روبرتاج

قـريـة بونعـيم الحـدودية ببلدية مغنية

ضحية خط "موريس" والألغام.. قرية تبحث عن الحياة

يعاني قاطنو قـرية بـونعـيم الحـدوديـة بـبلديـة مغنية غـرب ولاية تلمسان، من غـياب مظاهر التنمية التي افـتقـدها القاطنون، حيث رفعوا انشغالاتهم إلى المسؤول الأول عن البلدية لإخراجهم من دائرة التهميش الذي طالهم.وحسب تصريحات السكان، فإن قريتهم تفتقر إلى العديد من المتطلبات اليومية، على غرار تدهور الطرقات وغياب النقل والغاز الطبيعي ومختلف الضروريات.

 

زارت “الـبديل” قـرية بـونعـيم الحدودية والتقت ببعض الفلاحين بالمنطقة، ونقلت أهم الانشغالات والمشاكل التي يعاني منها السكان، وحسب ما يرويه بعض السكان والفلاحين من الذين اختاروا البقاء في المنطقة وخدمة الأرض رغم الظروف الطبيعية الصعبة، خاصة في موسم الشتاء، أن هذه المنطقة الحدودية عانت الويلات مع خط موريس، حيث لازالت آثار الألغام هناك شاهـدة على بشاعة الاستعمار الفرنسي، كما كانت سببا في بتر أرجلبعض ممن عاشوا بالقرية، حسب شهادات ممن التقتهم “الـبـديل” بعـين المكان.

أوّل مشكل طرحه لنا سكان قرية بونعـيم الواقعة بالشريط الحدودي على بعـد 07 كلم من عاصمة بلدية مغنية، خلال الزيارة التي قادت “الـبـديل” إلى عـين المكان، بضرورة التدخل العاجل من أجل الوقوف على معاناتهم ونقائصهم التنموية، التي من شأنها أن تحسن الوضع المعيشي للمواطن، خاصة وأن جل المطالب ترتبط بالحياة اليومية للسكان، ممثلة في الطرقات، حيث قال محدّثونا إن طرقات القرية تعاني تدهورا كبيرا بسبب عدم تزفيتها وانتشار الحفر والمطبات بها، خاصة الطريق المؤدي إلى القرية على مسافة 500 متر والرابط بقريةالعقيد لطفي، ما يجعلها تتحول إلى برك مائية في الشتاء ومصدرا للغبار في الصيف، كما أنها تعيق تنقلات الراجلين وكذا السيارات، ما كلفهم عناء ومشقة السير على الأرجل لمئات الأمتار لولوج منازلهم بالقرية، ـ حسب تصريحات الساكنة ـ.

 

غياب الصرف الصحي وحضور الأمراض والأوبئة… والحطـب بديلا عـن الغاز

مشكل آخر لا يقـل أهمية عن الطرقات، هو مشكل غياب قنوات الصرف الصحي، الذي أضحى يوميا يؤّرق سكان القرية الذين أبدوا استياءهم إزاء الأوضاع المزرية التي يكابدونها على حد تصريحات السكان، الذين أكدوا لـ “الـبـديل”، أن مساكنهم تحولت إلى مطامير بديلا عـنها،ما تسببخطرا على صحةهذه العائلات بشكل ملفت للانتباه، نتيجة تعرضهم لعـدة أمراض خطيرة على غرار الربو والحساسية.

كما أشار سكان القرية إلى أن مشكل انعـدام شبكة قـنوات الصرف الصحي تتسبب بين الحين والآخر في تدفق المياه القذرة التي تغمر شوارع القرية، ناهيك عن الروائح الكريهة المنبعثة منها، لتصبح هذه الوضعية ومع مرور السنوات مصدر قلق واستياء كبير في أوساط السكان، الذين لم يخفوا تذمرهم إزاء الوضع، حيث أعربوا عن استيائهم من تجاهل السلطات المحلية لمعاناتهم وشكاويهم العـديدة.

معاناة أخرى لا تقل أهمية عن الأولى بهذه المنطقة المتاخمة للشريط الحدودي، عدم ربطها بغاز المدينة، الذي أصبح أكثر من ضروري، نظرا للمعاناة التي تواجهها العائلات أثناء فصل الشتاء، حيث يعتمدون حاليا على قارورات غاز البوتان في التدفئة والطهي التي تتسبب في متاعب كبيرة، لاسيما للعائلات الفقيرة والمسنين.

كما أن الحصول عليها لم يعـد بالأمر الهين، حيث أوضح سكان المنطقة أنهم يجدون صعوبة كبيرة في الظفر بقارورة غاز، أمام طلب العائلات المتزايد عليها، إذ تضطر العائلات إلى إنفاق ما لايقل عن الــ 400 دج لأجل جلبها من مركز البلدية مغنية، بالرغم من أن أنبوب الرئيسي للغاز المزوّد للقرى المجاورة لبونعـيم لا يبعـد سوى بحوالي 600 متر. فغياب هذه المادة، حسبهم، أثّر بشكل كبير على حياة السكان، فلا تختلف مظاهر المعاناة في كل فصول السنة أمام غياب هذه المادة الأساسية، لاسيما في فترات الشتاء، حين تنخفض درجات الحرارة، ولا يجدون بديلا آخر سوى اللجوء إلى وسائل التدفئة التقليدية كالحطب، التي كثيرا ما تعرّضهم لأخطار الحرائق، التي يكون ضحيتها دائما الأطفال، في وقت يبحث فيه ساكنة الـقـرية عن مـبـرّر للسلطات العمومية التي تأخرت عن مشروع استفادة المنطقة من الغاز، الذي يمر بجانبهم في اتجاه البلديات الحدودية الأخرى المجاورة لها، على غرار السواني، باب العسة وغـيرهما.

 

تـلاميذ يطالبون بحقهم في الإطعام والـنقل المدرسي، وعائلات تعيش تحت خطر انهيار السكنات الهـشة

مشكل آخر تتخبط فيه الكثير من العائلات بهذه المنطقة، وهو مشكل تآكل بيوتها يوما بعـد آخر، حيث يوجد معظمها في وضعية متردية، ولا تتوفر على أدنى شروط الحياة الكريمة، كما أنها سكنات آيلة للسقوط، وهي غير صالحة تماما للسكن، كونها قديمة جدا يعود تاريخ إنجازها إلى زمن الحقبة الاستعمارية، وهي سكنات مبنية بواسطة الطوب والحجارة، معظمها من دون أعمدة وأساسات، وأصاب معظمها الـتـلف وأصبحت تنهار من حين إلى آخر، بفعل التشققات التي طالت غالبيتها.

هذا، فضلا عن التسربات المائية التي تحدث مع كل تساقطات مطرية، وحسب ممثلين عنهم، أنهم مستاؤون من ظروف المعيشية المزرية التي يعيشونها داخل سكنات هشة لا تقي من حر ولا من برد، مشيرين في حديثهم لـ”الـبـديل” أن معاناتهم تتضاعف أكثر في الأيام التي تتهاطل فيها الأمطار بغزارة، حيث تتسرب مياه الأمطار إلى الداخل وتتحول البيوت إلى مستنقعات تجبر العائلات للمبيت في الخارج، وهو ما يتخوف منه سكان القرية، مناشدين السلطات المحلية التدخل العاجل من أجل تخصيص إعانات مالية لبناء سكنات جديدة تعـوّض السكنات القديمة، باعتبار أن صيغة السكن الريفي هو النمط الوحيد الذي يليق بهم، كونه يتماشى مع طبيعة هذه المنطقة، باعـتبارها فلاحـية بالدرجة الأولى، مما يساعدهم على الاستقرار وخدمة أراضيهم الفلاحية، مؤكدين أن الحصص الممنوحة للبلدية في إطار البناء الريفي، تبقى بعيدة عن طموحات السكان القرية، في ظل تزايد عـددهم من سـنة إلى أخـرى.

بالموازاة مع ذلك، يواجه تلاميذ قرية مشكلة غـياب النقل المدرسي، الأمر الذي بات بالنسبة لهم ولأوليائهم هاجسا يؤرقهم كل موسم دراسي، ما جعل حياة هؤلاء في خطر كبير في ظل التنقلات اليومية مشيا على الأقدام بقطع مسافات طويلة تزيد عـن 02 كلم صباحا ومساء، من أجل الالتحاق بأقسامهمبالمدرسة الابتدائية المتواجدة على مستوى قرية العقيد لطفي الحدودية، حسب تصريحات أوليائهم، مشيرين إلى تأزم الوضع خاصة في فصل الشتاء أين تزداد معاناة التلاميذ، عندما تعرقل الأوحال المتراكمة على مستوى الطرقات سيرهم، الأمر الذي يجعل أغـلب الأولياء يضطرون إلى مرافقة أبنائهم الصغار إلى مدارسهم خوفا من تعرضهم لبعض الأخطار.

إلى جانب ذلك، فإن عناء الذهاب والإياب اليومي إلى المؤسسات التربوية ولمسافة طويلة، جعل التلاميذ عرضة للتعب والإنهاك الشديد، الأمر الذي أفقدهم القدرة على الاستيعاب الجيد للدروس، مجدّدين مطلبهم المتعلق بضرورة إنهاء هذا المشكل الذي طالما يتجدّد ككل موسم دراسي، حتى يتمكّن أبناؤهم من مزاولة دراستهم في أحسن الظروف، وبالتالي تحصيل علمي في المستوى، أو إعادة تهيئة وترميم القسمين المهجورين المتواجدين بالقرية في حالة يرثى لها، إضافة إلى قاعة للمطعم المتدهورة، وإعادة فتحهم أمام التلاميذ خاصة الطور الأول للسنة الأولى والثانية، لتجنب عناء التنقل من جهة، وكذا الخطر المحدق بهم بسبب السرعة الجنونـية للمركبات للطريق، والتي أودت ـ حسبهم ـ مؤخرا بحياة 3 تلاميذ بعين المكان من أصل 5، في حوادث مرور .

هذا، ناهيك عن تلاميذ الطور المتوسط والثانوي الذين يقطعون مسافة 09 كلم من أجل التحاقهم بمقاعد الدراسة في غياب وسائل النقل، والاعتماد على وسائلهم الخاصة، الأمر الذي دفع بأولياء التلاميذ إلى توقيف بناتهم عن الدراسة في سن مبكـرّة خوفا عليهم من الظروف القاسية للدراسة رغم تفوق العديد منهن في المسار الدراسي.

وعلى أساس جملة النقائص المذكورة سابقا، يطالب سكان قرية بــونــعـيم الواقعة بالشريط الحدودي ببلدية مغنية، من السلطات المحلية بالتنسيق مع الجهة الوصية بالولاية التدخل العاجل لإزالة مظاهر البؤس، وتجسيد مشاريع تنموية تنهي معاناتهم القاسية وترفع عنهم الغـبن، والاستجابة لمطالبهم المشروعة بقريتهم، كغيرها من العـديد من القـرى النائية ومناطق الظل ببلديات الحدودية بولاية تلمسان التي استفادت من مشاريع هامّـة بادرت بها السلطات المحلية، في إطار البرنامج الوطني لتطوير وتأهيل هذه المناطق، بهدف العمل على الاستغلال الأمثل للإمكانيات المتوفرة بها، وفتح آفاق واعـدة نحو تنمية اقتصادية تعود عليها وعلى السكان بتحسين مستواهم المعـيـشي.

 

انشغالات المواطن محل اهـتمام والي تلمـسان

بخصوص الرد على انشغالات قاطنـي قـرية بونعـيم الحدودية، بالنسبة للتزود بالمياه الصالحة للشرب، استفادت هذه المنطقة الحدودية سنة 2017 من مشروع الربط بالمياه الصالحة للشرب بمبلغ مالي يقدّر بــ 4.976.647.75 دج، أما فيما يخص مشروع إعادة تأهيل طرقات المنطقة، فقد تم اقتراح إعادة تأهيل الطريق الولائي رقم 63 في شقه الرابط بين قرية العقيد لطفي الحدودية والطريق رقم 07أ، وهذا في إطار البرنامج القطاعي على مستوى مديرية الأشغال العمومية.

أما بخصوص المدرسة الابتدائية، فهذا المرفق التربوي متواجد بقرية العقيد لطفي، ومن أجل توفير النقل المدرسي قامت مصالح البلدية بتوفير حافلة عن طريق الكراء، يتم عـبرها نقل التلاميذ المتمدرسين في الطور الابتدائي إلى قرية العقيد لطفي، وكذا تلاميذ الطورين المتوسط إلى قرية البطيم والثانوي إلى مغنية.

كما باشرت مصالح البلدية مؤخرا بإجراءات لأجل كراء حافلة أخرى، لتدعيم هذا الخط غير أن العملية حالت دون جدوى.أما مشكل عـدم ربط القرية بشبكة الغاز الطبيعي، فقد تم إحصاء هذه المنطقة الحدودية، ضمن برنامج تنمية المناطق الحدودية، أين تم إرسالها إلى مديرية الطاقة والمناجم من أجل إعــداد الكشوف الكمية والتقديرية من طرف شركة توزيع الكهرباء والغاز.

بالمقابل كان للقرية الحظ الاستفادة من مشروع الإنارة العمومية الذي استفادت منه بلدية مغنية، في إطار برنامج مشروع توسيع وتعميم التغطية بالإنارة العمومية باستعمال تقنيات ومصابيح (اللاد) بالمجمعات السكنية الثانوية والذي مس العديد من قرى البلدية خاصة منها الحدودية كقرية الشبيكية، العقيد لطفي، البطيم، أولاد قدور، وقريتي البخاتةوالمصامدة، أين تم تخصيص 1150 مصباحا من نوع (اللاد) تقوم حاليا المقاولة المكلفة بذلك بعملية تزويد هذه القرى بهذا النوع من المصابيح، والتي ستسهم بشكل كبير في عملية ترشيد النفقات والتقليل من فاتورة استهلاك الكهرباء، التي كانت شبكة الإنارة القديمة باستعمال المصابيح العادية تستنزف جزء هاما من ميزانية البلدية حسبما أكده رئيس بلدية مغنية.

إعداد:ع. أمــيــر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى