تكنولوجيا

صراع تكنولوجي لترويض عمالقة شركات التقنية العالمية

صراع تكنولوجي .. أعلنت المفوضية الأوروبية عن مراقبة دقيقة ومستمرة لاستراتيجيات شركات التقنية الأمريكية العملاقة في دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي، ضمن خدماتها الرقمية المتنوعة، وذلك للتأكد من التزام هذه الشركات الكبرى بالقوانين واللوائح الأوروبية الجديدة التي تهدف إلى ضمان المنافسة العادلة في الأسواق الرقمية، حيث أكدت المفوضية أنها ستتخذ الإجراءات اللازمة ضد أي مخالفات محتملة وفقاً لما نقلته تقارير صحفية متخصصة في الشؤون الأوروبية.


 

وجاء هذا الإعلان الرسمي في رسالة موجهة من مفوضة التكنولوجيا في الاتحاد الأوروبي “هينا فيركونين” إلى أعضاء البرلمان الأوروبي، والتي شددت فيها على أن الجهات التنظيمية تراقب بدقة بالغة تطورات السوق التقنية لضمان أن تقدم استخدامات الذكاء الاصطناعي في دول الاتحاد الأوروبي، يتم بشكل متوافق تماما مع القوانين السارية والمصممة لحماية المستهلكين وتعزيز المنافسة الشريفة.

 

التزامات قانونية صارمة للشركات المسيطرة

وتصنف التشريعات الأوروبية الحديثة شركات التقنية الأمريكية الكبرى مثل “غوغل” و”ميتا” و”مايكروسوفت”، على أنها جهات مسيطرة على الأسواق الرقمية، مما يفرض عليها سلسلة من الالتزامات والإجراءات الإلزامية بموجب قانون الأسواق الرقمية، الذي دخل حيز التنفيذ مؤخراً.

حيث يتضمن هذا القانون متطلبات صارمة تتعلق بمعالجة البيانات ودمج الخدمات، والاستخدام المتبادل للمعلومات بين المنصات المختلفة،وكتبت المفوضة الأوروبية في رسالتها إن الجهات المسيطرة مطالبة بتوفير إمكانيات تحكم شاملة للمستخدمين في الخدمات الافتراضية المقدمة بما في ذلك خدمات الذكاء الاصطناعي المدمجة بشكل تلقائي في المنصات الرقمية، كما يجب على هذه الشركات الحصول على موافقات صريحة من المستخدمين قبل استخدام بياناتهم الشخصية في تدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي أو دمجها في التطبيقات الذكية.

 

صراع تكنولوجي واستخدام البيانات

وأشارت التقارير إلى أن شركات التقنية الأمريكية بدأت فعلياً في دمج مساعدي الذكاء الاصطناعي ضمن خدماتها الأساسية، حيث قامت شركة “ميتا” بدمج مساعدها الذكي في منصة “إنستغرام” الاجتماعية، بينما بدأت نتائج بحث “غوغل” تعرض ملخصات ومعلومات مولدة بالذكاء الاصطناعي في أعلى صفحات نتائج البحث، مما أثار تساؤلات حول مدى توافق هذه الممارسات مع التشريعات الأوروبية الجديدة.

وأطلقت الهيئة التنفيذية للاتحاد الأوروبي مراجعة شاملة لقواعد المنافسة الرقمية في منتصف الصيف الماضي، مع تركيز خاص على تقنيات الذكاء الاصطناعي، وكيف يمكن للوائح والقوانين الجديدة أن تدعم تطوير قطاع ذكاء اصطناعي قابل للتنافس وعادل في جميع دول الاتحاد الأوروبي، حيث تهدف هذه المراجعة إلى سد أي ثغرات محتملة في التشريعات الحالية.

وأشادت عضو البرلمان الأوروبي عن حزب الخضر الهولندي “كيم فان سبارينتاك”، بموقف المفوضية الأوروبية الحازم، حيث كانت قد وجهت رسالة سابقة إلى المفوضية في فصل الشتاء الماضي تطالب فيها بإدراج تقنيات الذكاء الاصطناعي ضمن نطاق قانون الأسواق الرقمية بشكل صريح وواضح.

وأكدت النائبة الأوروبية في بيان صحفي، أن شركات التقنية العملاقة تحاول توسيع نطاق هيمنتها التقليدية ليشمل سوق الذكاء الاصطناعي الواسع، من خلال استخدام بيانات المستخدمين الشخصية دون أذونات واضحة، لتدريب أنظمتها الذكية ودمجها في تطبيقاتها المختلفة معربة عن ارتياحها لموقف المفوضية الواضح، الذي يؤكد أن هذه الممارسات غير مسموح بها تحت مظلة قانون الأسواق الرقمية الأوروبي.

ويأتي هذا التصعيد الأوروبي في إطار المعركة التشريعية المستمرة بين الاتحاد الأوروبي وشركات التقنية الأمريكية العملاقة، التي تسيطر على الأسواق الرقمية العالمية، حيث تسعى بروكسل إلى وضع حدود واضحة وقيود صارمة على ممارسات هذه الشركات لحماية المستهلكين الأوروبيين وضمان منافسة عادلة للشركات المحلية الناشئة في مجال التقنية.

ومن المتوقع، أن تشهد الفترة المقبلة المزيد من الإجراءات التنظيمية الأوروبية حيث تعمل المفوضية على تطوير أطر قانونية أكثر شمولية لتغطية جميع جوانب التطور التقني السريع مع الحفاظ على حقوق المستخدمين وضمان شفافية الشركات في استخدام البيانات الشخصية وتوضيح آلية عمل أنظمة الذكاء الاصطناعي المدمجة في خدماتها المختلفة.

 ياقوت زهرة القدس بن عبد الله 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى