تكنولوجيا

علاقة الفلسفة بالذكاء الاصطناعي

سجال بين التقاطع والتجاذب

إن النقاش الحقيقي الدائر اليوم بين الفلسفة والتكنولوجيا يتلخص في “الأخلاق” لا غير، فهل التكنولوجيا الحديثة ممثلة في الذكاء الاصطناعي بحاجة إلى الفلسفة أم العكس صحيح؟ وما هي في نظر الفلاسفة أفضل الطرق لاستخدام التكنولوجيا؟ وما هي في الجوهر ماهية الذكاء الاصطناعي؟ وهل هو فعلا، له الوعي والقدرة على محاكاة الفكر البشري؟

 أسئلة كثيرة وغيرها حاول الفلاسفة الإجابة عليها حيث أنّ عالم الفيزياء والفيلسوف الألماني (ألبرت آينشتاين)، قال بصريح العبارة: “لقد بات من الواضح، أو بالأحرى من المرعب للجميع، كيف تجاوزت منجزاتنا التقنية إنسانيتنا”.

ومن جهته، قال الفيلسوف الألماني (مارتن هايدغر) المعروف بانتقاده الشديد للتكنولوجيا الحديثة:” يجب تأمين حرية الإنسان ضدّ هيمنة الآلة أو تجنّب الاسترقاق البشري”. لكن نجد فيه الفيلسوف الروسي (كارل ماركس) قد أبدى إعجابه الكبير بالتكنولوجيا، حيث قال حينئذ:” لتحرير العمّال من المصاعب وإهانات العمل اليدوي، ولإسهامها في الإنتاج الضخم للبضائع”، ولكنه في السياق ذاته ظل ناقدا لها من حيث محتواها الفكري والفني، في حين دعا بعض الفلاسفة إلى البحث عن أخلاق تكنولوجية لا إنسانية. من جهته الفيلسوف الأمريكي (هوبرت دروفيس) الذي ناقش هذا الموضوع في نهاية السبعينات من القرن الماضي في كتابه (ما لا تزال أجهزة الكومبيوتر غير قادرة على فعله) فإن نظرياته لا تزال صالحة في الوقت الراهن، حيث أكد على أن الذكاء الاصطناعي: ” لا يستطيع محاكاة الفكر البشري؛ لأن الآلة لن تكون قادرة على القيام بالوظائف العليا التي يقوم بها البشر على نحو كامل، ما دام أن العنصر البشري هو من يقرر”.

 وفي السياق ذاته، يعترف الفيلسوف الفرنسي (دانيال أندلر) في كتابه (الذكاء الاصطناعي، الذكاء البشري، اللغز المزدوج) : “بخصوص (وعي الذكاء الاصطناعي) أي دليل نستطيع تقديمه لنبرهن على وجود (وعي) عند الآلة الذكية؟ ليس لدينا مفهوم واضح ومحدد للوعي”. ثم يواصل “إذا كانت هناك حكمة من قصّة بلاك لوموان مهندس (غوغل) الذي طُرد من عمله بعد أن أقر بأن روبوت الدردشة (لمدا) يتمتع بوعي وإحساس، فهي أن الآلة الذكية تغير تصورنا للعلاقة بين الإنسان والآلة، وهي من اليوم فصاعداً قادرة على التلاعب بنا، ولذا فإن السؤال الأهم هو كيف نحمي أنفسنا من نفوذها ونفوذ المجموعات التجارية التي تقف وراءها…؟”.

أما الفيلسوف الكندي (ديفيد تشالمرز) يؤكد في كتابه (وعظ الروبوتات) أن دخول الذكاء الاصطناعي:” أصبح وشيكاً في حياتنا اليومية: من السيارات ذات القيادة الذاتية إلى الروبوتات العسكرية والمساعدين الافتراضيين للأطفال والمسنين كلها مدعوة لاتخاذ قرارات متعلقة بسلامتنا” ولكنه في الوقت نفسه يشدد على مخاطر الذكاء الاصطناعي التي قال عنها:” مثل هذه التصرفات لم يتم تدريب الآلة عليها، وهو الجانب الغامض المعروف باسم هلوسات الذكاء الاصطناعي، والتي تتضمن أيضاً الأخبار الزائفة والمعلومات الخاطئة”.

وعليه فإن الفلاسفة على العموم ركزوا كثيرا على الهوة العميقة الموجودة حاليا في السباق المجنون داخل المجموعات التي تحتكر تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لأغراض ربحية، لأنهم أهمية هذا الدور بسرعة فائقة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى