدرسة”

الشاعر العراقي د. وليد جاسم الزبيدي يصرح لـ "البديل":

الشاعر وليد جاسم الزبيدي من العراق، من السماء التي لها حضور كبير في المشهد الثقافي العربي وحيوي جدا بإسهاماته الفكرية والشعرية في مختلف المنتديات الثقافية والأدبية. يكتب بصدق وعمق ويحاول استقراء الأوضاع في شتى مناحي الحياة.

في هذا الحوار الصريح، يبوح الشاعر للقراء عما يختلج في صدره من هموم وانشغالات الإبداع والمبدعين، ويحاول الولوج على عمق الجرح ومعالجته باسلوبه الجميل.

من أين تريد أن نبدأ؟

كيف ننظرُ الى الحالة الادبية والثقافية في الوطن العربي؟.. ما زالتْ الثقافة تربتط بعجلات الأنظمة، واعتمادها على المؤسسات الحكومية التي تتسيّد الموقف وتمسكُ بخناقها، تمويلاً وإدارةً، وتتحكم ببعض المسارات في توجيهها وتوجهاتها، مما يشكّلُ ذلكَ عبئاً وتعثراً للمسير خطوة للأمام، لكنْ هناك بعض المؤسسات التي تعمل خارج هذا الاطار لكنها مازالت وليدةً تحتاج الى وقت للنهوض بمهامها وأهدافها، ولا نبخس حق العديد من المنظمات والرابطات والمجالس الثقافية والصالونات التي تأخذُ على عاتقها بشكلٍ ذاتي النهوض بالمشهد الثقافي فضلاً عن الاسهامات الفردية هنا وهناك في بلد المهجر التي تحاول التأسيس لمشهدٍ يبتعد عن تسلط الانظمة والحكومات التي تدير المشهد الثقافي لصالحها وصالح بقائها. كما هناك المهرجانات الابداعية التي تقام هنا وهناك في البلاد العربية والتي تسعى للإرتقاء بالهوية لأدبٍ يحملُ الطاقة الابداعية والارتقاء بالمبدع الى مصاف الأديب في البلدان الأجنبية بمختلف ثقافاتها، وهذا ماتجده في مختلف فنون الثقافة.. (الآداب-الشعر والسرد..-، التشكيل، المسرح، السينما،الموسيقى الاصدارات، المهرجانات،…).

 لو فتحت لك الأقواس ماذا تقول عن نفسك؟

لقد كانت بداياتي مع موهبة الشعر، في دراستي المتوسطة، حيث كنتُ أحفظُ أشعار المتنبي والجواهري، وأول قصيدة بدأتها في القريض، وكنتُ أكتب وأخجل أن يراها أحد في المدرسة، لكن البيت يعرفون بما أخربش في بداية متعثرة، وأوراقٍ خجولة، ثم كان في درس الانشاء طلب منّا مدرّس اللغة العربية أن نكتب موضوعاً في الانشاء (بعد رحيل العمر)، فجالت في خاطري صورٌ شعرية فكتبتُ قصيدةً بأربعة عشر بيتاً، وهي دالية، (رحلَ العمرُ فأظنى شفتي/ من لهيبِ الحرفِ من قيدِ اليدِ) فلمّا سلّمنا الدفاتر سألني المدرّس منْ كتب الأبيات، أجبته (أنا)، فاختبرني، بالأسئلة عن معاني الكلمات وعن حركة بعضها، ثم تتالت وتوالت الكتابة واحتضنني وأخذ بيدي، ثمّ قدّمني في مهرجانات الدراسة ومهرجانات تقيمها مديرية التربية للمتوسطات والاعداديات وأستاذي هو (الأستاذ محمود محمد حمزة) أمدّ الله في عمره، وبعدها كانت الجامعة، واللقاء بشعراء في بغداد والانفتاح على عوالم المكتبات والكتب، وحضور الأماسي الشعرية والثقافية التي أضافت لي الكثير. وكان أوّل ديوان شعري لي في عام 1995م (خرافة المرايا)، وحصلت على عضوية اتحاد الأدباء والكتّاب في العراق سنة 1996م.

 تجربة أدبية وإبداعية رسخت في ذهنك الكثير؟

لا تفارقني ظلال وشموس الشاعر الكبير (الجواهري) الذي بنى في نفوسنا الكلمة وشذّبها، وحبّبَ لنا الشعر وصيّرهُ أنفاسنا التي لا تفارقنا ولا نفارقها، لم تكن تجربة بل مدرسةً تعلمنا فيها كيف نكون في هذا العالم وكيف نقرأ وكيف نفكّر. وما تزال أشعارهُ تدثّر أحلامنا ونستفيق معها وما زلنا نتعلم .

 هل الشعر يكتبك ويقولك أم انها فقط لحظة صدق أبدية؟

الشعرُ لا أذهب إليه، ولا أعرف مكانه أو حارته أو حانته أو مسجده، بل هو الذي يأتيني ويكتبني وهو الذي يشعل فيّ جمر ثلجه.

هل صحيح مبدعونا على كثرتهم كسالى، لا يقرأون؟

لا ابداع بلا قراءة، لا ابداع بلا احتكاك مع الآخر، لا ابداع  بلا تلاقح فكري وثقافي مع الآخر، لا ابداع دون تواصل مع كتاب وموسيقى ولوحة فنية ومسرح وسينما وندوة ومؤتمر، منْ لا يكون مع هذا النسيج المترابط المتشابك لا نسميه مبدعاً بل ستجف ينابيعه ويسكت.

 بحكم تجربتك الأدبية، كيف ترى إبداعات الشباب؟ وما النصيحة التي يمكنك تقديمها إليهم’؟

هناك طاقات تبشر بخير وتسير بخطى واثقة، لا أقول نصيحة بل هو رأي أن لا يقلدوا بل أن يكونوا أنفسهم، وأن يعملوا على الاستزادة بالقراءة والمعرفة والاطلاع على كل جديد وقديم، وأن يقرأوا التراث أولا ليكون قاعدة للإنطلاق نحو حداثةٍ رصينة،وأن نبتعد عن الاعتداد بالذات دون الاستفادة من الآخرين.

 هناك من يكتب لنفسه، ولغيره، وللوطن، وهلم جرا.. أنت، لمن تكتب؟

الكاتب بكل صوره (شاعر، قاص، مسرحي، موسيقي) لا يمكن أن يكون لنفسه ولا منجز ابداعي يكون للذات فقط

حـاوره: رامـي الـحـاج

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى